بسبب تغيَر المناخ: الشوكولاته والقهوة من الأطعمة المهددة بالإختفاء عالميًا
تغيَر المناخ لم يعدَ أمرًا عابرًا أو يمكن الاستهانة به، بل باتَ مسألة مصيرية تتوقف عليها حياة الملايين من الناس حول العالم، وكذلك الحيوانات والثروة النباتية والغذائية على حد سواء.
في الصيف، الأجواء لاهبةٌ وشديدة الرطوبة، بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكلٍ غير مسبوق. وفي الشتاء، موجاتٌ قاسية من البرودة والطقس القارص الذي يودي بحياة نسبةً من البشر كل عام. ولا ننسى بالطبع الفيضانات التي باتت تكثر في السنوات الأخيرة، جراء ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الثلج في معظم البلدان.
التناسق الطبيعي لدورة الحياة بين بارد وحار، وبين معتدل ومتوسط، لم يعدَ موجودًا في الكثير من أصقاع الأرض؛ وبتنا قاب قوسين أو أدنى، من اندثار أو اختفاء العديد من معالم الحياة الطبيعية التي اعتدنا عليها منذ خلق الله للأرض. التغيَر المناخي بات مسألةً لا جدال فيها، كونه يُهدد حياتنا ومستقبل الأجيال القادمة بصورةٍ مخيفة. وآخر هذه التهديدات، التي لربما لم تكن لتخطر على بال أحد، هو انقراض أو اختفاء بعض الأطعمة!
نعم؛ فالتغيَر المناخي المخيف الذي نشهده من حولنا، يُنذر بما لا يقطع الشك، باحتمالية اختفاء مجموعةٍ من المحاصيل الغذائية التي لطالما كانت متوفرةً. وبعدما كان التوجس سابقًا حول عدم إمكانية ظهور تلك المحاصيل في مواسمها كما جرت العادة، فإن القلق الكبير الآن يتمثل في اختفائها نهائيًا في كافة المواسم.
وهو ما يطرح السؤال حول نجاعة الإجراءات التي تقوم بها دولٌ ومنظمات عدة، معنية بالشأن البيئي، بغية تقليل هذا الخطر قدر الإمكان. فإن اختفى الغذاء، فذلك يعني احتمال تعرَض مليارات البشر حول العالم لشبح الجوع، خصوصًا في ظل وجود مجاعةٍ حقيقية وبأرقامٍ مخيفة في بعض الدول.
فما هي هذه الأطعمة التي باتت على شفير الإختفاء، هل هي أساسية أم تُعدَ من الكماليات؟ هذا ما نسكتشفه سويًا في مقالة اليوم.
8 أطعمة مهددة بالإختفاء عالميًا مع ارتفاع الحرارة
يُظهر تقرير حالة المناخ العالمي لعام 2023، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن الأرقام القياسية قد تحطمت مجددًا؛ وفي بعض الحالات جرى تجاوزها بدرجةٍ كبيرة، وذلك فيما يخص مستويات غازات الاحتباس الحراري، ودرجات حرارة السطح، وحرارة المحيطات وتحمضها، وارتفاع مستوى سطح البحر، والغطاء الجليدي البحري في المنطقة القطبية الجنوبية، وتقلص مساحات الأنهار الجليدية. واستمرت أخطار الطقس في التسبب في النزوح خلال عام 2023، وهو ما يوضح إلى أي مدى تقوَض الصدمات المناخية القدرة على الصمود وتولَد مخاطر حماية جديدة بين السكان الأكثر ضعفًا، وكذلك الأمر بالنسبة للثروة الغذائية.
إذ يُهدد تغيَر المناخ وتلوث الهواء بشكلٍ متزايد، إنتاج الغذاء وإمداداته؛ ما يجعل التحدي المتمثل في القضاء على الجوع وسوء التغذية أكثر صعوبةً من أي وقت مضى. ومع ارتفاع درجة حرارة المناخ، أصبحت أنماط الطقس المتغيرة والكوارث الطبيعية والظواهر الحرارية أكثر تواترًا وشدة ، مما أدى إلى انخفاض غلة المحاصيل.
علاوةً على ذلك، يُعيق تلوث الهواء نمو المحاصيل الأساسية مثل الأرز والذرة وفول الصويا والقمح، كما يُقلَل من القيمة الغذائية لبعض الأطعمة.
دوافع الطلب على الغذاء، من المتوقع أن تزداد بشكلٍ حاد بحلول عام 2050؛ لذا فإن الحاجةلاتخاذ إجراءاتٍ عاجلة لمنع أسوأ آثار تغيَر المناخ وتلوث الهواء على الأمن الغذائي باتت ضرورية أكثر من قبل، مع أهمية إتاحة الوقت لأنظمة الإنتاج الزراعي للتكيَف ولتصبح أكثر مرونة.
يُسلَط خبراء الطقس الضوء على خطورة ارتفاع درجات الحرارة، لجهة تعرَض بعض الأطعمة لإمكانية الإختفاء تمامًا، أو أن تصبح نادرةً أكثر خلال السنوات المقبلة. وأشار تقريرٌ أورده موقع EatingWell ونشره موقع "الإمارات اليوم" إلى 8 أطعمة مهددة بالاختفاء من حياتنا لاحقًا، هي الآتية:
1. القهوة
بحسب التوقعات، فإن نصف الأراضي المُنتجة للبن اليوم، ستصبح غير صالحةٍ للزراعة بحلول عام 2050. إذ أن ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الاستوائية، قد يُقلَص من إنتاجية شُجيرات البن، بل ويزيد من تعرَضها للأمراض. وبالتالي تقليل إنتاج البن حسب المتوقع كل عام، لتبدأ الساحرة السوداء بالاختفاء شيئًا فشيئًا من روتيننا الحياتي الذي لا يصحو إلا على رائحة البن النفاذة!
2. الشوكولاتة
معروفٌ عن أشجار الكاكاو تحمَلها للحرارة المرتفعة، لكنها قد تجد صعوبةً في التأقلم مع الجفاف المترافق مع ارتفاع درجات الحرارة المخيف. وللأسف، تشهد مناطق مثل إندونيسيا وغرب أفريقيا، المعروفة بإنتاج الشوكولاتة، تراجعًا كبيرًا في إنتاجها لحبوب الكاكاو.
هل لكِ أن تتخيلي حياةً خالية من الشوكولاته الممتعة؟! إنه لأمرٌ محزن بالفعل..
3. التفاح
بالعادة، تحتاج أشجار التفاح لعددٍ معين من أيام البرد الشتوي لإنتاج الثمار؛ لكن تغيَر المناخ بات يُشكَل تهديدًا على هذه العملية الطبيعية لزراعة وحصد التفاح.ففي شمال شرق الولايات المتحدة مثلًا، زادت الأيام الخالية من الصقيع بحوالي ثمانية أيام، مقارنةً بما كانت عليه قبل قرن، مما يهدد إنتاج التفاح الذي يتم تصديره واستهلاكه من قبل شريحةٍ كبيرة من الناس حول العالم.
4. اللوز
من حسن حظ ولاية كاليفورنيا، التي تُعتبر موطن زراعة اللوز في العالم والتي تدرَ 4 مليارات دولار أرباح سنويًا للولايات المتحدة، أنها نجت من الجفاف الأخير بفضل ضخ المياه الجوفية.لكن الخوف أن تتكرر هذه الظاهرة خلال السنوات المقبلة، ما قد يجعل اللوز أكثر ندرةً وتكلفة في الإنتاج والشراء.
5. الذرة
يؤثر ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف سلبًا على إنتاجية الذرة؛ وهناك تخوفٌ من أنه بحلول نهاية القرن، قد ينخفض إنتاج الذرة بنسبة تصل إلى 50%.
6. الفاصوليا
لا تتحمل معظم أنواع الفاصوليا الحرارة المرتفعة، باستثناء بعض الأنواع الصحراوية مثل التيباري. ونظرًا لتغيَر المناخ واستمرار ارتفاع درجات الحرارة، فإن العالم قديخسر 50% من محاصيل الفاصوليا التقليدية بحلول منتصف القرن.
7. المحار
قد تؤدي زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إلى امتصاص المحيطات له، ما يزيد من حموضتها. ويمكن لهذا الحمض أن يتسبب في إذابة أصداف المحاريات مثل المحار، ما يُهدَد بقاءها واستمتاعنا بتناولها.
8. سرطان البحر
نبقى في البحر والمحيطات، وهذه المرة مع سرطان البحر المُهدَد بالإختفاء. إذ يحب هذا النوع من الثروة السمكية المياه الباردة، وقد هاجرت أعدادٌ كبيرة منه نحو الشمال خلال العقود القليلة الماضية. لكن الخوف أنهوبحلول العام 2100، قد يصبح خليج مين دافئًا جدًا بالنسبة لها، ما يهدَد وجودها في المنطقة ويؤدي إلى انقراضها.
خلاصة القول، أن الله تعالى قد أنعم علينا بالكثير من الثروات الغذائية والحيوانية، فوق الأرض وفي أعماق مياهها؛ لكننا وبتقديرٍ سيء في التعامل مع المناخ، سنُودي بهذه الثروات إلى التهلكة ما لم نقم بإجراءاتٍ حازمة وقوية للحد من تغيَر المناخ. وبالرغم من أن معظم هذه المهمة مُلقى على الحكومات والمنظمات المعنية، إلا أننا كأفراد في المجتمع، ملزمون بالمساعدة في تقليل تغيَر المناخ من خلال اتباع نظامٍ يحمي البيئة من حولنا من مخاطر التلوث وارتفاع درجات الحرارة. كي نضمن أن ينعم أولادنا وجيل المستقبل القادم، ببعضٍ من الأطعمة الشهية التي اعتدنا عليها منذ بدء البشرية.