إنجازات المرأة الإماراتية في مجالات الطب والصحة

المرأة الإماراتية في عالم الطب: ريادة وتفوق

جمانة الصباغ

عند احتفاله بالسنة 15 لتوليه رئاسة الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2021؛ حملت الرسالة التي وجهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إلى شعب الإمارات بهذه المناسبة، كل مضامين ما تمَ إنجازه خلال تلك الفترة الزمنية. وهي بمقاييس العمل الذي تحقق، تبدو شيئًا من الإعجاز، لكنها تعبّر عن الإصرار والعزم والصدق، ما جعل دولة الإمارات نموذجًا إقليميًا وعربيًا وعالميًا. وأكدت معظم افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة صبيحة 4 يناير 2021، أن من يستعرض ما تحقق خلال الخمسين عامًا الماضية، يجد صعوبةً في تخيل ما يمكن أن تبلغه الإمارات في قادم السنوات.

لكن الخيال أصبح حقيقة، ونجحت دولة الإمارات بقيادتها الرشيدة وشعبها المحب والمتفاني في خدمة وطنه، في الوصول إلى مراتب أعلى من التقدم والإزدهار على كافة الصُعد. وأثناء هذا التقدم، كان للإنسان في الدولة نصيبٌ كبير من المتابعة والإرشاد والتوجيه، خصوصًا النساء، للنجاح في مجالات العمل كافةً والإرتقاء بالبلاد إلى مصافٍ عالية.

للمرأة الإماراتية مكانةٌ عالية في التمكين والتشجيع والتحفيز. كيف لا، وهي نصف المجتمع الإماراتي وتقوم بتربية النصف الثاني، وتقف جنبًا إلى جنب مع شريكها الأب والأخ والزوج والإبن، للنهوض بالبلاد؟ ويكفل دستور الإمارات العربية المتحدة حقوقًا متساوية لكلٍ من النساء والرجال؛ وتتصدر دولة الإمارات العديد من المؤشرات الإقليمية والعالمية فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وإنجازات المرأة، والتعليم ومحو الأمية، ونصيب المرأة في قطاع التوظيف، ومؤشر "معاملة النساء باحترام" ضمن مؤشرات الرقم القياسي للتقدم الاجتماعي، إلى جانب مؤشراتٍ عديدة أخرى.

كل هذا الدعم والتمكين، أسهم ويسهم كل يوم، في تحقيق المرأة الإماراتية لنجاحاتٍ وإنجازاتٍ رائدة في مجالات مختلفة. وفي قسم "صحة ورشاقة" على موقع "هي"، أحببنا اليوم تسليط الضوء على بعض النماذج المُشرفة لنساءٍ إماراتيات، في مجالي الطب والصحة.

المرأة الإماراتية في عالم الطب.. ريادة وتفوق

أكدت طبيباتٌ إماراتيات عدة، الحضور اللافت والدور المميز للمرأة الإماراتية في القطاع الطبي بكافة تخصصاته، والإنجازات التي حققتها في خدمة المرضى؛ وذلك بدعمٍ من قيادة الدولة الرشيدة ورؤيتها الطموحة لتشجيع الفتيات على الدراسة والتخصص في مختلف مجالات الطب والصحة داخل الدولة وخارجها، ما أسهم في تعزيز نهضة دولة الإمارات التنموية والحضارية.

وشهدت الدكتورة منى تهلك، المديرة التنفيذية للشؤون الطبية في مؤسسة دبي الصحية، الأكاديمية المديرة التنفيذي لمستشفى لطيفة للنساء والأطفال، على تفوق الطبيبات الإماراتيات والإنجازات التي حققنها في مختلف مجالات الطب والرعاية الصحية، من طب الأسرة والطوارئ والأعصاب وطب الأسنان والجراحة، إلى التمرين والأشعة والمختبرات والبحوث وغيرها. لتثبت بما لا يقطع الشك "أنها شريكٌ قادر وفاعل في جميع الميادين".

وقالت في أحد التصريحات السابقة احتفالًا بيوم المرأة الإماراتية: "تجمعنا إرادةٌ قوية لمواصلة تمكين المرأة الإماراتية في المجال الطبي، حيث نسعى جاهدين لتوفير بيئةٍ مُحفَزة تشجع على الطموح والتعلم المستمر، ونتطلع إلى مستقبلٍ مشرق يحتضن المزيد من القيادات النسائية سواء في مجالات البحث الطبي أو الإدارة الصحية لخدمة مجتمعنا وأجيالنا القادمة."

كذلك عبَرت الدكتورة خولة حميد بالهول، مديرة مستشفى دبي للأسنان، عن تقديرها للمرأة الإماراتية العاملة في مجال الصحة والطب، والتي حققت الكثير من الإنجازات المهمة، بالقول: "كل طبيبة من بيننا تُمثَل جزءًا من رؤية مؤسسة دبي الصحية الأكاديمية الرامية إلى الارتقاء بصحة الإنسان. وعند التأمل بواقع طب الأسنان تحديدًا، تستحضرني بدايتي مع الدراسة في الغربة بعيدًا عن الأهل والوطن، لدراسة التخصص الذي أصبح اليوم متوفرًا في الدولة؛ وكيف باتت الإماراتيات اليوم يشغلنَ نسبة كبيرة من القوة العاملة المواطنة في هذا المجال وما يتميزن به من إطلاعٍ وتمرس بأحدث العلاجات والتخصصات الدقيقة والأجهزة والتقنيات، ليس قياسا بالأطباء من المواطنين فحسب بل كذلك بنظيراتهنَمن حول العالم."

بدورها، أشارت الدكتورة رشا بو حميد؛ مسؤولة الدرسات العليا التخصصية في عمادة الدراسات الطبية العليا في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، إلى أن السنوات الأخيرة شهدت اهتمامًا متزايدًا ومتناميًا من قبل بنات الوطن للدراسات العليا في التخصصات الطبية النادرة والدقيقة رغم صعوبتها ومشاقها، وهو دليلٌ ملحوظ على تنامي التنوع والحضور اللافت للمرأة في القطاع الطبي. ما يُلبَي احتياجات وتوقعات المرضى من جهة وأولويات واحتياجات الدولة من جهة أخرى، ويُشكل عاملًا مُحفزًا لسائر الفتيات الطموحات والمتطلعات لخوض مسيرةٍ مهنية في المجال الطبي.

إنجازات المرأة الإماراتية في مجالات الطب والصحة

فلنتعرف سويًا عزيزتي على بعض تلك النماذج المُشرفة لنساء إماراتيات، تركنَ بصمةً في مجالي الطب والصحة، وكرسنَ جهودهنَ (وبعضهنَ ما زالت تفعل) في سبيل نهضة دولة الإمارات وتبوأها أعلى مراتب الشرف والتقدير حول العالم.

البداية مع الدكتورة فريدة الحوسني ..

الدكتورة فريدة الحوسني
الدكتورة فريدة الحوسني

بالتأكيد لا يمكن لأحد نسيان هذه السيدة الإماراتية، التي كانت تطل علينا من شاشات التلفاز خلال جائحة كوفيد-19 لتقديم الإحاطة الصحية بالفيروس كل يوم. والدكتورة فريدة الحوسني هي المتحدث الرسمي عن القطاع الصحي في دولة الإمارات؛ وبجانب جهودها في دعم مكافحة فيروس كورونا، تشغل منصب مديرة إدارة الأمراض السارية بمركز أبوظبي للصحة العامة، التابع لدائرة الصحة في أبوظبي. كما تعمل في منصب أستاذة مشاركة في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة الإمارات.

حصلت الدكتورة الحوسني على درجة البكالوريوس من كلية الطب والجراحة العامة في جامعة الإمارات عام 2003؛ وفي رحلتها نحو اكتساب المزيد من العلم، أشبعت الدكتورة الإماراتية فريدة الحوسني نهمها نحو العلوم المختلفة لتحصل على ماجستير في الصحة العامة بالعام 2001 من جامعة هوبكنز في الولايات المتحدة الأمريكية.وفي العام 2017 نجحت الدكتورة الإماراتية فريدة الحوسني في الحصول على دبلوم خبير الابتكار الحكومي من "مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي" وجامعة كامبريدج في بريطانيا.

واصلت مشوار التعلم واكتسب الخبرات، وفي العام 2018 حصلت على الدكتوراه في الصحة العامة والسياسات الصحية من جامعة جون هوبكنز. وتقديرًا لدورها التعليمي والطبي المهم، حازت الدكتورة فريدة الحوسني على العديد من الجوائز، كما حققت إنجازاتٍ طبية متعددة؛ منها جائزة الامتياز في التدريس من قبل جامعة الإمارات في العامين 2014 و2017؛ جائزة حمدان بن راشد التعليمية للأداء المتميز في العام 2007، وجائزة "برافو للموظف المتميز" الممنوحة من قبل دائرة الصحة في أبوظبي، والتي حازتها في بداية مشوارها في العام 2009.

الدكتورة نوال الكعبي

الدكتورة نوال الكعبي
الدكتورة نوال الكعبي

طبيبةٌ إماراتية لامعة، تركت بصمةً قوية وراسخة في القطاع الصحي، من خلال عملها كمدير طبي تنفيذي لمدينة الشيخ خليفة الطبية. وقد عملت أيضًا كرئيس لجنة صحة لمكافحة العدوى منذ سبتمبر 2012، ورئيس اللجنة الوطنية السريرية لفيروس كورونا المستجد منذ فبراير 2020. الدكتورة نوال الكعبي عضوٌ في اللجنة الدولية لرعاية المرضى في وزارة الصحة الإماراتية منذ 2007، ورئيس اللجنة منذ 2017؛ وقد ترأّست  بين عامي 2012 و2016، المجموعة الاستشارية الفنية الوطنية للتحصين بوزارة الصحة الإماراتية، ثم أصبحت نائبًا لرئيسها من 2017.

بدايات الدكتورة الكعبي كانت من جامعة الإمارات في العين، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة، وعلى شهادة الزمالة في طب الأطفال من الكلية الملكية للأطباء في كندا عام 2020، وأمراض الطفولة المُعدية عام 2004. كما نجحت في الحصول على زمالة مكافحة العدوى في مستشفى شرق أونتاريو للأطفال التابع لجامعة أوتاوا الكندية.

لم تتوقف الدكتورة الإماراتية نوال الكعبي عند هذا الحد؛ فطموحها وشغفها بالتحصيل العلمي، دفعا بها لمواصلة الدراسة والحصول على شهادة البورد الأمريكي في طب الأطفال عام 2001، وشهادة في البحوث العالمية من جامعة هارفارد عام 2015، وشهادة البورد الأمريكي في الجودة عام 2017، وشهادة طبيب معتمد من الجمعية الأمريكية للقيادة الطبية، الولايات المتحدة الأمريكية في يوليو 2019؛ وما كل هذه الشهادات إلاتأكيدٌ على قيمتها الكبيرة وخبراتها الواسعة في المجال الطبي.

الدكتورة فريدة الخاجة

الدكتورة فريدة الخاجة
الدكتورة فريدة الخاجة

من أبوظبي العاصمة، إلى دبي دار الحي.. هناك العديد من النماذج المُشرفة للمرأة الإماراتية في مجالي الطب والصحة، والتي قد لا يتسع المجال لذكرهنَ جميعًا.

لكن بالتأكيد لا يمكننا إغفال الحديث عن الدكتورة فريدة الخاجة، المديرة التنفيذية لقطاع الخدمات الطبية المساندة والتمريض في هيئة الصحة حصلت الدكتور الخاجة على درجة الماجستير التنفيذي في إدارة الرعاية الصحية بامتياز مع مرتبة الشرف، من جامعة زايد بالإمارات؛ وكذلك الدبلوم المهني في إدارة الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية من الجامعة الأمريكية في القاهرة. وهو ما يؤكد على عزمها على الاستزادة من كافة علوم الطب وتقديم هذه العلوم لوطنها.

لم تتوقف الدكتورة الخاجة عند هذا الحد؛ بل سعت ودرست ونجحت في التخرج من برنامج القيادات الحكومية الإماراتية من مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، كما تخرجت من برنامج رواد الصحة التنفيذي من كلية محمد بن رائد للإدارة الحكومية بالتعاون مع كلية أمبريال كوليدج البريطانية.

تتمتع الدكتورة فريدة الخاجة بتاريخٍ حافل بالإنجازات والخبرات العلمية المتنوعة، والتي ظفَتها هذه السيدة الإماراتية الناجحة في قطاعات الخدمات الطبية في دبي، خدمةً لوطنها وشعبها الذي يثابر على تحقيق أسمى النجاحات والإسهامات في رفعة الإمارات.

أسماء إماراتية ناصعة في مجالات الطب والصحة

الدكتورة عائشة مصبح المعمري أثناء تكريمها من قبل رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
الدكتورة عائشة مصبح المعمري أثناء تكريمها من قبل رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

تجدر الإشارة إلى أن تاريخ دولة الإمارت، يحفل بالعديد من الأسماء الناصعة والمشرقة، لسيداتٍ إماراتيات اخترن خدمة الوطن وتكريس علومهنَ وخبراتهنَ في سبيل خدمة الناس والمجتمع. منهمَ الدكتورة عائشة مصبح المعمري التي تُعتبر أول طبيبة إماراتية متخصصة في مجال طب الطوارئ والعناية المركزة. وسلمى الشرهان، أول ممرضة إماراتية كانت تُلقب بإسم "فلورانس الامارات"؛ وقد عملت في مهنة التمريض لمدة 52 عامًا، كرست نفسها خلالها لخدمة الناس في المناطق الجبلية منذ الخمسينينات.

يبرز أيضًا إسم الدكتورة حسنية قرقاش في مجال امراض النساء والولادة، وهي من أوائل الإماراتيات اللاتي عملنَ في هذا المجال. ونجحت قرقاش في تأسيس أول مركز إخصابٍ وأمراض النساء والتوليد في دولة الإمارات.

في مجال الطب التخصصي، يلمع إسم الدكتورة عائشة سلطان السويدي؛ وهي أول إماراتية متخصصة في مجال طب الأسنان في السبعينيات. والدكتورة موزة سلطان الكعبي، أول جراحة عظام إماراتية ساهمت في تحقيق إنجازات علمية وطبية في مجالها، وكان لها العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية، لكن الموت غيبَها باكرًا وتوفت عن عمر 31 عاماً.

حبيبة الصفار مختصةٌ في مجال الامراض الجينية، والدكتورة حواء سعيد المنصوري متخصصة في قسم أمراض الباطنية والغدد الصماء؛ والأخيرة قامت بإنتاج أنبوب القسطرة المطوَر بأيدي إماراتية.

الدكتورة فوزية أحمد العلي سعت لتقديم الخدمات العلاجية لكبار السن، من خلال مبادرتها "لست وحدك"، وذلك بتوفير اشتراكاتٍ لهم في مشروع العيادة المتنقلة التي أطلقتها، وتنظيم زيارات ميدانية لمجالس كبار السن لتثقيفهم في مجال طب الأسنان. في حين أن الدكتورة أمل الشنار، هي استشاريةٌ في الإخصاب خارج الجسم وطب الإنجاب والأمراض النسائية، وقد قامت بتأسيس "مركز الفقيه للإخصاب" بالتعاون مع الدكتور مايكل فقيه. إضافةً إلى الدكتورة مريم مطر، مؤسسة ورئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للأمراض الوراثية، ومؤسَسة جمعية الإمارات للأمراض الجينية عام 2004. وكان لي شرف اللقاء معها في العام 2002 وإجراء مقابلة لمجلة "هي" تحدثت فيها عن الجمعية وأهدافها، كما استعرضنا بالتفصيل مسيرتها المهنية المكلَّلة بالنجاح.

في الختام؛ وكما أسلفنا، فإن المساحة لا تتسع لكافة النساء الإماراتيات اللاتي سطعت أسماءهنَ، وما زالت، في سماء الإنجاز والتفوق والخدمة المجتمعية في مجالات الطب والصحة. أسماءٌ محفورة في تاريخ دولة الإمارات، التي رفعت من شأن وقيمة المرأة الإماراتية وقدمت لها كافة الدعم والتسهيلات، لتبدع في مختلف المجالات.

وبمناسبة يوم المرأة الإماراتية اليوم، نتوجه بأسمى آيات التبريكات والتهاني لكل سيدة وفتاة إماراتية، متمنين لهنَ دوام الصحة والنجاح في حياتهنَ