إليسا نجمة عدد الموسيقى من مجلة "هي": رحلتي رد اعتبار لكل من شكك في موهبتي وطاقتي وطموحي

لا أعرف من أين أبدأ في كتابة قصة هذه النجمة الإنسانة التي لامست قلوب الملايين في كل مكان بحضورها وأغانيها وحفلاتها.. أعلم أن معظمكم أحبها أكثر وتعاطف معها أكثر بعد عرض قصتها أخيرا في وثائقي "نتفليكس"، لكن ما شاهدتموه وتابعتموه عن قرب ليس كل الحقيقة، فإليسا لمن عايشها لفترة طويلة عن قرب لا يفيها حقها ببرنامج تلفزيوني أو لقاء صحافي.

يجب أن تلتقوها وجهًا لوجه ويجب أن تتحدثوا معها أكثر وأكثر حتى تفتح لكم قلبها. السر الكبير والحب الأكبر في حياتها كان والدها الراحل، وقد أتيحت لي فرصة الاقتراب منها أكثر بعد وفاته، رحمه الله، ووقتها اكتشفت من هي إليسا الحقيقية يومها احسست أنني من أقرب أصدقائها وفتحت لي قلبها على مصراعيه، ووثقت بي وتحدثنا لفترات طويلة... كنت أعيش في لندن، وكانت تعيش في بيروت، وما زلت أذكر وأنا أتحدث معها في الحديقة قرب منزلي كيف كانت تفوح رائحة العشب الذي أتمشى عليه، وأحيانا رائحة الزهور التي ألامسها بأصابعي، وكنت في ذلك الوقت أرسم لها الصورة بصوتي، وكانت ترسم لي بصوتها صور شقتها والنافذة التي تحب إطلالتها، وكان الحزن العميق يلفها، وفي تلك الفترة اقتربت إليسا من عائلتها ووالدتها أكثر وأكثر... ثقتها الزائدة بنفسها كانت تدهشني، فلم تتحدث بسوء أبدًا عن أي مطرب أو مطربة من الذين كانوا يظنون أنفسهم في مستواها، ولم تنتقد حتى أعمالهم بل أحيانا كانت تدندن بأغنيات بعضهم وعندما كنت أنقل لها ما أسمعه من إشاعات عنها كانت تضحك.

عندما كنا نتحدث عن الحب كانت لا تتردد في الاعتراف بأن هناك من خذلها، وجرح قلبها، وما عادت تؤمن بشيء اسمه حب غير حب المصلحة، وأنها من الصعب أن تفتح قلبها لرجل أو تثق فيه ثقة عمياء... هناك الكثير من صفات إليسا الإنسانة لكن أجمل صفة فيها طيبة قلبها وحنانها وشفافيتها وصدقها وعفويتها، ولم يسبق لي أن عرفت أو سمعت أنها تسبب بأذية لأحد. هل تصدقون أنني على الرغم من قربي منها لم التقها سوى ليوم واحد طويل، عندما وفت بوعدها وفاجأتني بزيارة مكتبي في لندن بمبنى دار الصحافة العربية 184 "هاي هولبورن" الذي كان يضم المكاتب الرئيسية لمعظم مطبوعات شركتنا الشركة السعودية للأبحاث والإعلام، بما فيها الشرق الأوسط ومجلة المجلة والرجل وهي والجميلة وسيدتي وكان ذلك اليوم من أجمل الأيام ولكل الزملاء في كل المطبوعات وتجولت لأكثر من ساعتين في الطوابق الخمسة، وكانت في غاية اللطف والتواضع ولم تفاق الابتسامة شفتيها... ومن ثم تعرفت إليها عن قرب أكثر عندما تناولنا الغداء في مطعم صيني حسب طلبها لأنها تحب الأكل الصيني...

نحتفل هذا العام معك بيوبيل فضّي لمسيرتك الفنّية: مرور 25 سنة على صدور ألبومك الأوّل "بدّي دوب" في العالم العربي. أولا، كيف تنظرين اليوم إلى كل ما حققته على مدى العقدين ونصف الأخيرين؟ وكيف تصفين هذه الرحلة؟
كلما مر وقت على بداية مسيرتي الفنية تتبدل نظرتي إلى كل ما حققته، لأنني مع النضج أنظر إلى التطور بشكل مختلف. أنا راضية ولله الحمد عن كل ما حققته حتى اليوم، وعلى الرغم من التحديات التي نمر بها كل يوم، فإنني أحمد الله أنني تمكنت في معظم الظروف من تخطي الصعوبات. هذه الرحلة هي بالنسبة إليّ بمنزلة رد اعتبار لكل من شكك في أي لحظة في موهبتي وطاقتي وطموحي.

كنت نجمة غلاف مجلة "هي" في مرتين سابقتين. ما الذي تغيّر في إليسا منذ تلك اللقاءات السابقة، على الصعيدين المهني والشخصي؟
على الصعيدين المهني والشخصي معا، أصبحت أكثر تحررا واستقلالية. فقد أسست شركتي الخاصة، وبات إنتاجي مرتبطا بي أنا. كما أنني على الصعيد الشخصي أصبحت أكثر تحررا في الخيارات التي أتخذها، وهنا لا أتحدث عن الصعيد العاطفي فقط، بل كل ما يتعلق بخياراتي في الحياة، لأنني أختار فقط ما أريده ولا أساير فيما أحتاج إليه.

أطلقتِ في الـ7 من مايو / أيار ألبومك الثالث عشر بعنوان "أنا سكّتين"، وهو أول ألبوم لك تنتجينه بالكامل، من خلال شركتك E-Records. كيف اختلف العمل على هذا الألبوم عمّا سبقه؟ وما أقوى رسالة تتشاركينها مع جمهورك من خلاله؟
لقد عشت مع فترة التحضير للألبوم الكثير من التحديات، فقد تأخر عامين عن الصدور بسبب بعض المشكلات القضائية مع شركة التوزيع السابقة، كما أنني أطلقت منه ثلاث أغنيات في السابق، وتغير اسم الألبوم أكثر من مرة. كلها تحديات لم أكن أضعها في حساباتي، لكنها حصلت وقررت بين ليلة وأخرى أن أطلق الألبوم لكي أنتهي من هذا التأجيل. وعلى الرغم من أن الألبوم ليس متوفرا على يوتيوب بسبب المشكلة القضائية، فإن الأرقام التي حققها على المنصات الرقمية كفيلة بأن تتحدث عن نجاحه.

هل ستكون كل أعمالك الآتية من إنتاجك الخاص؟ وهل ستنتج E-Records أيضا أعمالا لمواهب أخرى؟
طبعا أنا قررت أن أنتج لنفسي، لأنني اخترت أن أصبح أكثر استقلالية فيما أقدمه، وهذا خيار يعكس المرحلة التي أنا فيها. أنتج اليوم لنفسي، وطبعا سيكون هناك مواهب أخرى أحب أن أدعمها، لكن كل أمر يحصل في وقته، ولست متسرعة في اتخاذ القرارات أو بناء الخطوات المقبلة.

ذكرتِ لدى الإعلان عن إصدار الألبوم أنه أتى بعد عدد لا يحصى من التحديات. ما كان أبرزها؟ وكيف واجهتها؟
صحيح لقد كانت المشكلة الأبرز فسخ العقد مع شركة التوزيع السابقة التي لم أكن أريد الاستمرار معها، وهذا ما أدى إلى الدخول في نزاع قضائي. ونعلم جميعا كم أن هذه الدعاوى تستغرق وقتا في المحاكم، علما أن القضاء اللبناني أنصفني حتى الآن، ولي ثقة كاملة به، والقضاء الإماراتي نزيه وشفاف، وأنا متأكدة من أنني سآخذ حقي في النهاية.

ما الأغنية الأقرب إلى قلبك من ألبوم "أنا سكّتين"؟ ولماذا؟
لقد اخترت كل أغنية من الألبوم في مرحلة معينة، وكانت لها ذكرى خاصة في قلبي تجعلها مميزة لدي. ولكنني في مكان ما أشعر بأن أغنية "فرحانة معاك" فيها الكثير من الرومانسية بشكل إيجابي، وهذا النمط الأحب إلى قلبي، وخصوصا أنه يشبه لوني الغنائي، ولكن من دون نكد، لأنني بحثت في هذا الألبوم عن الإيجابية قبل كل شيء.

إلى أي مدى شاركتِ شخصيا في تأليف كلمات أغنياتك الجديدة وألحانها وتوزيعها؟
لا أدعي أنني شاعرة أو ملحنة، وكل من أتعاون معه لي ملء الثقة في عمله وإنتاجه. ولكن أتدخل عندما أجد أن هناك كلمة قد لا أرتاح في تأديتها، أو إذا طلبت تبديل بعض الجمل الموسيقية إذا كنت أشعر بأنني أريدها أكثر قربا من أدائي. وهذا ينعكس أيضا على موضوع التوزيع، لأنني أحب أن أسمع الأغنية كما أتخيلها في ذهني.

ماذا عن صورة الألبوم وإطلالتك السوداء فيها على خلفية بيضاء ناصعة؟ ما الذي تعبّر عنه الصورة؟
هي فعليا تشبه عنوان الألبوم الذي اعتمدناه، وهو "أنا سكّتين". قد نكون أحيانا بالأسود، ولكن كل ما حولنا أبيض، وقد يكون العكس. هناك أمور في الحياة تجعلنا نتخذ قرارات جريئة، ونسلك سكة معينة، لأن السكة الأخرى تعني دمارنا. هذه هي الفكرة بطريقة فلسفية بعض الشيء، ولكن الجو العام للصور هدفه إضفاء لمسة سحرية فيها بعض من الجنون مع صديقي إيلي رزق الله كما اعتدت معه.

بالحديث عن الأزياء، هل تتعاملين مع منسّق أزياء محدد؟ وكيف تعدّين إطلالاتك في المناسبات الرسمية وعلى المسرح والسجادة الحمراء؟
اعتدت أن أنظم بعض الرحلات لاختيار الملبوسات الخاصة بكل الاحتفالات والمناسبات التي تكون على جدول أعمالي، وقد يكون معي مجموعة من الأصدقاء والمحترفين في هذا المجال، لكنني أحب أن أختار بنفسي، لأنني أعرف ما يناسبني، وما أريد أن يتلاءم مع كل فترة وكل مناسبة.

وبالنسبة إلى أغنياتك المصورة، كيف يكون إعداد أزيائك للفيديوهات الموسيقية؟
تبعا للأغنية والفكرة. في الأغنيات المصورة قد يختلف الموضوع عن الحفلات، لأن علينا أن نتماشى مع الأفكار الموضوعة من قبل المخرج أو المخرجة، وهذا ما يجعلنا نتبع ما يطلبونه.

خارج الأضواء والفعاليات والشاشات، ما أسلوب أزياء إليسا في حياتها اليومية؟
مثل أي سيدة، أختار ما يريحني وفي الوقت نفسه يجعلني أشعر بأنوثتي ويتماشى مع الموضة وكل ما أحبه. المرأة اللبنانية تتربى على الذوق والدلال، وهذا ما ينعكس في اختياراتها، وأنا لا أختلف عن أي امرأة تبحث عن الثقة من خلال المظهر الخارجي.

هل تغير أسلوب أزيائك منذ بداية مشوارك حتى الآن؟ وكيف ترين أهمية الأزياء في صورة الفنانة وحضورها وتأثيرها؟
طبعا تغير النمط، ولكن الأسلوب نفسه، فأنا لم أبتعد يوما عن الكلاسيكي حتى ولو كنت أعتمد في بعض الأوقات على صيحات معينة تتماشى مع الأفكار والكليبات. ولكن ذوقي يشبه نفسه منذ بداياتي، مع مراعاة الموضة والتبدلات في كل موسم.

هل تهتمّين بمتابعة صيحات الموضة وعروض الأزياء الجديدة؟ وهل تحبين دمج أسلوبك الخاص بما هو "على الموضة"؟
لا شك أنني من أكثر المتابعين، ولهذا السبب أشارك في أسبوع الموضة في باريس أو نيويورك، وأتابع عروض الأزياء للمصممين المفضلين لدي. وفي هذه العروض أتابع الكثير من الأفكار التي أدوّنها وأضعها في مخططاتي للإطلالات المقبلة.

لطالما كنت صريحة ومنفتحة على مشاركة آرائك وأحاسيسك وأفكارك ومستجدات حياتك مع جمهورك ومتابعيك، وكنت من بين أوائل النجوم العرب الذين تفاعلوا مع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن هل ترسمين خطّا معيّنا يفصل العالمين ويعطيك بعض التوازن بين الخصوصية والشهرة؟
مواقع التواصل الاجتماعي مهمة جدا للتواصل مع الناس، ولكن في بعض الأحيان أختار الابتعاد قليلا، لأنني أشعر مثل أي إنسان أنني بحاجة إلى الراحة، وأحتاج إلى الخصوصية والابتعاد عن الضجيج الرقمي. هذا أمر يجعلني أحافظ على مسافة معينة أحتاجها في بعض الظروف.

ما الذي شجعك على الانخراط في عمل الوثائقي الخاص بحياتك على منصة "نتفليكس"، والذي لم تترددي في أن تُظهري من خلاله حتى نقاط ضعفك وأياما صعبة مررت بها؟ وهل تتوقعين تكرار هذه التجربة في المستقبل؟
إن "نتفليكس" شركة عالمية ومن أهم المنصات التي تعنى بالإنتاج التلفزيوني والسينمائي. وتحضير وثائقي شامل مع المنصة كان من أهم الأمور التي تم طرحها عليّ، ولكن كنت أريد معرفة المزيد من التفاصيل حول المعالجة، حتى وصلنا إلى النتيجة التي خرج بها الوثائقي. ولا شك أن التحضير وإصرار فريق العمل على التنفيذ المتقن كان له دور كبير في هذا الأمر. ولكن أشك أن أعيد التجربة، لأنني سعيدة جدا بالنتيجة التي خرج بها الوثائقي، وإن لم يكن لدي من جديد، فلن أعيد الموضوع بشكل مختلف.

كيف ترين تفاعل النساء معك على مر السنين فيما يخص القضايا الاجتماعية التي تدافعين لأجلهن عنها وتؤيدينها حتى في كلمات أغانيك وفيديوهاتها؟ وما الذي دفعك للتحدث عن هذه القضايا؟
المرأة بحاجة إلى دعم دائم في مجتمعاتنا، ولهذا السبب اخترت أن أكون صوتا للقضايا المتعلقة بها، ووضعت كل طاقتي لإيصال الرسائل التي كانت تعتبر من المحرمات في مرحلة معينة. ومجرد كسر الحواجز والتحدث بحرية أكبر عن الموضوع هو انتصار لهذه القضايا، لأنه يجعلنا أكثر تحررا وأقرب إلى تحقيق المساواة.

كيف عززتِ قوتك الداخلية منذ البداية من أجل اجتياز التحديات المهنية والمحن الشخصية، لا بل والانتصار عليها؟ وما نصيحتك للشابات العربيات اليوم؟
ما من وصفة سحرية لتقوية الذات سوى العمل الجاد من جهة، وإعارة الاهتمام الكافي لما يقال من جهة أخرى، وأن يكون الإنسان نفسه قابلا للتطور. كنت محظوظة في بداياتي بأن يكون والدي حاضرا إلى جانبي، وكان لي السند والداعم الأكبر في كل ما كنت أواجهه من صعوبات.

ما أهمية العائلة والأصدقاء في دعم المرأة؟ ومن هم أهمّ أركان نظام الدعم الذي تعتمدين عليه؟
للعائلة والأصدقاء أهمية كبيرة، ولكن في الوقت نفسه، إن لم يدعم هؤلاء المرأة، فقد يتحولون إلى أول الواقفين في مواجهة طموحاتها. لذلك فإن التعاطي مع المقربين يجب أن يكون انطلاقا من حرصهم على مصالح المرأة، وليس على مصالح المجموعة.

أين الحب اليوم في حياة إليسا؟ هل أنت مع الشخص الذي تجدين فيه مواصفات رجل إليسا؟
لا يمكن أن أعيش من دون حب، وكل إنسان يبحث عن الحب بشكل أو بآخر. ولذلك، فأنا محظوظة اليوم كما ذكرت في الوثائقي بأن هناك من يفهمني ويستمع إليّ ويعطيني الثقة والأمان عندما أحتاج إلى ذلك.

ما أكبر حلم لك قد تحقق؟ وما الحلم الذي ما زلت تسعين لتحويله إلى واقع؟
لا شك في أن المرحلة التي وصلت إليها من أهم الأحلام التي تحققت، والحلم الأكبر يبقى الاستمرارية لمرحلة التحول في مكان ما إلى رمز فني يترك بصمة كبرى في مسيرة الأجيال المقبلة.

من المرأة التي ألهمتك في حياتك ومسيرتك الموسيقية؟ وكيف؟
هناك الكثير من النماذج في عالمنا العربي وفي العالم، ولكن في هذه المرحلة بالذات أختار سيلين ديون، خصوصا في ظل الظروف الصحية الحرجة التي تمر بها، لأن قوتها وإصرارها على العودة على الرغم من المرض يجعلان منها امرأة جبارة وأيقونة فنية عالمية.

وأنت، ما الذي تتمنين إلهامه للشابات اللواتي ينظرن إليك كقدوة؟
أتمنى أن أكون مصدرا للقوة والثقة بالنفس، وأن ألهم هؤلاء الشابات الإصرار على تحقيق ما يطمحن إليه على جميع الصُعُد، لأن المرأة تحتاج إلى أن تكون صاحبة قرار قبل كل شيء، لكي تتمكن من تحقيق ذاتها.