الكُحل الإثمد الأسود رفيق المرأة العربية عبر العصور... إليك قصته وفوائده
الكُحل الأسود مرآة العيون الساحرة ورمز يعكس جمال المرأة العربية. فعلى مر السنين والعصور، تغنى الشعراء بالعيون الساحرة، واعتبروها مصدراً للإلهام، ورمزاً للجمال، وأبدعوا في وصف شكلها ورموشها وبريقها.
إلا أن هذا السحر لا يكتمل من دون شيء أساسي للغاية هو "الإثمد" أو الكُحل فربما تستغني المرأة عن كل أدوات تجميلها وتزيينها الخاصة سواء أحمر شفاه، كريم أساس، وأي نوع آخر من عناصر التجميل.
لكن الشيء الوحيد الذي لا يُمكنها الاستغناء عنه قلم الكُحل الأسود، الذي لم تكسره أحدث الصيحات في عالم الموضة والجمال خصوصاً الأقلام الملونة، والتي اعتبرها الكثير مجرد صيحات وموضة عابرة ظهرت وانتهت .
يرجع استخدام الكُحل لمئات السنين، حيث تبين دخوله في معظم الوصفات الخاصة بالعيون في عهد الفراعنة، ويظهر ذلك بشكل كبير في الصور والرسوم الموجودة على المعابد المصرية في مختلف مدنها.
كذلك كان الرجال في تلك العصور يتجملون به، وعلى الرغم من وجود الكثير ممن لا يعترفون به للرجال إلا أن البعض يستخدمه حيث المتعارف أنه سنة نبوية عن الرسول الكريم .
ألوان الكحل التي تواجدت في عصر الفراعنة "الأسود" وكان الطاغي على الرجال والنساء بجانب اللون الأخضر والذي قيل من بعض تفسيرات اللغة الهيروغليفية القديمة إنه يدل على حورس والأسود يدل على القوة والسلطة .
لذا دعينا عزيزتي نُبحر معكِ في أسرار العيون، لنتعرف على فوائد الكُحل الإثمد الأسود للعيون وطريقة استخدامه عبر العصورالتي لا تزال تُبهرنها حتى وقتنا الحالي.
انتشار الكحل الأسود عبر العصور
الكُحل أو الإِثمِد هو حجر يُطحن ليستخدم مسحوقه لتكحيل العيون، غالباً كمادة لتجميل النساء، لكن هُناك بعض الرجال ممن يضعون الكُحل لكن بشكل غير شائع. عادةً الاكتحال منتشرة في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، والمغرب العربي، وجنوب آسيا وبعض من أجزاء أفريقيا.
يعود تاريخ استخدام الكُحل إلى العصر البرونزي أي حوالي العام 3500 قبل الميلاد. وإستخدمته عدة شعوب وحضارات أشهرهم الفراعنة وكانوا يستخدمونه فتظهر عيونهم واسعة وجميلة.
في الجزيرة العربية، ظهر الكحل العربي منذ العصر الجاهلي، وهو عبارة عن حجر يأتي من المملكة العربية السعودية، وفق ما تذكر "موسوعة زايد الإمارات والتراث"، للكاتب حمدي تمام، لافتاً إلى أن المرأة الخليجية بصفة خاصة هي أشد النساء العربيات تمسكاً بالكحل العربي، فهي تعطي له الأولوية على جميع أنواع الكحل الاصطناعي، وتستخدمه في كل وقت وفي كل مراحل عمرها.
والكحل العربي لا يُصنع لدى خبراء متخصصين أو في معامل كيميائية معينة، بل إنه كان ومازال يُصنع في المنازل وتتوارث طريقة صنعه البنات عن الأمهات والجدات.
بينما تذكر الشيخة صبحة الخييلي، في كتابها "وين الطروش"، الذي يصف ملامح من تراث بادية أبوظبي في الفترة من الثلاثينات إلى الستينات من القرن الماضي، أن الكحل كان من الزينة الرئيسة للمرأة، موضحة: "معروف عن النساء البدويات أنهن لم يبالغن في استخدام مواد التجميل، فقد اقتصرت زينة المرأة البدوية على أنواع بسيطة، كالكحل والحناء، واستخدمت النساء من الكحل " الإثمد".
وقد كان يحفظ في جراب مزخرف، يسمى "بقشة"، وأما الكحل المحفوظ المسمى "كحل الصراي" فكان يحفظ في الصدف، وغالباً ما يستخدم للمواليد والأطفال وبعض النساء".
ولقد كان لاستخدام الكُحل أسباب عديدة منها: حماية العين من أشعة الشمس القوية في المناطق الصحراوية والحارة حيث أنه كان منتشراً لدى البدو. كما أن البعض كان يعتقد أن الكُحل يحمي العين من بعض من أمراض العيون، كذلك كان يوضع للأطفال حديثي الولادة والأطفال صغار السن بغض النظر عن جنس الطفل لتقوية العين أو لحمايتها من العين الشريرة أوالحسد كما كانوا يعتقدون.
أول امرأة عربية استخدمت الكُحل الأسود
الإثمد حجر الكُحل هو معدن بالطبيعة على شكل صخر هش لامع. يتكون من طبقات ويُقال إن زرقاء اليمامة الشهيرة هي أول من اكتحل بالكحل بين العرب وهي اليمامة المعروفة بالمثل الذي ضرب بحدة بصرها.
وزرقاء اليمامة هي امرأة نجدية من جديس اليمامة يُقال أنها كانت ترى الشخص على مسيرة ثلاثة أيام. ويروى أنه في إحدى الحروب استتر العدو بقطع الأشجار وحملها أمامهم فرأت زرقاء اليمامة ذلك فأنذرت قومها فلم يصدقوها. فلما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم وهدموا بنيانهم وقلعوا عين زرقاء اليمامة فوجدوها محشوة بالأثمد وهو حجر أسود كانت تدقه وتكتحل به.
طرق تصنيع الكُحل الأسود
يتوقع الكثير من الناس أن هذا الحجر ذو لون أسود قاتم، نظراً للون الكُحل الأسود، إلا أن هذا الحجر يكون موجوداً بالطبيعة باللون الفضي اللامع كحجر الأثمد المغربي أو باللون الأحمر المائل إلى السواد كما هو الحال في حجر الأثمد الشامي.
هناك نوعان الأول الطبيعي، يُصنع من أصل الكحل وهو حجر الإثمد والذي تتم معالجته بثلاث طرق، الأولى وأقدمهم يُوضع حجر الإثمد على الجمر حتى ينفجر ويتناثر منه الحصى الناعم ثم ينقع في خليط من الماء والقهوة العربية لأيام عدة، ثم يُطحن في الهون حتى تتفكك حباته ويتحول إلى مسحوق ثم ينخل في قماش ناعم، وبعد ذلك يُعبأ في المكاحل ويكون جاهزاً للاستعمال .
الطريقة الثانية: يمر بنفس المراحل السابقة إلا أنه يُنقع في مزيج من الماء وورق الحناء بدلاً من الماء والقهوة .
أما الثالثة والأخيرة فتتم بوضع حجر الإثمد في خليط يطلق عليه "النجعة" وهو عبارة عن ماء ورد، زعفران، ماء ورد ويترك لمدة ثلاثة أشهر حتى يلين الحجر، ثم ينتشل من هذا الخليط، ويدق حتى يصبح ناعماً، وينخل كي يتخلص من الشوائب ويكرر ذلك أكثر من مرة حتى يصبح نقياً صالحاً للاستعمال .
أما النوع الثاني فهو الكُحل الصناعي، ظهر منه العديد من الأنواع منها الملون، "الماسكارا"، وأثبتت فشلها بل وأصابت البعض بتشوهات وضعف بالنظر والرؤية بشكل عام لما تحمله من عناصر مضرة بالعين .
دراسات مُتنوعة بشأن الكُحل الأسود
أجريت بعض الدراسات الطبية في منطقة الخليج بشكل عام، وحذرت من خطر الكُحل الصناعي على العين، وتأثيره الضار في البصر، لاحتوائه على نسبة عالية من الرصاص تتراوح ما بين 85 و100 في كل غرام من الكُحل.
خصوصاً النوع الذي يُباع في الأسواق الشعبية ولدى العطارين، كذلك تبين أن استعماله من جانب الحوامل يتسبب في وفيات الأطفال الذين يتعرضون بدورهم للتسمم بالرصاص، لذلك وفي حالة تعذر التأكد من أن الكُحل المستعمل طبيعي وغير مغشوش، ينصح باستخدام أقلام الكُحل التي تباع في الصيدليات، لأنها تحتوي على مادتي الكربون والحديد، اللتين لا تؤثران في العين.
ومن أجود أنواع الكُحل الطبيعي الإثمد، وهناك ما يطلق عليه اسم الكُحل البلدي وهو الكُحل المصنوع من "اللبان الذكر" وهو من أفضل الوسائل الطبيعية لتجميل العينين والرموش أو المصنوع من "نواة التمر"، ويقوي رموش العينين .
دراسة سعودية أخرى حذرت من أن الكُحل الصناعي يُضر بعيون النساء ويؤذي البصر وخصوصاً تلك الأنواع الشائعة في المنطقة العربية والخليجية، لاحتوائها على نسبة كبيرة من الرصاص، حيث وجد الأطباء في مستشفى الملك فيصل التخصصي بعد تحليل عينات عشوائية من الكُحل، الذي يُباع لدى العطارين، والمتوافر في الأسواق والأنواع الهندية على الأخص أن نسبة الرصاص فيها تتراوح بين 85% إلى 100% في كل غرام من الكُحل .
فوائد كُحل الإثمد الأسود للعيون
اكتشفت العديد من الدراسات أن للكُحل الأسود المصنوع من حجر الإثمد فوائد عدة، أهمها:
- زيادة النظر وتقويته حيث يُساعد الكُحل على التخلص من ضعف النظر.
- يُمكن إستخدامه في حالات التهابات العيون والحساسية المفرطة للعين والتقرح التي تتعرض لها العيون بسبب الملوثات الخارجية.
- ثبت قدرة الكُحل الإثمد الأسود على قتل الجراثيم التي تتعرض لها العيون، إذ تُساعد مركبات الأنتمون بداخله على قتل الطُفليات ويستخدم في حالات الاحتقانات المرضية للعين.
- يُساعد على إنبات الرموش، إذ يحوي الكُحل عدد من الخصائص التي تؤثر على البشرة فتنشط بُصيلة الشعر للعمل على إنباتها وتثبيتها، وكذلك يدخل الحجر في علاجات السعفة الجلدية وبعض حالات الصلع غير الوراثي.
- يعمل كواقي لحماية العين من أي تهديد خارجي قد تتعرض له من البيئة المحيطة.
- يُساعد على وقاية العيون من ضعف النظر في مراحل الشيخوخة.
- يعمل على وقف النزيف الداخلي للعين وعلاج جروح العين.
وأخيراً، تختلف كل امرأة عن الأخرى في الطريقة التي ترغب في اتباعها، ولكن يتم وضع الكُحل الأسود حسب حجم العينين ورسمتها، فمثلًا بالنسبة للعيون المائلة للأسفل فيوضع الكُحل مركزاً على الجفن العلوي للعين، وداخل العين، وعلى الزاوية الداخلية للعين.
اما العيون المستديرة، فيوضع الكُحل على العين كلها من الأسفل والأعلى، والعيون الصغيرة تُرسم من الأعلى بخط عريض غامق، ويوضع خط رفيع تحت العين، مع إبقاء العين مفتوحة من الأمام، وقد تكون الفتحة من الخلف، أي يوضع خطي الكُحل من الأعلى والأسفل، وتبقى العين فارغه من نهايتها.