
يوم الصحة العالمي.. بنبض الأم وصحة الطفل نبني جيلاً يشرق بالمستقبل
اعتادنا في السابع من أبريل كل عام، وبمناسبة يوم الصحة العالمي الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية منذ زمن طويل، أن يتم التركيز على مسألة صحية تمس حياة البشر جميعًا. وها هو اليوم يأتي ومعه أمل جديد للأمهات وللمواليد حيث التركيز على صحتهن وصحة مواليدهن. تُرى كيف يتم دعم صحة الأمهات وبخاصة في مرحلة الحمل والولادة؟، وكيف يمكن تقديم الرعاية الكاملة للمواليد الجدد بما يعزز صحتهم ويحقق وقايتهم من الأمراض؟
يوم الصحة العالمي.. بداية صحية لمستقبل واعد
في يوم الصحة العالمي 2025، تتجدد رسائل الإنسانية والعناية، هذه المرة يستهدف العناية بالأم، قلب الأسرة النابض، ورعاية الطفل بذرة المستقبل التي تنبض بالحياة. إن العناية بصحة الأم والطفل ليست مجرد واجب طبي، بل استثمار في مستقبلٍ أكثر إشراقًا، حيث تبدأ التنمية الحقيقية من رحم الأمان والتغذية والرعاية.

لماذا تُعد صحة الأم أولوية عالمية؟
مواليد وأطفال اليوم هم مستقبل الغد؛ إن شعار يوم الصحة العالمي 2025 يتماشى مع هذه الحقيقة الهامة، لذلك من الضروري دعم صحة المواليد الجدد بشكل خاص. يبدأ الدعم بالاهتمام بصحة أمهاتهم أثناء الحمل والولادة، حيث أن دعم الأم في رحلتها منذ بداية الحمل، وحتى بعد الولادة، وتوفير بيئة صحية لنمو الطفل، لا يعبران فقط عن التقدم الطبي، بل يعكسان مدى تحضر المجتمعات وإنسانيتها.
يمكن اختصار الإجابة على هذا السؤال المهم من خلال النقاط التالية:
-
صحة الأم تنعكس على صحة الطفل
الأم هي الأساس، هي من تحمل الطفل في رحمها وفيه تبدأ حياته. كما أن جودة حياة الطفل وصحته ترتبط بشكل كبير بصحة أمه أثناء الحمل، ولذلك يجب التركيز على صحة الأم منذ بداية الحمل لحظة بلحظة، ورعايتها رعاية دقيقة طلبًا في ولادة طفل يتمتع بصحة جيدة.
تقول الدكتورة فاطمة الزهراء محمد استشاري طب الأطفال بدبي، أن العناية بصحة الأم، ورعايتها أثناء الحمل، يقي الطفل كثير من المشاكل التي قد تتربص به بمجرد ولادته، لأن اكتشاف أي عوارض غير صحية والعمل على علاجها يحمي الطفل من التعرض لأي مشكلة صحية.
كما أن متابعة صحة الأم خلال الحمل، يحقق رعادية دقيقة لها، ويقيها من الإصابة بأمراض قد تلحق الأذى بجنينها أو طفلها بعد الولادة، مثل الإصابة بالسكري، وارتفاع ضغط الدم، وغير ذلك من المشاكل الصحية الأخرى التي من الممكن أن تهاجم الطفل لاحقًا في أي مرحلة عمرية.
-
الاهتمام بصحة الأم يقيها من خطر الوفاة أثناء الولادة
لا تزال آلاف النساء حول العالم، خاصة في الدول الفقيرة، يواجهن خطر الموت أثناء الحمل أو الولادة بسبب ضعف الرعاية الصحية، وهو أمر يجب الانتباه إليه جيدًا بلفت نظر المجتمع، والمعنيين فيه على الاهتمام بتقديم الرعاية الصحية للأم منذ بداية الحمل وحتى ولادتها، وما بعد مرحلة الولادة أيضًا.
-
الاهتمام بالصحة النفسية يؤهلها لرعاية مولودها جيدًا
مراعاة الحالة النفسية للأم أثناء الحمل وبعد الولادة أمر مهم وضروري جدًا، لأن الكآبة النفسية أو ما يعرف باكتئاب الحمل، واللذان يحدثان بسبب التغيرات الهرمونية الشديدة التي تتعرض لها الأم بسبب حدوث الحمل، تؤثر تأثيرًا سلبية على الجنين. كما أن الحالة النفسية السيئة للأم مثل اصابتها باكتئاب الولادة قد يعوقها عن رعاية مولودها رعاية جيدة، والأكثر من ذلك أنها قد تضر بمولودها إذا لم يتم الانتباه لإصابتها باكتئاب ما بعد الولادة. إن دعم صحة الأم نفسيًا خلال هذه المرحلة، يعزز من سلامة المولود، كما أن مراعاة نفسية الأم في مراحل التربية اللاحقة لمرحلة ما بعد الولادة، يجعلها مهيأة نفسيًا لرعاية طفلها رعاية دقيقة وسليمة، والمحصلة أم وطفل بصحة جسدية ونفسية جيدة.

-
التغذية السليمة للأم تعادل مناعة قوية للطفل
يؤكد خبير التغذية، معتز الشريف، أن التغذية السليمة للأم أثناء الحمل تلعب دورًا حيويًا في دعم صحة الجنين وتأسيس مناعة قوية له منذ اللحظات الأولى لتكوينه. فالغذاء الذي تتناوله الحامل لا يغذي جسدها فقط، بل يضع اللبنات الأساسية لنمو أعضاء الجنين، خاصة جهازه المناعي.
وأكد الشريف أن حصول الأم على كميات كافية من الفيتامينات مثل فيتامين C وD وE، وحمض الفوليك، والزنك، وأوميغا-3 يعزز من قدرة الجنين على تكوين خلايا مناعية صحية، ويقلل من خطر إصابته بالأمراض بعد الولادة. كما أن تناول الخضروات الورقية، والفواكه، والبروتينات الخالية من الدهون، والحبوب الكاملة، يضمن بيئة مثالية لنمو الجنين ومن ثم نموه نموًا سليمًا.
ويحذر الشريف من سوء التغذية أثناء الحمل، لأنه يؤثر سلبًا على نمو الجنين، كما أنه يضعف من جهازه المناعي، ويزيد من احتمالية إصابته بالحساسية أو الالتهابات في المراحل الأولى من حياته. لذا، فإن تغذية الأم ليست مجرد اهتمام بصحتها هي فقط، لأنها تنعكس على صحة الطفل.
-
المتابعة الدقيقة للأم أثناء الحمل تحقق ولادة آمنة
تؤكد الدكتورة أمينة العسلي أن رعاية الأم أثناء الحمل رعاية صحية دقيقة، وتوعيتها بضرورة المتابعة الدورية، وعمل الفحوصات الطبية المنتظمة خلال مسيرة الحمل يقي الطفل من الأمراض الخلقية التي من الممكن أن تتربص به بعد الولادة، وذلك لسهولة اكتشافها مع المتابعة الطبية الدقيقة، إذ توجد حالات لجراحات دقيقة أثناء الحمل تحمي الطفل من المعاناة من أي مرض خلقي يتربص به، كما أن الولادة الآمنة تحفظ حياة الأم والطفل معًا وتقلل من معدلات الإعاقة.

-
توعية وتقيف الأمهات الجدد في سنة أولى أمومة يخلق أجيال أكثر صحة
تخطو الأمهات الجدد خطواتهن الأولى في عالم الأمومة الجميل ودرب السعادة المليء بالحب والتحديات أيضًا، حيث تختلط مشاعر الفرح بالتساؤلات والقلق مما هو آت. وهنا تتجلى أهمية التوعية والتثقيف المبكر للأمهات الجدد، الذي لا يمنح الأم فقط الطمأنينة والثقة، بل يرسم مستقبلًا أكثر صحة لأطفالنا. فحين تتسلح الأم بالمعرفة حول التغذية السليمة، الرضاعة الطبيعية، روتين النوم، والتعامل مع التطورات النفسية والسلوكية لطفلها، فإنها تبني في كل يوم حجر أساس لطفل ينمو بقوة الجسد ونضج العقل. إن دعم الأمهات الجدد ليس رفاهية، بل مسؤولية مجتمعية تثمر أجيالًا أكثر وعيًا، وأقل عرضة للأمراض، وأكثر استقرارًا في مشاعرهم وعلاقاتهم. فسنة أولى أمومة، حين تُضاء بالوعي، تضيء دروب المستقبل كله.
-
رعاية الطفل خلال المراحل الأولى من عمره
تؤكد د.فاطمة على الأمور التالية:
- ضرورة ممارسة الرضاعة الطبيعية، لأنها تحمي الطفل من الأمراض وتقوي العلاقة العاطفية بينه وبين أمه.
- الالتزام بالتطعيمات الأساسية تحمي الطفل من أمراض قاتلة من الممكن أن تهدد حياته في مراحل عمرية لاحقة.
- الحب، الأمان، واحتضان الطفل، وتقديم الرعاية العاطفية تؤثر بشكل مباشر على نمو الطفل الذهني والعاطفي.

دور القطاع الصحي في دعم صحة الأم والطفل
يجب الاهتمام بالأم والطفل في جميع المراحل الحياتية التي يمرون وبخاصة مع بداية مرحلة الحمل، وخلال مسيرتها حتى موعد الولادة، ومن بعدها للتأكيد على سلامة الطفل، ولذلك يجب على المجتمعات الالتزام بما يلي:
- توفير الدعم النفسي للأمهات وبخاصة الأمهات الجديدات في عالم الأمومة الجميل.
- التوعية بأهمية المتابعة الطبية خلال الحمل.
- توعية النساء أكثر وتثقيفهن صحيًا بشأن تخاذ قرارات صحية تتعلق بهن.
- التأكيد على أهمية الرضاعة الطبيعية للأم والطفل، وتبني سياسات مرنة في العمل تدعم الأم المرضعة، وتعزز من صحتها ومن ثم صحة رضيعها.
- تنظيم دورات تدريبية لتثقيف الأمهات خلال الحمل بشأن الأمومة، وعمل حملات توعية متعددة ومختلفة المضمون، لزيادة وعي الأمهات بصحتهن، وصحة أطفالهن.
خلاصة القول:
يمثل التركيز على صحة الأم والطفل في يوم الصحة العالمي 2025 ركيزة أساسية وهامة تفيد في تنشأة أجيال أكثر صحة، وأكثر صلابة من غيرهم، وبما يجعل المستقبل أفضل وأكثر إشراقًا معهم.
والآن، برأيكِ: كيف يمكن أن يتحقق مضمون الرعاية الصحية والنفسية للأم والطفل في القطاع الصحي والمجتمع ككل بعد رؤية يوم الصحة العالمي 2025؟