كوميديا الكلام فقط ..تراجع "الكبير أوي" ومفاجأة "الصفارة"!

كوميديا الكلام فقط ..تراجع "الكبير أوي" ومفاجأة "الصفارة"!

إيهاب التركي
30 مارس 2023

السؤال الذي يُلح علىً وأنا أتابع حلقات الأسبوع الأول من مسلسل "الكبير أوي" هو: متى يبدأ الجزء السابع حقاً؟ هل ما نشاهده حلقات منسية من الموسم السابق؟ وهناك سؤال يتعلق بمسلسل "الصفارة" وهو: لماذا تضحكني بعض نكات المسلسل وهى منقولة على كوميكس على السوشيال ميديا أكثر منها وهي على الشاشة؟ لا يعني هذا أن موسم "الكبير أوي" سىء، أو أن "الصفارة" لا تُصفر، ولكن هناك تفاصيل كثيرة مرتبكة على مستوى توصيل الكوميديا، وأسلوب المُخرج في تصميم وصناعة المشهد الكوميدي.

البحث عن فكرة مُضحكة!

تطورت الدراما على مستوى الشكل، وهناك مُحاولات لتطوير المضمون، ولكن تبقى الأزمة المُزمنة للدراما الكوميدية في فقر الكتابة، ونمطية الأداء الكوميدي، وسطحية رؤية المخرج أو إنعدامها أحياناً؛ وهذا ينتج لنا سنويا عدد كبير من الأعمال الكوميدية الركيكة المقولبة، وعدد قليل يُحاول الضحك خارج الصندوق، ويجمع بين الموسم السابع من "الكبير أوي" و"الصفارة" بعض الملامح منها أن مؤلف فكرة كل منهما هو البطل نفسه، وأنهما من الفئة الكوميديا التي تُحاول تقديم كوميديا مُختلفة، وتفرقهما أمور أخرى كثيرة سأتناول بعضها.

مسلسل "الكبير أوي" في مواسمه الخمسة المعروضة بين عامي 2010 و2015 قدم كل ما تُتيحه فكرته في إطار كوميديا البارودي الإجتماعية التي تسخر من الدراما الصعيدية النمطية، وتوجه بعض سهام النقد لظواهر إجتماعية مُعاصرة، وكانت الإضافة التي حققت نجاحاً كبيراً هى المزج بين عالم الصعيد وثقافة مواقع التواصل الإجتماعي والمحاكاة الساخرة من أعمال فنية شهيرة، وبدأ طرف الخيط الدرامي من شخصية عمدة قرية المزاريطة، الذي تزوّج من أمريكية وأنجب منها ثلاثة توائم، أبرزهم بالطبع "الكبير" الذي يمثل دور العمدة الديكتاتور خفيف الظل، والذي اكتسب بعض التأثر بالثقافة الغربية، ولكنه ظل في جوهره النموذج السلبي الذي يدير القرية مع مساعديه كما لو كان زعيم عصابة.

ملاحظات على المسلسلات متعددة الأجزاء التي تنافس في رمضان 2023

الكبير يعود للخلف!

يُعاني مسلسل "الكبير أوي" في موسمه السابع من البحث عن أفكار جديدة، وحتى الآن لا توجد مفاجآت مثل حلقات لعبة السبيط أو مهرجان المزاريطة التي منحت الموسم السابق ألقه الكوميدي، وتركزت أفكار حلقات الأسبوع الأول حول العلاقة المتوترة بين الكبير ومربوحة، والفكرة كلاشيه درامي عن الزوج الذي لا يطيق زوجته، والزوجة التي تغار على زوجها، وأظن جدران ديكورات دوار الكبير اصبحت تتوقع إفيهات الكبير ومربوحة وجوني وهجرس، وحينما خرج المسلسل من جدران ديكور دوار الكبير، وذهب الكبير ومربوحة إلى القاهرة لمحاولة تجديد علاقتهما الزوجية إصطحبا معهما نفس الإفيهات والحوار الذي يدور بين عمدة ضجر غاضب وقروية ساذجة تتصرف بهيستيريا وطفولية.

في النسخة الثانية من المسلسل والتي بدأت مع الموسم السادس أصبحت شخصية الكبير أكثر لُطفاً،  وحكايات الحلقات أكثرعائلية؛ ولهذا برزت أدوار الزوجة الثانية مربوحة (رحمة أحمد)، وابنيه: العترة وجوني، وتراجعت شخصيات فزاع وأشرف، وظلت علاقة الثنائي جوني وهجرس كخط درامي مناقض لخط الكبير الذي يحاول تغيير شخصيته وعاداته؛ فجوني الأخ الذي تربى في أمريكا يحاول التأقلم مع ثقافة وأجواء الصعيد، ويُساعده - كوميدياً - هجرس (محمد سلام) إبن القرية الساذج، المُنبهر بشخصية جوني.

أداء مربوحة ومن معها!

تُحاول الممثلة "رحمة أحمد" صياغة أسلوبها الكوميدي الخاص في مسلسل يعتمد على الكاريكاتورية في الأداء، وقد نجحت منذ الموسم السادس في صياغة شخصية مربوحة بشكل مضحك، ولكنها لا تزال تقود الشخصية بتهور؛ مما يتسبب في إصطدام الشخصية بحائط المبالغة المفرطة، وهو أمر تشترك فيه مع نفادي (حاتم صلاح) أو هجرس (محمد سلام) ، وثلاثتهم يقدم جرعة مُفرطة من الأداء سواء بالصوت أو تعبيرات الوجه، ولكنه أمر مستمر من الموسم الماضي، وهذه أزمة كتابة المسلسل بشكل عام؛ فهو لم يُقدم للشخصيات شىء جديد فأصبحت الشخصيات تدور حول نفسها، وتكرر أدائها.

الأمر نفسه ينطبق على "أحمد مكي" الذي يُقدم أخف نسخة من الكبير، ويُسرف في تدوير إفيهاته وتعبيراته، ويدور في فلك مشاهد مُستهلكة يُمكن توقع نهايتها؛ فحينما يتحدث بحماس عن شىء ما توقع أنه سيعمل عكسه في نهاية المشهد، لو رفض مثلاً أن يصعد برج القاهرة بصحبة زوجته لأنه يخشى عليها من فوبيا المرتفعات فمن المتوقع أنه هو من يخشى المرتفعات، ونفس الشيء عن باقي الممثلين؛ فيمكن أن نتوقع أن الدكتورة جميلة "نور" الخبيرة في العلاقات الزوجية لديها علاقة زوجية فاشلة تديرها بعصبية على عكس ما تنصح مرضاها، وهذا أسلوب كتابة الحلقات حتى الآن، وهو أسلوب كسول يفتقد المفاجأة والإبتكار، وربما يتخلص منه المسلسل في الحلقات القادمة.

غ

صفارة أمين وشقيقه!

يأتي مسلسل "الصفارة" بطولة "أحمد أمين" وإخراج "علاء إسماعيل" بفكرة مُستهلكة درامياً؛ عن شفيق (أحمد أمين) الذي يسرق صفارة سحرية تعيده إلى الماضي لمدة لا تتجاوز ثلاث دقائق، وهو يُحاول إصلاح حياته المهنية والزواج من حبيبته، ونلمح في حلقات شفيق حينما يتحول إلى مليونير بدين يًفضل عمله عن عائلته ملامح درامية من فيلم "كليك" Click إنتاج 2006 الذي استخدم فيه "آدم ساندلر" ريموت كونترول سحري لتسريع الزمن وتجاوز الأوقات العائلية المملة، وإنتهى به الأمر مدير ناجح ثري، لكنه بدين ومكروه من عائلته وموظفيه.

فكرة السفر عبر الزمن هنا مجرد حجة درامية للتلاعب بعالم الشخصية الرئيسية وخلق أجواء ضاحكة؛ فكلما حاول شفيق إصلاح حياته في الماضي يُفسد شيء أخر في المستقبل؛ ويتيح هذا للصفارة تقديم قصص منوعة وأفكار جديدة للإضحاك.

يتحدى "أحمد أمين" نفسه بتقديم شخصيات متنوعة تُتيح له تنويع أدائه، وهو يُذكرنا بأسلوب فيلم "طير انت"، بطولة "أحمد مكي"، وهو أسلوب ناجح استثمره مكي في مسلسل "الكبير أوي" وجسد من خلاله أدوار الكبير وجوني وحزلقوم وشخصيات أخرى، وشخصيات "الصفارة" ليست شخصيات ثابتة ومستقرة مثل شخصيات "الكبير"، ولكنها نسخ قلقة وحائرة للبطل في سياق زمني مختلف، جائت من فكرة تلاعبه بالزمن، والعودة للماضي لتغيير حدث ما؛ ولهذا نجد البطل دائماً مُندهشاً من شخصيته الجديدة، وهو يؤدي شخصيته مُمتعضاً منها وناقداً لها.

ب

مواهب صاعدة!

فريق عمل مسلسل "الصفارة" يمنح فرص لعدد كبير من المواهب الصاعدة والنجوم الشباب، أبرزهم فريق الكتابة الذي تُلائم نوعية كتابته جمهور السوشيال والجمل اللفظية التي تحمل إسقاطات يفهمها هذا الجمهور، وربما تسبب ذلك في كسل الرؤية الإخراجية الكوميدية؛ فالإضحاك يعتمد بشكل أساسي على الحوار، وهناك محاولات من المخرج "علاء إسماعيل" لتوظيف العناصر الأخرى مثل إفيهات موسيقى الخلفية، ولكن مُعظم الكوميديا يأتي من أداء الممثلين. 

يشارك في المسلسل "حاتم صلاح" و"آية سماحة" و"سامية الطرابلسي"، ويقدم الممثل الشاب "طه الدسوقي" دور شقيق البطل الأصغر سناً، وهو في الحقيقة يقدم نسخة لطيفة من كاراكتر صديق البطل الذي يصاحبه مثل ظله، ويقدم له العون والمشورة والدعم، ولكنه في المسلسل يجسد شخصية الأخ الصغير الذي يرى شقيقه الأكبر مثله الأعلى، وهو يرتبط به في كل حالاته وتحولاته.

يقدم "طه دسوقي" شخصيات مُتنوعة تتماشي مع تحولات شقيقه؛ فهو زميله الموظف الشاب في القصة الرئيسية، ومساعده الأهم حينما أصبح مليونير جشع، وعازف الفرقة ومدير أعماله حينما أصبح مطرب شعبي، وفي كل تلك التحولات يقدم "طه" شخصيته بتفاصيل ذكية وبراعة وخفة ظل تدل على موهبة مُبشرة.

غالصور من حسابات النجوم بانستجرام