أخصائية نفسية تشدد على أهمية تقديم الرعاية الصحية لطفل التوحد عن بعد مع مشاركة الأهل
يعاني طفل التوحد من أعراض وتحديات فريدة تحددها العوامل الوراثية ومدى استعداده للإصابة بالمرض والعوامل البيئية المحيطة به؛ ولذلك يكون بحاجة ماسة أكثر من غيره من الأطفال لكثير من الوعي والدعم والمساندة. كما أنه يحتاج إلى عناية دقيقة، ويجب أن يكون والديه على درجة كبيرة من المعرفة ليتمكنوا من تقديم الدعم اللازم له وبما يصب في صالحه هو، تُرى كيف يمكن للآباء والأمهات التعامل مع طفل التوحد؟
من أجل ذلك، وبمناسبة اليوم العالمي للتوحد، شددت أخصائية نفسية في كليفلاند كلينك على أهمية الرعاية الصحية عن بعد وتمكين الوالدين في المساعدة على ردم فجوات الرعاية الصحية المقدمة إلى مرضى التوحد وتحسين النتائج.
نماذج مبتكرة
أشارت أخصائية في مستشفى كليفلاند كلينك إلى أن النماذج المبتكرة التي توظف الرعاية الصحية عن بعد والتدخلات بمشاركة الوالدين يمكنها تأدية دور رئيسي في تحسين الرعاية الصحية والنتائج المحققة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 1 من كل 100 طفل هم مصابون باضطراب طيف التوحد في العالم.
وفي هذا الصدد قالت الدكتورة سنثيا آر. جونسون، مديرة مركز كليفلاند كلينك للأطفال للتوحد في كليفلاند وأستاذة طب الأطفال: "لقد شهدت الأعوام القليلة الماضية تركيزاً أكبر على دور التدخلات التي يشارك فيها الوالدان بالنسبة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. يمكن للعائلات أن تكون مصدراً جيداً لمساعدة الأطفال على تعلم المهارات المناسبة تنموياً وتعزيز استقلاليتهم وتوظيف قدراتهم الفريدة".
أهمية تدريب الوالدين
قالت د.جونسون أنه "نظراً لإمكانية توفير تدريب الوالدين عبر المنصات المختلفة للرعاية الصحية عن بعد، فقد اكتسب تطوير هذه البرامج أهمية كبيرة خلال فترة الجائحة. ويتم حالياً تقييم هذه الطريقة بصفتها حلاً محتملاً للعائلات ذات القدرة المحدودة أو المعدومة على الوصول إلى المراكز المتخصصة للتوحد. وأظهرت الأبحاث التي أجراها فريق الأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك ومؤسسات أخرى، إمكانية مقارنة النتائج المحققة لهذه الطريقة مع نتائج توفير التدريب بصورة شخصية".
كما أوضحت أن توظيف الخدمات الصحية عن بعد بهدف تقديم التدريب إلى الوالدين له فوائد عديدة من ضمنها تجاوز العوائق التي تحول دون مشاركة الوالدين، مشيرة إلى أن سهولة جدولة الزيارات الافتراضية تشجع العديد من أفراد الأسرة على المشاركة في خطط العلاج.
وعملت الدكتورة جونسون وزملاؤها في كليفلاند كلينك وفي جامعة كايس ويسترن ريسيرف على مشروعين بحثيين واسعي النطاق لدراسات الرعاية الصحية عن بعد والتوحد. وتم نشر نتيجة الدراسة التي أجريت حول التدخلات الخاصة بالنوم في وقت سابق، في حين أن نتائج الدراسة الأخرى سيتم نشرها قريباً. وكانت النتائج الأولية مشجعة، وأظهرت فوائد مشاركة أفراد العائلة، كما سلطت الضوء على تفضيل الكثير من العائلات للمشاركة في معالجة أطفالها. بالإضافة إلى ذلك فقد أظهرت دراسة النوم نتائج إيجابية لبرامج الرعاية الصحية عن بعد لتدريب الوالدين حيث كانت هذه النتائج مقاربة للنتائج المسجلة في التدريب المقدم بصورة شخصية.
وتقدم برامج تدريب الوالدين توجيهات إلى الأهالي بخصوص مبادئ تحليل السلوك التطبيقي، كما توفر استراتيجيات مستهدفة وغير ذلك للمشاكل السلوكية والتغذية والنوم. وبيّنت الدكتورة جونسون أن هذه التدخلات لا تعود بفائدة كبيرة على الأطفال فحسب، بل على رفاه الأسرة بشكل عام، موضحة أن مشاركة الوالدين تقلل بشكل كبير من الضغوط التي تواجه الأهالي وتحسن شعورهم بالكفاءة.
والآن ما هي أهمية التدخل المبكر في تحسين حالة طفل التوحد؟
أكدت الدكتورة جونسون أنه بغض النظر عن نوع التدخل، فإن التوقيت يتمتع بأهمية كبيرة إذ يزيد التدخل المبكر من إمكانية تحقيق نتائج أفضل، ولذلك يجب على جميع الأهالي التنبّه للمؤشرات الأولية للمرض، مشيرة إلى أن هناك مكونين رئيسيين لاضطراب طيف التوحد مع إمكانية التشخيص في مراحل مبكرة جداً تصل إلى العام الأول من عمر الطفل. يتمثل المكون الأول أو العجز عن استخدام التواصل على الصعيد الاجتماعي، كأن يكون الطفل غير قادر على إجراء تواصل بصري واستخدام الإشارات غير اللفظية مثل الإشارة باليد أو التلويح، ويتمثل الثاني في ظهور السلوكيات المقيدة أو المتكررة.
ما هي أهم الأعراض التي تدل على إصابة الطفل بالتوحد؟
ذكرت د. جونسون عدة أعراض مهمة يجب على الآباء والأمهات ممن لديهم أطفال صغار وأطفال في سن ما قبل المدرسة، وهذه الأعراض هي:
- تأخر الكلام والتطور غير الطبيعي في مهارات التواصل، كعدم استخدام الإيماءات، أو الكلام أو العبارات المتكررة.
- التقليد المحدود لأفعال الآخرين وعواطفهم.
- اللعب غير التقليدي والمتكرر والمقيد.
- الانخراط في حركات متكررة مثل رفرفة اليد أو نقر الأصابع؛ أو الحساسية المفرطة للصوت.
وهنا أكدت جونسون على أنه كلما تمكن الأهل من التعرف على أعراض اضطراب طيف التوحد في وقت مبكر، كلما تم معالجة هذه الاختلافات بين هؤلاء الأطفال بشكل أسرع، ومن ثم تحفيز الاستجابة في المساعدة في تجنب سلسلة من الاضطرابات التي قد تحدث في مرحلة النمو المبكر. إذ يتم التشخيص بعد مقابلة الأهالي والمدرسين إلى جانب إجراء اختبارات خاصة بالتوحد، وبناء على الظروف المحددة فإن هذه التقييمات هي أيضاً من المجالات المحتملة التي يمكن تقديمها بشكل جزئي أو كلي من خلال أساليب الرعاية الصحية عن بعد.
وختامًا، شدد جونسون على أهمية تقديم الرعاية الصحية عن بعد لطفل التوحد، وبمشاركة الوالدين، وذلك لتعزيز إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية للأطفال المصابين بالتوحد، كما تعود بالفائدة على العائلات ككل.
مع تمنياتي لأطفال التوحد بحياة صحية ورائعة،،،