خاص "هي".. رحلة حب الذات مع دانة الرحبي: تعلمي كيف تشعرين بالرحمة والحب غير المشروط تجاه نفسك
في عالم يفرض علينا إيقاعاً سريعاً ومطالب لا تنتهي، قد يصبح حب الذات مفهوماً معقداً، تتأرجح فيه النساء بين العطاء للآخرين والاهتمام بأنفسهن. لكن كيف نحقق التوازن بين الوعي والأنانية الإيجابية؟ وكيف يؤثر حب الذات على رحلاتنا العاطفية والعقلية؟ في هذا اللقاء، نغوص في أعماق هذه الأسئلة مع دانة الرحبي، كاتبة، ومعالجة بالصوت معتمدة، ومدربة سلام داخلي، تسير في رحلة تهدف إلى تعزيز التأمل والتشافي، والتي تتحدث بصراحة عن رحلتها نحو الاستشفاء الذاتي، وكيف ساعدها إدراك قيمة الذات في بناء حياة أكثر وعياً وانسجاماً. من أهمية الامتلاء العاطفي إلى دور الكتابة والتأمل في تحقيق السلام الداخلي، تأخذنا دانة الرحبي في رحلة استكشافية ملهمة تضع حب الذات في قلب التغيير الحقيقي.
كثيراً ما تتحدثين عن أهمية التوازن بين الأنانية والوعي في حب الذات. كيف يمكن للناس التنقل بينهما في حياتهم اليومية؟
ببساطة، تكمن الإجابة في إدراك أن نوعية الحب والرعاية التي نمنحها للأشخاص من حولنا تختلف بشكل جذري عندما تكون نابعة من كأس مليء بدلًا من كأس فارغ. غالباً ما أستعين بمثال الكأس عندما أتحدث عن حب الذات؛ علينا أن نتعلم كيف ومتى نملأ كأسنا حتى يفيض، وحينها يصبح الحب الذي نقدمه أكثر عمقاً وثراءً، مفعماً بكل ما يحتاجه الآخرون. أما إذا كان الكأس فارغاً، فسيصبح من المستحيل أن نمنح من حولنا شيئاً حقيقياً، وستستنفذ طاقتنا تدريجياً حتى نجد أنفسنا مرهقين، غاضبين، أو محبطين. ومع ذلك، لا ينبغي أبداً أن يُفهم حب الذات على أنه أنانية؛ بالعكس، كلما أحببنا أنفسنا بصدق، كلما منينا بالمزيد من الحب لنقدمه للآخرين، دون أن ينقصنا شيء.
ما دور حب الذات في تحقيق التوازن العاطفي والعقلي، خاصة بالنسبة للنساء في رحلاتهن الطامحة نحو التغيير؟
نميل بطبعنا كنساء في كثير من الأحيان إلى أن نكون قساةً جداً مع أنفسنا، بينما نحمل في نفس الوقت قدراً هائلاً من الحب والاهتمام تجاه الآخرين الذين نحبهم. وعندما أدركت هذه الملاحظة في نفسي، ثم رأيتها تتكرر بين النساء من حولي، تساءلت: كيف يمكننا الوصول إلى أعماق التوازن الداخلي إذا لم نكن قادرين على أن نكون لطيفاتٍ مع أنفسنا؟ لذلك، أعتقد أن حب الذات هو حجر الزاوية في تحقيق التوازن العاطفي والعقلي وأساس لأي نوع من الاستشفاء. خلال رحلتنا، سنواجه حتماً تحدياتٍ وصعوبات، قد تكون في تعلم شيء جديد، أو مواجهة مشاعر أو مواقف صعبة، أو حتى التخلي عن عادات قديمة لم تعد تخدمنا. وعندما نمرّ بتلك الأوقات العصيبة، سيكون حب الذات هو الدعم الذي نحتاجه لنبقى صامدات ونمنح أنفسنا المساحة لمواصلة الرحلة.
ما الذي زاد اهتمامك حول الوعي البشري ودور العقل في تحقيق السلام الداخلي؟
كان الهدف الأساسي من بدء رحلتي نحو الاستشفاء وزيادة وعيي هو توفير بيئة أفضل لأطفالي الصغار. مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ كيف أنني أتغير وأشعر بحماسٍ أكبر يغلف حياتي، مما جعلني أدرك أنني كنت أفعل ذلك من أجل نفسي أيضاً. ثم شعرت بالتأثير الذي تتركه محاضراتي وتدريباتي على النساء في مجتمعي، وأدركت أن الصورة تصبح أوضح مع مرور الوقت. اليوم، وصلت إلى مكانٍ في رحلتي يمكنني من خلاله أن أقول بثقة: أنا السلام الداخلي، أتناغم معه وأعيش أيامي برفقته، وإنّ مشاركته مع مجتمعي أصبح هدفاً لي.
كيف أثر كونك مدربة معتمدة للسعادة ومستشارة أسرية على نهجك في التطوير الذاتي؟
أنا مؤمنة بشدة بأهمية البحث، وحضور الدورات التدريبية، وقراءة الكتب، واستكشاف فرص التعلم المستمر. لقد حضرت مئات الدورات وحصلت على العديد من الشهادات طوال رحلتي الاستشفائية حتى الآن. لم تكن جميعها ممتازة أو مؤثرة، لكنني بالتأكيد تعلمت شيئاً جديداً عبر كل واحدة منها. أعتقد أن التعلم المستمر يوسع آفاقك ويمنحك المزيد من المعرفة والأدوات التي يمكنك استخدامها وتطبيقها ليس فقط على نفسك ولكن أيضاً ضمن مجتمعك.
ما النصيحة التي تقدمينها للنساء اللواتي بدأن للتو رحلاتهن نحو التطوير الذاتي، للانطلاق في الطريق الصحيح؟
اسعي دوماً لزيادة مستوى حبك لذاتك وتعلمي كيف تشعرين بالرحمة والحب غير المشروط تجاه نفسك. عند بدء رحلة الاستشفاء، من السهل أن تقع المرأة في فخ اللوم الذاتي والحكم على نفسها، خاصة إذا كانت تحاول الاستشفاء من شيء يثقل كاهلها أو تسعى لاكتساب عادة جديدة في درب العافية مثل التأمل. بدون حب الذات، قد تبدأين في الحكم على نفسك أو لومها لعدم قيامك بالأمور بالشكل المطلوب. لكن عندما تفهمين أنكِ بالفعل كافية على كل مستوى كما أنت، يمكنكِ دعم نفسك بشكل أكبر والتعامل مع الأوقات الصعبة بمرونة. أن تكوني داعمة لنفسك وأن تكوني مصدر حبك الأول هو النصيحة الأولى التي أبدأ بها.
كيف يبدو يومك الصحي، وكيف تدمجين التوازن في روتينك اليومي؟
روتين الصباح بالنسبة لي أساسي للغاية، فبدء يومي بشكل صحيح يساعدني بالتأكيد على الاستمتاع ببقية اليوم. إنّ الروتني الصحيح هو الذي يحدد اليوم ويوفر لي طاقة أساسية أعود إليها كلما احتجت إليها خلال اليوم. يتغير روتيني الصباحي وفقاً لاحتياجاتي الجسدية والعقلية والعاطفية في تلك الفترة الزمنية المحددة، ولكن في الغالب أحب الاستيقاظ قبل شروق الشمس، أبدأ يومي بالصلاة والذكر، ثم أتناول الماء، وأمارس بعض الحركات الجسدية، أخرج إلى الهواء الطلق وأنتظر شروق الشمس في تأمل. دائماً ما يكون علاج الأروما ثيرابي جزءاً من يومي، بالإضافة طبعاً إلى كتابة اليوميات مع كوب من الأعشاب هو دائماً الختام المثالي لروتيني الصباحي وبداية يوم مميز.
لقد استكشفتِ العديد من أساليب الاستشفاء. هل هناك أساليب معينة وجدتها أكثر تأثيراً؟
ما يعجبني في هذا السؤال هو أنه يعكس تماماً الطريقة التي يفكر بها الناس عندما يتعلق الأمر بالعافية. دائماً ما يبحثون عن الممارسة الأكثر تأثيراً أو الأقوى، ولكن من خلال رحلتي الخاصة، ما وجدته هو أنه لا توجد ممارسة "أفضل" بشكل مطلق، بل هناك ممارسات تكون أكثر فاعلية بناءً على موقعك من رحلتك الاستشفائية الآن. خلال رحلتك، تستمر في إزاحة الستار عن طبقات عميقة كانت مخزنة في عقلك وجسمك وذاتك، وكل طبقة تمثل شيئاً تحتاج إلى الإحساس به أو الاستشفاء منه أو التخلص منه. قد تكون هذه الطبقات تتعلق بصدمات قديمة، أو مخاوف، أو عادات، أو مشاعر، أو طاقات راكدة، وما إلى ذلك. كل طبقة تكشفها ستحتاج إلى ممارسات عافية مختلفة يمكن أن تدعمك بشكل أكبر من غيرها. بالنسبة لي، على سبيل المثال، عندما أتعامل مع أي شيء يتعلق بطفلتي الداخلية، أختار الكتابة اليومية؛ وعندما أتعامل مع المخاوف، أختار التأمل؛ وعندما أحتاج إلى تطهير الطاقة الراكدة، أختار العلاج بالصوت، وهكذا. كلما كنت أكثر وعياً بنفسك واحتياجاتك ومكانك في رحلتك الخاصة، كان من الأسهل اختيار الممارسة الأكثر فاعلية التي يمكن أن تدعمك في المرحلة التي أنت فيها الآن.
ما دور الممارسات الروحية والنفسية في بناء حياة أكثر وعياً ومرضية أكثر؟
أعتقد أنه كلما كنت أكثر وعياً بهدفك في الحياة، ومتصلًا بذاتك الداخلية وعالمك، ومنيت برحلة استشفاء إلى درجة أن السلام الداخلي أصبح طاقتك الطبيعية، عندها فقط ستكون متوازناً مع كل شيء من حولك. علاقاتك، وعائلتك، ومسيرتك المهنية، والتجارب التي تجذبها ستصبح جميعها تصب في مصلحتك العليا، وهذه هي الطريقة التي يجب أن نختبر بها رحلاتنا. بمعنى آخر، إذا كنت ترغب في بناء حياة أكثر وعياً ومرضية أكثر، اعتمد على ممارساتك الروحية والنفسية لتجد نفسك الحقيقية، واملأها بكل ما تحتاجه، ومنحها الشفاء الذي تتطلبه، واسمح لتلك الممارسات أن تحول حياتك بشكل كامل.
في كتابك "السكون في عاصفة الحياة"، تشاركين رحلتك العلاجية الشخصية. ما الذي ألهمك لكتابة الكتاب، وكيف أثر في قرّائك؟
إنّ كتاب "السكون في عاصفة الحياة" هو أول كتاب لي. جاء بعد قضائي أول ثلاث سنوات من رحلتي الاستشفائية الخاصة في العلاج النفسي، حيث اكتشفت ذاتي الحقيقية وبدأت في شفاء كل طبقة كانت تعيقها. في اللحظة التي أعدت فيها الاتصال بذاتي، شعرت فوراً بسلام داخلي عميق، وكان ذلك شعوراً مغايراً لدرجة أنني أردت أن يشعر الجميع من حولي بهذا السلام ويختبروه. كانت هذه اللحظة هي الشرارة التي دفعتني لمشاركة قصتي، وحتى اليوم يملأ قلبي الفرح والرضا كلما جاءني قارئ ليشاركني كيف أثّر الكتاب في حياته وكيف ألهمه لبدء خطوات صغيرة نحو شفاءه، خاصة عندما أتلقى هذا النوع من التعليقات من فتيات صغيرات، فأشعر بفخر كبير لأنهن بدأن رحلاتهن بشكل واعٍ منذ وقت مبكر، وهذا يجعلني أتصور مدى قوة التحول والتغيير الذي يمكن أن يخضنّه.
ما دور الكتابة في استشفائك واكتشافك لذاتك، وكيف تستخدمينها لتمكين الآخرين؟
الكتابة كانت ملَكتي الأولى في رحلتي الاستشفائية. علمتني معالجتي النفسية أن الكتابة تفتح باباً إلى قلبك وروحك، وقد كانت محقة تماماً. كلما كتبت، اكتشفت زوايا مظلمة في روحي كانت بحاجة إلى الضوء، كما تمكنت من التعرف على جوانب نفسي الحقيقية والأصيلة، بما في ذلك قدراتها وضعفها. من خلال الكتابة، تمكنت من الحصول على وضوح في كل خطوة كنت بحاجة إلى اتخاذها في رحلتي الاستشفائية.
اليوم، أشجع مجتمعي على ممارسة الكتابة عبر أسئلة موجهة أتركها لهم بعد كل جلسة استشفاء نعيشها معاً. كما أخصص العديد من ورش العمل لهذا الموضوع تحديداً: كيف يمكن للكتابة أن تساهم في استشفائنا. الأثر الذي أراه على النساء في هذا المجال يملأ قلبي بالدفء والسعادة. وإن إنستغرام أيضاً إحدى الأدوات التي أستخدمها لمشاركة أسئلة الكتابة بين الحين والآخر، بما يتناسب مع ما نمر به في تلك اللحظات، مثل أسئلة الكتابة في أيام اكتمال القمر، وأيام الهلال الجديد، وأوقات التحضير لاستقبال رمضان على المستوى الروحي، بالإضافة إلى موضوعات حب الجسد، التسامح، وغيرها الكثير.
كيف تصفين مشاركتك في مهرجان "كيان" للعافية؟ ولماذا تعتبرين مثل هذه المهرجانات مهمة؟
تزخر مشاركتي في مهرجان "كيان" هذا العام بالامتنان العميق، حيث أتيحت لي الفرصة للتواصل مع مجتمعي من خلال المساحة الآمنة التي يبتكرها المهرجان. إن إنشاء بيئة مليئة بالاستشفاء، والحب، والنور، حيث يمكن للناس أن يأتوا ويشعروا بالسلام، هو شيء لا يمكن تقديره بثمن. في هذا المهرجان، سأشارك في مناقشة غنية حول ممارسات العافية الإماراتية القديمة وكيف يمكن دمجها في حياتنا اليومية العصرية.
أعتقد أن المهرجانات مثل مهرجان "كيان" تعد فرصة رائعة لأي شخص في رحلة استشفاء لاكتشاف ممارسات عافية جديدة لم يجربها من قبل. إذا كنتِ تشعرين بالتعثر في رحلتك العلاجية وتحتاجين إلى إلهام أو دعم، أو حتى إذا كنتِ في بداية رحلتك ولم تعرفي من أين تبدأين، فإن هذا النوع من المهرجانات هو بالضبط ما تحتاجين إليه. ستغادرين المكان وأنتِ مفعمة بالدعم والقوة، وستشعرين بالتجدد. أنا أشجع كل روح على تخصيص وقت لهذا النوع من الاستكشاف، لأن روحك تتوق إليه بكل تأكيد.