الشيف بيثاني كعدي بجانب المجلس الملكي في نادي الإمارات للجولف

خاص "هي".. الشيف بيثاني كعدي: شغفي الطهو والتعلَم عن التراث.. والنفَس هو ما يُميَز الطهو الرائع

جمانة الصباغ
23 مارس 2025

وجود المرأة في المطبخ داخل منزلها هو ضرورةٌ لا يختلف عليها إثنان، مع أن الرجل قد يرفض هذه الفكرة لنفسه. إلا أنه لا يتوانى عن دخول مدرسة الطهو وإتقان إعداد الطعام، ليتخرج طاهيًا يعمل في كبريات المطاعم والفنادق في بلده وحول العالم.

تُبخس المرأة حقها في بعض الأحيان، في أن تكون طاهيةً محترفة يُعتمد عليها كما الرجل في مهنة الطهو؛ لكنها وعلى الرغم من ذلك، تحدَت كل الصعاب والمعوقات، وها هي اليوم تُسجَل حضورًا قويًا في العديد من المحافل، تفتتح مطعمها الخاص أو تترأس فريق الطهو في الكثير من الفنادق وأماكن التذوق؛ تبدع في مجالها كما عهدناها، وتحسم فكرة أن المرأة مكانها الطبيعي في مطبخها داخل منزلها.

يمكن للجميع الاستمتاع بأشهى الأطباق والابتكارات التي تجترحها المرأة في مهنة "الشيف"، وتعمل ليل نهار على إثبات قدراتها وتفوقها في هذا المجال الصعب وشديدة المنافسة. حتى أن العديد من الطاهيات النساء، بدأنَ رحلة النجاح في الطهو من عمرٍ صغير.

الشيف بيثاني كعدي بجانب المجلس الملكي في نادي الإمارات للجولف-رئيسية واولى
الشيف بيثاني كعدي بجانب المجلس الملكي في نادي الإمارات للجولف

بيثاني كعدي واحدةٌ من هؤلاء الطاهيات المتميزات، التي اختارت مهنة الطهو لتُجسَد أحلامها وعشقها لوطنها لبنان؛ هي المغتربة الشابة التي تخطَ بقلمها وأدواتها، أجمل الأطباق خاصةً التراثية منها. أجرينا معها هذه المقابلة بالتزامن مع تعاونها مع المجلس الملكي في نادي الإمارات للجولف خلال شهر رمضان الجاري.

بيثاني كعدي، الشيف اللبنانية الأمريكية الشهيرة ومؤلفة كتب الطبخ؛ تحتفي بخلفيتها الثقافية الغنية من خلال مسيرتها المهنية في فن الطهي.

أهلًا بكِ معنا اليوم على موقع "هي".. أخبرينا أكثر عن نفسكِ: من هي بيثاني كعدي، من أين، دراستها، اختصاصها.

شكرًا لكِ ولمجلة "هي".. أنا طاهية، وكاتبة، وناشطة في مجال التراث، الطهو الخاص بغرب آسيا وشمال إفريقيا. وُلدت في هيوستن لأبٍ لبناني وأمٍ أمريكية، نشأتُ في لبنان والتحقتُ بالجامعة الأمريكية في بيروت، حيث درستُ إدارة الأعمال قبل أن أترك الدراسة. في النهاية، وجدت شغفي الحقيقي في مجال الطعام.

ما الذي جعلكِ تختارين مهنة الطهو، بالرغم من صعوبتها والمنافسة الشديدة فيها؟

شغفي بالطهو، والأكل، والإطعام، والتعلَم عن الطعام والتراث يتفوق على أي تحديات. بصراحة، لا أشعر أنني في منافسةٍ مع أي شخص سوى نفسي؛ خاصة في بداياتي - حين كانت الصناعة لا تزال في بداياتها - كانت رحلتي وطريقتي في العمل تتطور بشكلٍ طبيعي وبطريقةس فريدة.

من شجعَ بيثاني على دخول عالم الطهو، وبقي سندًا لها طيلة هذه السنوات؟   

فطائر السبانخ والسماق التراثية من إعداد الشيف بيثاني كعدي
فطائر السبانخ والسماق التراثية من إعداد الشيف بيثاني كعدي

بعض المساعدة من نصفي الآخر المتوهم... ولكن بحق، أعدً نفسي محظوظةً لأنني كنتُ أتمتعُ بدعم محيطٍ قوي، وأنا ممتنةٌ لذلك للغاية.

أنتِ متخصصةٌ في المأكولات التقليدية لمنطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا؛ أخبرينا المزيد عن هذه المأكولات والمطابخ التي تنحدر منها.

مأكولات غرب آسيا وشمال إفريقيا هي فسيفساء تُشكَلها الأرض والهجرات والتجارة والتكيَف على مدار قرون. ليست كيانًا واحدًا - بل هي متنوعةٌ بشكلٍ عميق، مع طبقاتٍ من التأثيرات - تبدأ من بلاد الرافدين إلى الإمبراطوريات التي تلتها، وكلها مترابطةٌ مع المطبخ الريفي والفلاحين.

يحبُ الناس عادةً الحديث عن الأشياء الناجحة والجميلة في حياتهم؛ لكنكِ اخترتِ عنوان مدونتكِ الأولى "أسرار المطبخ السيئة". ما المقصود منها، وما الرسالة التي سعيتِ لإيصالها لقرائكِ؟

كان هذا عنوان مدوَنتي في الأصل، والتي بدأت في الواقع كملف وورد! إنه إشارةٌ إلى الجانب الخام والعفوي للطبخ - بعيدًا عن السرديات الرومانسية. يتناول هذا العنوان، القصص غير المروية، والجرأة، وجوانب الطبخ البسيطة والأساسية. كان عنوان أول كتاب طبخٍ لي في الواقع "المطبخ المُرصّع بالجواهر"، وهو إسمٌ أطلقه ناشري لأن الطعام كان مُرصّعًا بالجواهر بجماله.

أخبرينا المزيد عن مشروعي Food Bloggers Connect و Taste Lebanon.

كان "Food Bloggers Connect" أحد أول المؤتمرات الدولية لمُدوَني الطعام، وكان مقره في لندن، واستمرَ لمدة سبع سنوات. وقد أسسَ مجتمعًا عالميًا ضمَ العديد من الشخصيات الرائدة اليوم في مجال الطعام والشراب. أما "Taste Lebanon" فقد كان طريقتي في تحدَي التصوير الإعلامي النمطي للبنان - تجربة طعامٍ وثقافةٌ غامرة قرَبت الناس من روح البلاد من خلال مطبخها.

كيف وجدتِ العمل مع طهاة ميشلان وبعض العلامات التجارية الفاخرة؟

كانت تجربةً مليئةً بالإلهام. أكدَت لي أن التقنية والدقة أمران أساسيان، لكن ما يُميَز الطهو الرائع حقًا هو "النفَس"— هذه الكلمة العربية التي تعني الروح في الطهي — وسرد القصص. ليس السرد الذي يُبالغ أو يفرض روايةً لا وجود لها، وإنما السرد الأصيل الذي يتناغم بسهولة مع الطعام.

بيثاني كعدي تقدم طبق الموز المكرمل
بيثاني كعدي تقدم طبق الموز المكرمل

حققتِ الكثير من الجوائز والتكريمات لكتبكِ الخاصة بحفظ التراث؛ ما الرسالة التي تودين إيصالها من خلال هذه الكتب؟

الهدف هو إحياء وتطوير مطبخنا وتراثنا من خلال رفض التبسيط، والطهو الروتيني، واستعادة إرثنا الطهوي، وتسليط الضوء على طعام غرب آسيا وشمال إفريقيا بعيدًا عن السرديات الغربية المفروضة.

تتعاونين حاليًا مع نادي الإمارات للجولف خلال شهر رمضان المبارك؛ أخبرينا أكثر عن هذا التعاون.

لقد قمتُ بإعداد قائمة طعامٍ تحتفي بتقاليد رمضان مع تقديم منظورٍ جديد حول نكهات غرب آسيا وشمال إفريقيا. دوري يتضمن ضمان الطعم الرائع والأصالة، من تطوير الوصفات حتى التنفيذ.

ما هو الحلم الكبير لبيثاني كعدي، الذي تتمنى تحقيقه يومًا ما؟

أن أؤسسَ مركز طهوٍ مُخصَص لفن الطهي من غرب آسيا وشمال إفريقيا — يعرض، ويُوثَق، ويُحافظ، ويُطوَر طُرق طعامنا وحِرف الطهو لدينا.

كيف تصفين أسلوبكِ العام في الطهو؟

متجذرَ في التاريخ لكن مع إعادة تصوَره بشكلٍ إبداعي وتوجَهٍ ومعرفة. إنه يتعلق بتكريم الماضي مع ترك مساحةٍ للتطور.

إلى جانب المأكولات التقليدية لمنطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، ما هو الطعام/المطبخ الذي تحبين تجربته يومًا ما؟

أحبُ كل ما تقدمه قارة آسيا والبحر الأبيض المتوسط! ومع ذلك، فإن التدريب في اليابان سيكون تجربةً استثنائية.

لفائف ديناميت شيلي من إبداعات بيثاني كعدي
لفائف ديناميت شيلي من إبداعات بيثاني كعدي

ما هي برأيكِ الأدوات الأساسية للطاهي الناجح؟

النفَس؛ الروح؛ الشغف؛ الالتزام؛ الفضول.. وسكين حاد.

ما الذي لا يمكنكِ العيش بدونه في المطبخ؟

زيت الزيتون!

كيف تُديرين المنافسة والخلافات التي قد تحصل بين طاقم المطبخ؟

بتعزيز ثقافة الاحترام والتواصل الواعي، لا مكان للأنا السامة في مطبخٍ مُدارٍ جيدًا.

اليوم، أصبحت التكنولوجيا علامةً فارقة في كل مجال؛ كيف برأيك، تؤثر على الطبخ إيجابًا أو سلبًا؟

هي سيفٌ ذو حدين — إذ يمكن أن تُعزَز الكفاءة، لكنها أيضًا قد تُبعدنا عن جوهر الحِرفة.

في الختام؛ ما هي نصائحكِ للطهاة الجدد عبر موقع "هي"؟

تعلَموا عن تاريخكم قبل أن تحاولوا كسر القواعد! التكنيك يمكن تعلَمه، لكن النفَس يجب أن يأتي من الداخل.