ما هو الذكاء الموسيقي وكيف يُمكنك استغلاله لتطوير ذاتك؟
أشارت العديد من الدراسات إلى أن الموسيقيون المغرمون بعزف الموسيقى، هم أكثر ذكاءً، كونها تعمل دومًا على تنشيط قدراتهم الحسية تزامنًا مع وظائفهم الحركية؛ لكن هل الموسيقى تجعل من يستمعون إليها أيضًا أكثر ذكاء؟
بحسب ميشائل أولر، رئيس الجمعية الألمانية المعنية بعلم النفس الموسيقى "نُشرت دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل تسعينيات القرن الماضي تفيد بأن الاستماع إلى مؤلفات موتسارت تجعل الأشخاص أكثر ذكاء". غير أن، نتائج هذا البحث لم تتكرر قط، وقال أولر: "إنها خرافة حضارية".
وأضاف، عزف الموسيقى هو فعليًا الأكثر احتمالًا في أن يكون له أثرًا إيجابيًا على الوظائف الإدراكية، أيا كانت الأداة أو نوعها. وأكد أن "هناك دليل قاطع للغاية أن عزف الموسيقى يغير الدماغ".
عمومًا لا يُعتقد أن عزف الموسيقى يجعل الأشخاص أذكى، ولكن السبب في ذلك هو تعلم المهارات الحسية. إذ أنها تحسن التفاعل بين الأعضاء الحسية والوظائف الحركي؛ لذا يستطيع الموسيقيون استشراف المستقبل ومعرفة ما إذا كانوا عزفوا النوتة الصحيحة أم لا.
فضلًا عن ذلك، تطوير مثل هذه القدرات يُغير مناطق معينة في الدماغ و بالتالي تتطّور ليصبح الشخص ذو طريقة مختلفة في التفكير. وهذا هو تأثير الموسيقى على الدماغ.
من ناحية أخرى، أثبتت الدراسات الحديثة أن التعلّم الموسيقي يٌساهم في تطوير وتحسين الذاكرة، والتعلّم المكاني (أي الذاكرة التي تعتمد على تجميع المعلومات وربطها بالأماكن؛ كذلك طوّر التعلم الموسيقي مهارات اللغة مثل "الذاكرة اللفظية، والذكاء اللفظي".
وبما أن الموسيقى تُحسن من الذكاء اللفظي، فهي تفتح نافذة واسعة أمام الدماغ لتعلم الرموز والكلمات المعقدة مثل "النوتات الموسيقية"، وكذلك تمييز الأنماط والنغمات الموسيقية بدقة والتفكير بها وهو ما يُعرف بالذكاء الموسيقي.
من هذا المنُطلق، سنوضح لكِ مفهوم الذكاء الموسيقي، وكيفية استغلاله في تطوير ذاتك في جميع أمور حياتك، وذلك وفقًا لما أقرته العديد من دراسات علم النفس الموسيقي، وأيدته الإخصائية النفسية دكتورة دينا جلال من القاهرة.
مفهوم الذكاء الموسيقي
أوضحت دكتورة دينا، أنه القدرة على تمييز الأنماط والنغمات الموسيقية بدقة والتفكير بها، وخلق روابط بين المعلومات والأفكار من خلال النغمات والألحان والإيقاعات، وكذلك يشمل القدرة على تقديم عروض موسيقية مميزة مثل: "الغناء، أوالعزف، وأيضًا تأليف الموسيقى". بشكل عام أصحاب هذا النوع من الذكاء لديهم تقدير عالي للموسيقى وتوظيفها لمدى أبعد بكثير عن غيرهم من الأشخاص.
تأثيرالذكاء الموسيقي على المرأة
وأضافت، هذا النوع من الذكاء يجعل المرأة قادرة على اكتساب سلوكيات ومهارات متنوعة يُمكن أن تقودها إلى النجاح بخطوات ثابتة، أبرزها:
- تذكُر الجمل والتعابير الخاصة بلغات أجنبية بسهولة.
- خلق أنماط تصف بها كل ما حولها في حياتها.
- الاستمتاع بالرقص والغناء
- استخدام الأنماط أو الألحان لتذكر الأمور
- اكتسلب مهارة العزف على عدة آلات أحيانًا.
- تذكُر الأغاني والألحان بسهولة.
- فهم النوتة الموسيقية وقواعد الموسيقى من ألحان، وإيقاعات، ومقامات بشكل أعمق من غيرها.
أهمية الذكاء الموسيقي لتطوير المرأة
من ناحية أخرى، أكدت دكتورة دينا، أن انخراط المرأة بالأنشطة الموسيقية، قد يُحفز الدماغ، ويطور قدراتها الإبداعية، مهاراتها الاجتماعية والتواصلية؛ على سبيل المثال: "العزف في فرقة أو الغناء مع مجموعة أصدقاء". وذلك بخلاف تطور مهاراتها اللغوية، حيث أن تعلم الموسيقى ينشط النصف الأيسر من الدماغ الذي يحوي مركز تعلم اللغات. وفي نفس الوقت تنمية القدرة على التركيز والانتباه.
طرق تنمية الذكاء الموسيقي عند المرأة
نصحت دكتورة دينا، باتباع بعض الطرق العملية لتنمية الذكاء الموسيقي؛ وذلك على النحو التالي:
- اقرأي الشعر بانتظام وحاولي تأليف قصائد
- خصصي وقت من كل أسبوع للاستماع إلى نمط جديد من الأغاني " نمط لستِ معتادة على سماعه" مثلاً قد يكون موسيقى كلاسيكية أو روك أو غيرها.
- احضري الحفلات الموسيقية أو المسرحيات الغنائية
- تعلمي العزف على آلة أو أكثر
- أبقي في دفتر يومياتك قسم خاص لتوثيق الأغاني التي كانت مهمة في فترات معينة من حياتك.
- استمعي للأغاني أو الموسيقى أثناء الدراسة، أو الطبخ، أو تناول الطعام، أو ارتداء الملابس.
الذكاء الموسيقي وعلاقته بذكريات المرأة
وبحسب دكتورة دينا، تسافر بنا الموسيقى إلى ذكريات الماضي، وتطير بنا إلى رحاب المستقبل، فتوقظ فينا الذكريات، وتُطلق العنان للأحلام، وبين هذه وتلك تحطّ بنا على أرض الواقع المرير، فتجمّله بإيحاءات لمساتها السحريّة، وتشرّعه على فسحات الأمل بغدٍ مشرقٍ زاهر؛ هكذا تتشابك الذكريات والمهارات الموسيقية عند المرأة لتُميز الذكاء الموسيقي لديها، ومدى انسجامه أو تأثيره على شخصيتها وأهدافها وحياتها بصفة عامة.
حقائق علمية تدعم الذكاء الموسيقي
- أثبتت الدراسات العلمية الموثوقة المبنيّة على الاختبارات، تؤثر الأنغام في أجزاء مختلفة من الدماغ، وتحفّز إفراز عددٍ من المواد الكيميائية فيه.
- الاستماع إلى الموسيقى يرفع من مستوى "الدوبامين" العصبيّ المرتبط بالشعور بالسعادة، ويُسهم في إفراز الموادّ الأفيونيّة التي تخفّف من الإحساس بالألم، كما أنّ الموسيقى الهادئة تُطلق هرمون "الكورتيزول" الذي يساعد في التخفيف من حدّة التوتر.
- الموسيقى الصاخبة التي نستمع إليها غالبًا في صالات الألعاب الرياضية، تدفع المخّ إلى إفراز كميّاتٍ أكبر من "الأدرينالين"، ومن "الأندروفين" الذي يضاعف من الشعور بالإثارة.
- استماعنا إلى الموسيقى الحيّة أو في حفلٍ جماعي من شأنه أن يحفّز هرمون "الأوكسيتوسين" الذي يحملنا على الارتباط مع الآخرين ويولد فينا الثقة بهم.
- توظّف الموسيقى مناطق الدماغ السمعيّة، وتنشّط مراكزه العاطفيّة والحركيّة، كما تساعد المخيخ على التنسيق بين الإيقاع وخطوات الرقص.
- اللّغة والموسيقى تعتمدان على مسارٍ عصبي مشترك، وتشير الدلائل العلميّة إلى أن للموسيقى التي يستمع إليها المرء في فترة مراهقته تأثيرًا أكبر من تلك التي يستمع إليها في مرحلة البلوغ. ولذلك يتم استخدام الموسيقى وكلمات الأغاني التي تبقى عالقةً في الذاكرة كعلاجٍ لمرض الزهايمر.
وأخيرًا، يتبيّن ممّا سبق أن الموسيقى تصحبنا وتساعدنا في مختلف مراحل الحياة، وأطوارها وأجوائها. نلتقطها بحواسّنا فتتغلغل في خلايا دماغنا، هذا العالم الدقيق والمعقّد والمليء بالأسرار، لتولّد فينا فيضًا لا حصر له من المشاعر، والعواطف، والانفعالات؛ وتضطلع بوظائف نفسية وجسدية، تربوية وعلاجية، ما ينفع العِلم ليكتشف الجديد والمزيد من مجالاتها وأبعادها المرتبطة بالذكاء الموسيقي لدينا.