خاص "هي": مبادرة "سات" لسعودة أفلام الحركة: من أين تبدأ الحكاية؟
لأن صناعة السينما وتقنياتها موضوع يأتي في مقدمة اهتمام رواد ومحبي الكتابة عن "الفن السابع"، ولأن السينما في السعودية في الآونة الأخيرة أصبحت عنصراً حيوياً، أو لنقل العنصر الأهم في الثقافات المعاصرة خاصة وأننا نعاين عالماً تتضاعف فيه سيطرة الصورة على ثقافة الشعوب الأخرى إذ لا نستطيع أن ننكر سطوة الصورة وفرض خطابها الحالي، فالسؤال الذي لابد من أن يفرض ذاته علينا وإن لم نفرضه نحن على أنفسنا بعد سنوات قليلة من زخم الانتاج السينمائي السعودي بين المعقول والعادي والضعيف والمتفوق، هو: ماذا أعددنا لأنفسنا من مقومات للمنافسة العربية والعالمية؟
تأتي هذة التساؤلات بمناسبة إعلان "هاني الملا" الرئيس التنفيذي لجمعية السينما ومؤسس شركة "هام" للإنتاج المرئي والمسموع وبعد استقراء للسوق السينمائي، إطلاق مبادرة "سات فريق الأكشن السعودي".
تتلخص المبادرة في تحضير عدد من الأفلام العالمية بمقاطع صغيرة منها، ثم محاولة تطبيقها أدائياً من خلال الفريق الخاص بالمبادرة والتي يتشكل أعضاؤها من الشابات والشباب السعوديين الشغوفين بالفن وأفلام الحركة، ويملكون ما يكفي من احتراف فنون القتال والغوص وأنواع متعددة من الرياضات.
وفي نقاش مع الملا أثناء زيارة موقع تصوير فريق "سات" اعتبر أن الأفلام التي تقوم "سات" بتحضيرها الآن وعددها 30 ليست للعرض التجاري هي بل هي مرجع للمنصة الرئيسية بالإضافة الى منصات التواصل الاجتماعي التي لا مناص من الاستعانة بها لاختبار معيار ذوق المتلقي ورصد مدى التفاعل معها.
من جانب آخر يقوم المدرب والمدير التنفيذي للمبادرة "طارق أحمد أبو الحسن"، بتدريب الممثلين، فهو مختص في مهارات الفنون القتالية ويملك كذلك مهارات التسلق والقتال بالسيف العربي والطيران بالإضافة إلى كونه كاتب محتويات أكشن وشارك في كتابة فيلمي "قبضة" و "نصيحة كايد".
يشرف " طارق أحمد أبو الحسن" على المشاهد وإعادتها حتى تصل إلى الدرجة العالية من الإتقان رغم وجود فنانين ممارسين للفنون القتالية أبرزهم الممثل "معتصم ناصر" وهو أيضاٍ مدرب فنون قتالية وقد شارك مؤخراً في بطولة فيلم "شريط فيديو تبدل" إخراج مها الساعاتي.
يتبنى "طارق" مشروع "هاني الملا" في بناء الكوادر دون فرض شروط عمرية فلديهم متدربين في أعمار متفاوتة ومنهم من تجاوز عمر الستين وهو بذلك ينمي البذرة الموجودة لدى أي ممثلة أو ممثل يملك القابلية والليونة في فنون القتال.
30 فيلما لاثبات وجهة نظر
من خلال الاطلاع على هذه المبادرة لم تتوقف التساؤلات في ذهني وكان أكثرها إلحاحاً: ما هي الفائدة من محاكاة مقاطع مشهورة ومحفورة في الذاكرة الانفعالية ونحن حتى الآن نجد صعوبة في تشكيل جبهة دفاع تستند إلى تماسك ملامح الحكاية السعودية بعد تفتت هويتها مابين التأثر الهوليودي والأوروبي في المعالجة؟
للدفاع عن مشروعه أكّد "الملا" أن المشكلة لدينا ليست في القصة بل في التقنية (وفي هذا الشأن درجة من تفاوت الآراء بناءً على المعطيات الموجودة في الانتاج السعودي الحديث في الدراما والسينما).
لكنه يرى أن خطوة تنفيذ هذا العدد من المقاطع الأدائية والتي لا يتجاوز كل مقطع فيها 3 دقائق، هي وضع حجر الأساس وإطلاق الشرارة الأولى لسعودة معدات الحركة كي تكون من ضمن خط الإنتاج.
في ذات الموضوع فإن المبادرة تبدو مثل التمهيد الأولي الساعي لتأسيس أكاديمية متخصصة في ذات الشأن
ولهذه الاكاديمية المستقبلية توجهات واضحة، منها السعودة كما ذكرنا سلفاً أيضاً المحور الثاني
تطوير كوادر الفنانين وتأهيلهم لأن يصبحوا نجوم أكشن دون بديل، وتطوير الكوادر التقنية، مثل استقطاب مصورين سعوديين وتمكينهم من التخصص والاحتراف في تنفيذ المشاهد القتالية، كذلك توفير البيئة الحاضنة مثل مواقع خاصة لقيادة السيارة وخفر السواحل والكثير من الأمكنة في المنطقة الشرقية ويأتي تجاوب هيئة تطوير المنطقة الشرقية مع المبادرة فعالا خاصة وأن هذه الأفلام تعمل على خدمة القطاع السياحي.
الرؤية ومآلاتها القادمة
قد يكون دفاع "هاني الملا " مشروع، ذلك أن للسينما أشكال وأنواع يجب أن تتوافر بنفس الجودة وبنفس التمكين، وأن الفنانين السعوديين الواعدين يستطيعون تأدية أدوار الحركة دون الاستعانة بفريق أجنبي ودون الاستعانة بالبديل "الدوبلير"، خاصة وأن كل جهوده المبذولة الآن منصبة على تأسيس البنية العامة على أرضية جديدة.
فالتمكين الذي يحدث الأن في السعودية والذي تشهده جميع القطاعات ورصد ميزانية جيدة لها جعل سقف الطموحات لدى السينمائيين مرتفعاً، لكن من المهم إدراك أن العمل والمُضي نحو هذه المبادرة ومفرزاتها سيتطلب أيضاً الوعي والتفهم من المتلقي أو الناقد بأن لا يتلقف الأمر كردة فعل استعلائية!
فإن تبلورت رؤية المبادرة كما هو مخطّط، يتبقى لدينا العصارة وهو الفيلم السعودي بماهيته وأساليبه الفنية الخالصة المكونة من حبكة غير مفبركة على حساب استعراض المهارات الحركية.