حامل 14 نجمة ميشلان.. شيف إنريكو بارتوليني لـ"هي": ترسخ شغفي للطهي فور زيارتي لمطاعم ميشلان.. والموهبة وجوهر المنطقة أساس فلسفتي في الطهي
احتفلت علامة روبيرتوز الفاخرة، أواخر العام المنصرم، بمرور عقدٍ من التعاون مع الشيف إنريكو بارتوليني، أحد أبرز الطهاة الإيطاليين والحائز على 14 نجمة ميشلان؛ حيث يشغل دور مستشار الطهو والسفير لعلامة Roberto’sالمرموقة، ويُسهم بشكلٍ كبير في رسم ملامح هوية المطعم.
وبهذه المناسبة، استضافت العلامة فعالية خمسة نكهات (5 سابوري) لليلتين مميزتين في 25 و26 نوفمبر 2024. وشملت الفعالية تقديم عشاءٍ فاخر من خمسة أطباق من إعداد الشيف بارتوليني، بمساعدة مجموعةٍ من الطهاة المتمرسين من فروع العلامة في منطقة الخليج.
إنريكو بارتوليني، من مواليد عام 1979، في كاستيل مارتيني، توسكانا؛وهو طاهٍ إيطالي مشهور عالميًا بمطبخه "الكلاسيكي المعاصر"، الذي يجمع ببراعة بين التقليدوالابتكار.في عام 2008، عندما كان يبلغ من العمر 29 عامًا فقط، حصل على أول نجمة ميشلان له أثناء إدارته لمطعم "Le Robinie" في Oltrepò Pavese، مما دفعه إلى دائرة الضوء كواحدٍ من أكثر الطهاة الواعدين في إيطاليا.
كان ل"هي" شرف اللقاء مع الشيف إنريكو بارتوليني وسؤاله عن رحلتهالمميزة في عالم الطهي، إلهاماته وفلسفته في الطهي، ونصائحه للطهاة الطموحين، في السطور التالية..
أخبرنا المزيد عنك: بداياتك، وتعليمك، وما إلى ذلك.
منذ الطفولة، كنتُ منجذبًا إلى العمل اليدوي والحرف اليدوية. لقد كنتُ محظوظًا لأنني ولدتُ وترعرعتُ في أرضٍ غنية بالتقاليد، بما في ذلك التقاليد الطهوية، التي تحظى بإعجاب العالم. لم تكن عائلتي تعمل في مجال المطاعم، لكن المطبخ كان دومًا مكانًا للمودة والخبرات التي سمحت لي بتقدير الطعام الأصيل عالي الجودة. بعد تخرجي من معهد الضيافة في مونتيكاتيني تيرمي، كانت تجربتي الأولى كطاهٍ في مطعم عمي، الذي كان يتعامل مع كمياتٍ كبيرة من الطعام. حلمت بطهي المالتاجليتي مع فطر البورسيني بشكلٍ مثالي هناك.
متى اكتشفت أنك تريدُ أن تصبح طاهيًا؟
تطورت رغبتي في أن أصبح طاهيًا بالتدريج. فقد أثار فضولي وحبي للحرف اليدوية اهتمامي بفنون الطهي في وقتٍ مبكر؛وكانت اللحظة المحورية أثناء أول تدريبٍ لي في لندن، حيث اكتشفت بيئةً دولية وتبادلًا ثقافيًا مُلهمًا. وترسخَ شغفي خلال رحلةٍ لاحقة إلى باريس في عام 1999 عندما تناولتُ العشاء في مطاعم حاصلة على نجمة ميشلان كضيف. كانت تجربة تناول وجبة في Pierre Gagnaire، وهو مطعمٌ حاصل على ثلاث نجوم ميشلان، بمثابة اكتشاف. أظهرت لي هذه التجربة مستوى التميز الذي أردتٌ تحقيقه، ليس فقط في الطهي ولكن أيضًا في الخدمة، ومزج الشراب، والأجواء.
من/ما هو مصدر إلهامكَ الرئيسي لتصبح طاهيًا؟
كانت أول فترة تدريب قمتُ بها في لندن بمثابة تحول؛ فقد عرَضتني لبيئة طهيٍ متعددة الثقافات ومُنظمة. وبدافعٍ من هذه التجربة، انتقلتُ إلى باريس، حيث انبهرتُ بالتميز الطهوي في المطاعم الحاصلة على نجمتين وثلاث نجوم ميشلان. كان عمل Pierre Gagnaireبالتحديد مميزًا؛ استثمرتُ راتب شهرٍ كامل من التدريب لتناول العشاء في مطعمه، وكانت تجربةً لا تصدق فتحت عينيَ على الكثير. ألهمني ذلك لمتابعة مهنةٍ تهدفُ إلى تحقيق هذا المستوى من الإتقان في جميع جوانب تجربة تناول الطعام.
كيف تصفُ أسلوبك العام في الطهي؟
الموهبة وجوهر المنطقة يُشكَلان أساس فلسفتي في الطهي. يجب أن يروي كل طبقٍ قصة منطقته من خلال مكوناته وتاريخه، مع عكس شخصية الشيف وموهبته. الإبداع هو المفتاح، لكنه ليس غايةً في حد ذاته؛ بل يجب السعي بدلاً من ذلك إلى المفاجأة بنكهاتٍ مميزة لا تُنسى. نمارسُ الاستخدام الواعي والمسؤول للمكونات، ونمزجُ بين التقليد والحداثة مع لمسةٍ من الخفة.
مع 14 نجمة ميشلان، ما الذي أضافته هذه الامتيازات إلى شغفك َبالطهي؟
إن الحصول على نجوم ميشلان هو شرفٌ ومسؤوليةٌ كبيرة. هذه الجوائز تعترف بعملنا في لحظةٍ معينة ولكنها ليست نقطة النهاية. بدلاً من ذلك، فهي دافعٌ يومي لتلبية وتجاوز توقعات ضيوفنا من خلال تجارب ممتازة باستمرار.
يمزج بارتوليني بين التقليد والابتكار؛ ما هي أدواتكَ للنجاح في هذا الخلط؟
يحمل التقليد قِيمًا خالدة، وهو كنزٌ من المعرفة والنكهات. نعيد تفسيره بتقنياتٍ وأساليب حديثة للمكونات، مما يؤدي إلى الابتكار. لا يقتصر هذا التفرد على الطبق نفسه، بل يمتد إلى التجربة الشاملة - من اختيار أفضل المكونات إلى الأجواء والتقديم. لتتحد هذه العناصر في خلق تجارب طعام لا تُنسى.
لماذا من المهم اختيار المنتجات الطازجة وتحقيق الاستدامة أثناء العمل؟
تُعتبر إيطاليا كنزًا من الجمال والثقافة والتنوع البيولوجي، وفن الطهي فيها جزءٌ لا يتجزأ من هويتها. تعكس أطباقنا تفرَد مناطقها، سواء في المكونات أو التقاليد الثقافية؛أما الاستدامة فهي أمرٌ بالغ الأهمية تجاه البيئة، من خلال العمل مع المكونات المحلية، وتجاه الناس، من فريقنا إلى المُنتجين (المزارعين وصانعي النبيذ والصيادين) الذين نرتقي بعملهم من خلال طهينا.
بصرف النظر عن المطبخ الإيطالي، ما هو الطعام/المطبخ الذي تحبُ تجربته أو طهيه؟
الحقيقة أنني أستمتعُ بالمأكولات من جميع أنحاء العالم وأحبُ استكشافها. أجد سحرًا خاصًا في الثقافات ذات التاريخ والتقاليد الغنية، مثل المطبخين الصيني والياباني.
أخبرنا المزيد عن عملك مع Roberto’s.
في عام 2014، بدأتُ التعاون مع المجموعة، وتولي الإدارة الطهوية لروبرتوز؛ وأوكلتُ رعايتها إلى فابريزيو جواراسينو. بالنسبة لي، يُمثَل مطعم روبرتوز تجربةً عالمية لأكثر الذواقة تميَزًا.
كيف يقوم بارتوليني بتصوَرقوائم الطعام؟
تعتمد كل قائمة على موهبة الفريق وجوهر المنطقة،ويُلهم ضيوفنا إبداعنا ورغبتنا في التعبير عن أنفسنا. أسعى جاهدًا لتحقيق التوازن والبهجة والإبداع، لجعل الضيوف يرغبون في المزيد.
ما هي برأيكَ، الأدوات الأساسية للطاهي الناجح؟
يُعدَ العمل الجماعي والمعرفة العميقة والبحث والاتصال بالمنطقة، أمورًا ضرورية لكل طاهي.
ما الذي لا يمكنكَ العيش بدونه في المطبخ؟
أحبُ عملي كثيرًا لدرجة أنني لا أستطيعُ تخيَل القيام بأي شيءٍ آخر. عندما كنتُ طفلًا، كنتُ أحلم بأن أصبح صانع أحذية، وهو ما يتضمن أيضًا الحرف اليدوية والمهارات اليدوية. لكن المطبخ هو عالمي الآن، حيث أجمعُ بين شغفي بالسفر واكتشاف ثقافاتٍ جديدة.
كيف تُدير الصراع والمنافسة بين طاقم المطبخ؟
يُعتبر الانسجام والتفاهم داخل الفريق أمرًا بالغ الأهمية. إن مشاركة الرؤية الطهوية، وإشراك أعضاء الفريق، ومنحهم الحرية الإبداعية، مع البقاء على مبادئ الموهبة ورواية القصص الإقليمية، كلها عوامل تُعزَز من التعاون والوحدة.
باتت التكنولوجيا اليوم علامةً فارقة في مجمل الأعمال؛ كيف تؤثر في الطهي بشكلٍ إيجابي وسلبي برأيك؟
تعمل الابتكارات التكنولوجية، مثل الأجهزة المتصلة بشبكة Wi-Fi، على تحسين الدقة والكفاءة؛ فهي تساعدُ في تحسين العمل وتسمحُ بالتخطيط بشكلٍ أفضل، طالما كان هناك إشرافٌ بشري ومهني. ومع ذلك، في العمليات الطهوية عالية الجودة ذات الحجم الكبير، يمكن للتكنولوجيا في بعض الأحيان أن تُقلَل من الارتباط العاطفي. إذ يُعدَ الانسجام بين العقل والقلب واليدين أمرًا ضروريًا لتجربة طعامٍ ذو صدى عاطفي.
ما هي طموحاتكَ المستقبلية كطاهٍ محترف؟
أهدفُ للاستمرار في التفوق وتحفيز فريقي يوميًا، ومساعدة كل عضوٍ في الفريق على النمو والنجاح والتعبير عن نفسه من خلال المطبخ.
في الختام؛ ما هي نصيحتكَ للطهاة الجدد من خلال موقع "هي"؟
أقترحُ على الطهاة الشباب متابعة تجارب طويلة وذات مغزى، تحت إشراف مرُشدين لديهم رؤية واضحة. عندها فقط يجب عليهم أن يتفرعوا بمفردهم في الدور الذي اختاروه، مدفوعين بشغفٍ بالثقافة والحياة.