
حرية التقدم في العمر بشروطكِ الخاصة.. سارة زعيتر تروي لـ"هي" تجربتها مع تجميد البويضات
لطالما ارتبط الزمن بخيارات المرأة المصيرية، إذ كان يُنظر إلى الخصوبة على أنها ساعة بيولوجية لا هوادة فيها، تحدّد مسار الحياة وفق إيقاعها الخاص. لكن مع التطور العلمي والتغيرات الاجتماعية، أصبح بإمكان المرأة إعادة تعريف علاقتها بالوقت، واتخاذ قراراتها بعيدا عن الضغوط التقليدية. تماما كما تهتم المرأة بروتينات العناية بالبشرة والصحة للحفاظ على نضارتها، أصبح تجميد البويضات خيارا يمنحها الفرصة للحفاظ على خصوبتها، لتعيش حياتها وفق شروطها الخاصة، بلا استعجال أو قيود.
في هذا اللقاء الخاص، تشاركنا المؤثرة سارة زعيتر، المعروفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـBloggerWanabe، تجربتها الشخصية مع تجميد البويضات.. رحلة لم تكن سهلة، ولكنها كانت ضرورية. على الرغم من اشتهارها في تقديم محتوى كوميدي عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف لنا سارة جانبا أكثر عمقا وعاطفيا لم تشاركه من قبل، متحدثة عن لحظة التحول التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار، والمخاوف التي واجهتها، وكيف غيّرت هذه التجربة نظرتها للمستقبل.

هل كان هنـــاك لحــظــة معــيـــنــــة أدركتِ فيـــهــــا أن هـــذا هــــو القرار المناسب لكِ؟
مع بلوغي الثلاثيـنيـــات وكـــــوني عـــازبــــــة، تلقـــيت الكثير من التشجيع من عائلتي وأصدقائي للخضوع لبرنامج تجميد البويضات. ومع ذلك، لم يكن هذا الأمر خيارا فكرت فيه، ببساطة لأنني لم أرغب في إنجاب الأطفال. لم يكن الضغط للحفاظ على خصوبتي يتماشى مع قراراتي وقتها. لكن بعد وفاة والدي، تغيّرت نظرتي للحياة بالكامل. فقدانه جعلني أدرك مرور الوقت بشكل مختلف، وأصبحت لدي رغبة قوية في أن أكون أمّا، وأصبحت مستعدة لاتخاذ هذه الخطوة.
كونكِ شخصية مؤثرة وشاركتِ رحلتك مع تجميد البويضات مع متابعيك، ما الذي دفعك للتحدث علنا عن الموضــوع؟ وما المفــاهيـــــم الخاطئة التي ترين أنه يجب تصحيحها؟
أدركت أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة والمحظورات المـــرتــبــطـــة بتـجــمــيــد البـــويـــضــات. لـــذلك، شـعــــــرت كمؤثرة بمسؤولية مشاركة تجربتي لرفع مستوى الوعي حول هذا الموضوع. الحفاظ على الخصوبة ليس أمرا يجب الخجل منه، وليس إجراء مخصصا فقط للنساء اللواتي لم يجدن الشريك المناسب. إنه خيار استباقي يُمكّن المرأة من التحكم بمستقبلها الإنجابي بعيدا عن أي ضغط اجتماعي أو توقيت مفروض. كذلك، هناك مبالغة في الحديث عن صعوبة عملية تجميد البويضات وآثارها الجانبية، وهو ما قد يثني بعض النساء عن خوضها.
تســـتـــثــــمر الــنـســـاء الكثـيـــر في العناية بالبشرة والصحة للحفاظ على الشباب، هل ترين أن تجميد البويضات هو امتداد لهذه الفكرة، للحفاظ على الخيارات المستقبلية؟
بالتأكيد. مع ارتفاع متوسط سن الزواج وزيادة وعي النساء بخيارات الحفاظ على الخصوبة، سيصبح تجميد البويضات جزءا من مفهوم العناية بالصحة والرفاهية.

غالبا ما تشعر النساء بضغط المجتمع حول "الجدول الزمني" التقليدي. هل واجهتِ أي انتقادات أو آراء غير مرغوبة عند مشاركة قرارك؟ وكيف تعاملتِ معها؟
النساء يتعرضن لضغوط هائلة فيما يتعلق بالمحطات الكبرى في الحياة، مثل الزواج، والإنجاب، وحتى المسار المهني. عندما شاركت تجربتي حول تجميد البويضات، فوجئت بكمية الدعم والتشجيع التي تلقيتها من متابعيّ. الكثير منهم عبروا عن تقديرهم لخياري، حتى إن بعضهم بدؤوا التفكير في خوض التجربة. هذه الرحلة ليست سهلة دائما، ولكن وجود مجتمع داعم من نساء قويات ويتمتعن بمستوى الوعي الفكري نفسه يجعلها تجربة أكثر قوة وإيجابية.
هل غيّر تجميد البويضات نظرتك للتقدم في العمر؟ وهل تشعرين بأنك أكثر تحررا لأنك سيدة قرارك؟
نعم، تماما. تجميد البويضات غيّر نظرتي للتقدم في العمر، ومنحني شعورا بالطمأنينة، لأنني أتحكم في مستقبلي، بدلا من أن أكون مقيدة بساعة بيولوجية. بدلا من القلق حول مرور الوقت، أشعر بالقوة والتمكين لأنني أعلم أنني قد منــحـــت نفــســـي خيــارات متى ما كنت جاهزة لذلك. التقدم في العمر أمر لا مفر منه، لكنني لم أعد أراه عائقا، بل فرصة لأعيش حياتي وفقا لشروطي الخاصة، بعيدا عن ضغوط الخصوبة والمجتمع. إنه تذكير لكل النساء بأنهن ما زلن قادرات على بناء المستقبل الذي يردنه، بغض النظر عن المرحلة التي هنّ فيها.
ما الجــــزء الأكـثـــر عاطــفــيـــة في هــذه الــرحــلـــة؟ وهــــل كان هناك خوف، أم راحة، أم مزيج من الاثنين معا؟
كانت التجـــربة مليئة بمشاعر متناقضة. أكثر اللحظات عــــاطـــــفــــــــيــــة كــــانت خــــــــلال مرحــلـــة الحــقـــن والعــــلاجــــــات الهرمونية. وفقا لتجربتي الخاصة، كان هناك مزيج من الخوف والراحة. الخوف كان مرتبطا بالمجهول، كيف سيتفاعل جسدي؟ كيف سيؤثر ذلك في حالتي العاطفية والـهــرمـــونــيــة؟ لكن طبيـــــبي د. أحمد فقيه، كان له دور كبير في تهدئتي وطمأنتي خلال هذه الفترة. كان هناك أيضا خوف من النتائج، هل سيكون الإجراء ناجحا؟ ولكن بمجرد أن بدأت، شعرت بأن جسدي وعقلي يتكيفان مع التجربة، وهو ما منحني شعورا بالارتياح.

يقال إن تجميد البويضات يخفف من الضغط للعثور على "الشريك المناسب" بسرعة. هل أثر هذا القرار في نظرتك للحب والعلاقات؟
بالتأكيد. أشعر بالقوة والتمكين والراحة، من دون أي ضغط للاستعجال في الدخول بعلاقة غير ضرورية لمجرد الخــــــوف مـــن التـــقــــدم بالعمر وتراجع الخصوبة. معرفة أن الوقــــت ليس ضـــدي سـمـــــح لي بــــأن أكــــون أكثر يقينا في الحب، بدلا من الشعور بأنني بحاجة إلى الاستقرار بسرعة بسبب عامل الوقت. تجميد البويضات يمكن أن يغير بشكل كبير ديناميكيات الحب والعلاقات، حيث يمنح المرأة مزيدا من الوقت للتركيز على أهدافها الشخصية. شخصيا، لم أشعر يوما بالضغط للعثور على شريك بسرعة بسبب مخاوف تتعلق بالخـصـــوبـــــة. أنا مـــؤمنــــة بالحـــب وأحلم بإيجاد الشريك المــنــــاسب الـــذي يجـــمــعنـــــي بـــه ارتـــــبـــاط حقــيــقـــي ورفقة حقيقية، ولم يؤثر هذا الإجراء في رؤيتي لاختيار الشخص المناسب. اليوم، أشعر بتمكين أكبر في قراراتي العاطفية، حيث أصبـحـــت أمتــــلك مـــــرونة أكبر في تحديد التوقيت المناسب لي.
يتم غــالــبـــا تناول مـــوضـــوع تجــمـيــد البويضات من النــاحـيـــة البـيــولوجيـــة فقط، ولكن مــاذا عن القوة الذهنية والعاطفية التي يمنحها؟ كيف أثر هذا القرار في إحساسك بذاتك؟
بــصـــراحــــة، أشــعــــر بالــتــحــــرر. لم أعــــد مقـــيــــدة بالســاعــــــة البيولوجية أو بالضغوط الاجتماعية والعائلية المرتبطة بها. هذا الـــقـــرار أزال عني الكثير من التوتر والقلق غــيـــــر الضروريين.
إذا أردتِ توجيه رسالة إلى نفسك بعد 10 أو 15 سنة، فماذا ستقولين لها عن هذا القرار؟
إلى نفسي المستقــبــلــيـــة، آمل أن تــنــظــــــري إلى الوراء بفخر على هذه الخــطـــوة الـــتي اتــخــذتـــــــهــــا. آمل أن تــكــونـــــــي قد اتخذت خيارات جعلتك سعيدة، سواء استخـــــدمت هذه البويـــضـــات أم لا. الأهم هو أنك اتخذت قـــرارا بحكمة، ولـــيس بــــدافـــــع الـــخــــوف. لـــقـــد سيـــطــــرت على خياراتك، ووضعت رفاهيتك في المقدمة، واتخذت خطوة تتطلب قوة وشجاعة. كوني فخورة بنفسك، فأنت قادرة على كل شيء!
ما الرسالة التي توجهينها للــنــســــاء اللواتي يفكرن في هذا الخيار ولكن يشعرن بالتردد؟
أقول لكل امرأة شابة تفكر في تجميد البويضات: من الطبيعي أن تكوني مترددة، ومن الطبيعي أن تأخذي وقتك لفهم العملية جيدا. فكري فيما تريدينه حقا، ليس فقط للمستقبل، ولكن أيضا لنفسك الآن. في مجتمعنا، هناك الكثير من الضغط حول الخصوبة والجداول الزمنية، ولكن الأهم هو أن تتذكري أن رحلتك هي ملكك وحدك.. عندما تشعرين بأنك مستعدة، خذي الخطوة. وأهم من ذلك، أن تثقي بنفسك، قراراتك لا تعرّف من أنت، ولا تحدّ من إمكانياتك المستقبلية.

وجهة نظر طبية.. رأي البروفسور فادي ميرزا
يرى البروفيسور فادي ميرزا رئيس قسم أمراض النساء والتوليد وصحة المرأة في "دبي الصحية" Dubai Health في لقاء خاص مع "هي" أن "تجميد البويضات يعتبر تطورا محوريا في مجالنا، حيث تنظر إليه الكثير من الجهات الفاعلة على أنه شكل من أشكال تمكين المرأة، إذ يمنحها القدرة على التحكم بخصوبتها، ومن ثم قدرتها على الإنجاب في المستقبل. تولد النساء بعدد محدد من البويضات التي تنخفض مع مرور الوقت، لذا فإن استخراج البويضات غير المستخدمة وتجميدها قبل أن تُفقد نهائيا يعد خيارا مهما للحفاظ على الخصوبة".
إضافة إلى فوائده الطبية، يحمل تجميد البويضات أبعادا نفسية وعاطفية عميقة. وفي هذا الإطار يعتبر ميرزا أن "تجميد البويضات يُخفف من بعض الضغوط العائلية أو المجتمعية، وهو ما يتيح للمرأة متابعة أهدافها الشخصية أو المهنية، سواء كانت تتعلق بالتقدم في حياتها المهنية، أو تحقيق شغفها، أو حتى العثور على الشريك المناسب. في السابق، كانت النساء غالبا ما يواجهن خيارا صعبا بين تحقيق طموحاتهن المهنية أو التعليمية وبين التحدي البيولوجي المتمثل في تراجع الخصوبة مع التقدم في العمر. أما اليوم، فإن تجميد البويضات يمنح المرأة حرية تأجيل الإنجاب مع الحفاظ على فرصها في الأمومة مستقبلا".
اليوم ترى الكثير من النساء أن تجميد البويضات وسيلة للتحكم في مستقبلهن. سألنا ميرزا هل يعتقد أن هذه التقنية تعيد تعريف نظرة المجتمع لخصوبة المرأة وتقدمها في العمر، فأجاب: "بالتأكيد. من المعروف أن وظيفة المبيضين تتراجع مع التقدم في العمر، ولكن هذا التراجع يصبح ملحوظا بدءا من الثلاثينيات. تتيح هذه التقنية للمرأة فصل عمرها الزمني عن عمر مبيضيها، وهو ما يمنحها فرصة لمتابعة طموحاتها المهنية أو الشخصية دون القلق بشأن "تقدم المبيضين في العمر".
غالبا ما ترتبط الخصوبة بتوقعات المجتمع حول الأنوثة والزواج والأمومة. لكن ميرزا يُشدد على أن "تجميد البويضات لا يتعلق فقط بالخصوبة، بل يتعلق أيضا بحرية اختيار المسار الشخصي دون الشعور بالضغط بسبب "الساعة البيولوجية". في الواقع، تزايد الاهتمام بهذه التقنية يشير إلى أن النساء يسعين بشكل متزايد إلى السيطرة على صحتهن الإنجابية".
عن أهمية التوعية والتثقيف في مساعدة النساء على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن صحتهن الإنجابية، يلفت إلى أن "التوعية والتثقيف يلعبان دورا حاسما في تمكين النساء من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهن الإنجابية. إن الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة، بدلا من الاعتماد على المعلومات المغلوطة أو الضغوط المجتمعية، يتيح للمرأة اتخاذ القرار المناسب لها. لذا، من الضروري أن تفهم المرأة الساعة البيولوجية ونافذة الخصوبة الخاصة بها في وقت مبكر".
ومع استمرار التقدم الطبي، يُعتقد أن تجميد البويضات سيصبح جزءا أساسيا من تخطيط النساء لحياتهن الإنجابية، كما هو الحال مع العناية بالبشرة والصحة العامة. من جهته، يعتبر ميرزا أن "هناك اهتماما متزايدا بتجميد البويضات بين الشابات، ومن المتوقع أن يزداد هذا الاهتمام مع تعزيز الوعي وتغيير المفاهيم الاجتماعية. مع تأجيل الكثير من النساء الإنجاب لأسباب شخصية أو تعليمية أو مهنية، قد يصبح تجميد البويضات جزءا طبيعيا من التخطيط المستقبلي. تماما كما تستثمر النساء في تعليمهن واستقرارهن المالي، قد يُنظر إلى الحفاظ على الخصوبة كاستثمار مهم في المستقبل. إذا أصبح تجميد البويضات أمرا أكثر شيوعا وجرى دمجه في النقاشات حول الصحة الإنجابية، فمن المحتمل أن يتلاشى الوصم الاجتماعي المرتبط به. في الوقت الحالي، يُنظر إلى تجميد البويضات على أنه "الملاذ الأخير" أو إجراء استثنائي، ولكن إذا أصبح أكثر انتشارا ومقبولا ثقافيا، فقد يصبح شائعا مثل غيره من الممارسات الصحية".
ختاما، للنساء اللواتي يفكرن في تجميد البويضات، ولكن يشعرن بعدم اليقين أو يتعرضن لضغوط خارجية، يقول ميرزا: "قرار تجميد البويضات هو قرار شخصي بالكامل، ولا ينبغي أن تشعر أي امرأة بأنها مضطرة إلى اتخاذه تحت أي ضغط خارجي. فهذه التقنية وُجدت لتمكين المرأة، وليس لإجبارها على خيار معين".
تجميد البويضات بين التمكين النفسي والتحديات العاطفية
تقول دانييل الجميّل رزق أخصائية نفسية ومدربة حياة معتمدة، وممارسة متقدمة للبرمجة اللغوية العصبية لـ"هي" إن تجميد البويضات يرتبط بمفهوم أوسع حول "الجمال عبر الزمن"، حيث يُعيد النظر في التصورات التقليدية التي تربط قيمة المرأة بخصوبتها وشبابها. ومن خلال خوض هذه التجربة، يمكن للمرأة أن تتعامل مع التقدم في العمر بثقة، معتبرة إياه مرحلة للنمو والتطور بدلا من التراجع.
وتضيف: "في جوهره، يحقق تجميد البويضات استقلالية إنجابية، حيث تلجأ إليه الكثير من النساء لتخفيف الضغط الناجم عن التقدم في العمر وتراجع معدلات الخصوبة. يتيح لهن هذا الخيار التركيز على طموحاتهن الشخصية والمهنية من دون الشعور بأن الساعة البيولوجية تُقيد مستقبلهن. وفي مجتمعات تربط الخصوبة بالأنوثة والجمال، يمنح تجميد البويضات راحة نفسية تعزز الثقة بالنفس وتمنح المرأة تحكما أكبر بمستقبلها".
وترى رزق أن "القلق المرتبط بـ"الساعة البيولوجية" يمثل أحد العوامل الرئيسة التي تدفع النساء إلى تجميد البويضات، إذ تفرض التوقعات المجتمعية ضغطا كبيرا لتحقيق مراحل حياتية محددة مثل الزواج والأمومة قبل سن معيّن، وهو ما قد يخلق شعورا بالعجز والخوف من فوات الفرص. من خلال الحفاظ على خصوبتهن، تكتسب النساء إحساسا بالحرية والمرونة، وهو ما يقلل من التوتر ويمكّنهن من اتخاذ قرارات أكثر ثقة بشأن مستقبلهن".
أما عن قرار تجميد البويضات بحّد ذاته، فتعتبر رزق أن "التجربة مؤثرة نفسيا، وقد تثير مشاعر متضاربة. فالكثير من النساء يواجهن شكوكا حول نجاح الإجراء، أو ما إذا كن سيستخدمن البويضات المجمدة مستقبلا. كما تلعب مخاوف الندم دورا في تعقيد القرار، إذ قد تتساءل المرأة عما إذا كان دافعها وراء الإجراء مبررا. هذه التساؤلات تبرز أهمية الدعم النفسي، لمساعدتهن في فهم دوافعهن الحقيقية، سواء كانت متعلقة بالطموح المهني، أو النمو الشخصي، أو تأجيل الأمومة".
وتتابع: "إلى جانب الشق الطبي، يمنح تجميد البويضات شعورا بالارتياح النفسي، إذ تتراجع مستويات القلق لدى الكثير من النساء مع زوال الضغط المتعلق باتخاذ قرارات إنجابية خلال فترة زمنية محددة. هذا الإحساس بالراحة يسهم في تحقيق توازن أفضل في الخيارات الحياتية. لكن هذه الرحلة لا تخلو من التحديات، إذ قد تشكل الإجراءات الطبية، والأعباء المالية، وعدم اليقين بشأن النتائج مصادر توتر إضافية. كما قد يساور المرأة القلق بشأن مدى نجاح الحمل عند استخدام البويضات المجمدة مستقبلا. في هذه الحالات، يمكن للدعم النفسي عبر المعالجين أو المدربين الحياتيين أن يساعد في التعامل مع التوقعات وتقديم استراتيجيات فعالة للتعامل مع عدم اليقين".
بعد تجميد البويضات، تدخل المرأة مرحلة جديدة، تصفها رزق بالتأمل الذاتي، حيث تختبر مشاعر متباينة تتراوح بين الشعور بالقوة والشكوك. ومع تغيّر الظروف الحياتية، قد تجد بعض النساء أنفسهن غير مرتبطات عاطفيا بقرارهن السابق، وهو ما قد يثير تساؤلات حول مدى رغبتهن في استخدام تلك البويضات.
وتشدد رزق على أن "الإرشاد الحياتي والعلاج المعرفي السلوكي يساعد النساء في التعامل مع الجوانب العاطفية لتجميد البويضات. فمن خلال هذا الدعم، يمكن إعادة تحديد الأهداف الشخصية، بما يتجاوز مسألة الأمومة، بحيث يُنظر إلى هذه التجربة كفرصة بدلا من كونها مصدر ضغط. عبر تقنيات اليقظة الذهنية وتعزيز المرونة العاطفية، يمكن إعادة صياغة التوقعات المجتمعية، لينظرن إلى التقدم في العمر على أنه مصدر قوة ونضج، وليس عائقا. فالدعم النفسي يسهم في إحداث تحول في طريقة التفكير، وهو ما يسمح للمرأة باحتضان عدم اليقين والثقة بقدرتها على التأقلم مع المستقبل".