"جيجي حديد" في حفل "ميت غالا" 2024- الصورة من AFP

"جيجي حديد" تُعاني منها.. ما الذي ينبغي معرفته عن "متلازمة المحتال"؟

جويل تامر

كشفت عارضة الأزياء الشهيرة، "جيجي حديد" عن تجربتها مع "متلازمة المحتال" Impostor Syndrome  منذ سنتين تقريبًا. حينها، ذكرت "جيجي" أنها تشعر أحيانًا بأنها لا تستحق النجاح والاعتراف الذي حققته في مجال عرض الأزياء، بالرغم من العمل الجاد والتفاني الذي بذلته للوصول إلى هذا المستوى. هذه المشاعر قد تكون متكررة بين العديد من الأشخاص الناجحين، وليس فقط في مجال عرض الأزياء، ولكن أيضًا في مجالات أخرى كالفن، والرياضة، والأعمال. وبالتالي فان التحدث عن "متلازمة المحتال" يمكن أن يكون له تأثير إيجابي، حيث يساعد الآخرين الذين يعانون من هذه المشاعر على الشعور بأنهم ليسوا وحدهم وأن مشاعرهم طبيعية. لذا استشرنا الدكتورة "روز لوجان" Rose Logan، الشريك المؤسس ومدير الخدمات السريرية والخدمات السابقة للولادة في مركز "ذا فري سبيريت كولكتف"، وكان معها هذا اللقاء الخاص بـ"هي".

1
الدكتورة "روز لوجان" Rose Logan، الشريك المؤسس ومدير الخدمات السريرية والخدمات السابقة للولادة في مركز "ذا فري سبيريت كولكتف"

لفتت "لوجان" الى أن "متلازمة المحتال" تُعد من إحدى الظواهر الشائعة التي تؤثر على الأشخاص من جميع مناحي الحياة، بغض النظر عن مواهبهم أو إنجازاتهم. إنها ليست اضطرابًا نفسيًا يمكن تشخيصه، لكنها متلازمة تحمل في طياتها جوانب أعمق بكثير مما يبدو للعيان. غالبًا ما تكون عرضًا لإحدى المشكلات الأساسية مثل عدم احترام الذات أو عدم الشعور بالمثالية أو الشعور بالقلق الشديد. وأضافت: "تشير إحدى الإحصائيات المتداولة بشكل متكرر إلى أن ما يقرب من 70٪ من الأشخاص قد تراودهم أفكار محتالة على أقل تقدير في مرحلة واحدة من حياتهم المهنية. تصل هذه الأفكار إلى ذروتها عندما تواجه تحديًا جديدًا أو تبدأ وظيفة جديدة أو تضطلع بمهام جديدة بعد الترقية".

ما هو أصل ظهور مصطلح "متلازمة المحتال"؟

 شرحت "لوجان": "ظهر هذا المفهوم في أواخر عام 1970 استجابةً لظاهرة لوحظت لدى النساء اللواتي يعملن بأداء عالي ويحققن نجاحات كبيرة. اُستخدم مصطلح "متلازمة المحتال" لاحقًا بعد أن لاقى هذه المفهوم اهتمامًا كبيرًا وانتشر على نطاق واسع. واصلت هؤلاء النساء، على الرغم من كل الأدلة المتاحة التي تثبت عكس ذلك، الاعتقاد بأنهن ليس لديهن ذكاء وأنهن خدعن أي شخص يعتقد هذا. يُعتقد أن حوالي 70-80% (اعتمادًا على الأبحاث) من الأشخاص يمرون بمشاعر شبيهة بمتلازمة المحتال".

 ما هي "متلازمة المحتال"؟

قالت "لوجان": "تتمثل "متلازمة المحتال" في الشعور المستمر بأنك "محتال" على الرغم من إنجازاتك أو التقدير الذي تلاقيه. إنه الشعور بأنك "خدعت" الناس ليعتقدوا أنك جيد أو تتمتع بالمهارات التي تظهرها، وبالتالي تواجه خطرًا قريبًا من افتضاح أمرك. إنها ليست مجرد انعدام الثقة بالنفس أو الشعور بالقلق أو حتى الشك في الذات. إنها ليست تشخيصًا طبيًا على الرغم من أنها قد ترتبط بتشخيص طبي مثل اضطراب القلق أو نوبة الاكتئاب. يُعتقد أن معدلات متلازمة المحتال أعلى في السكان الأقلية (بما في ذلك النساء) الذين يدركون بالفعل أنهم بحاجة إلى العمل بجد أكبر لكي يحظوا بالتقدير.  كما تنتشر هذه المتلازمة على نطاق أوسع في أماكن العمل التي تقدر الفرد والعمل المفرط. ومع ذلك، فهي لا تقتصر على مكان العمل ويمكن أن تظهر أيضًا في تربية الأطفال والصداقات وغيرها من العلاقات الاجتماعية".

 كيفية ظهورها؟   

واعتبرت "لوجان" أنّه يمكن أن تظهر متلازمة المحتال في أنماط التفكير والشعور والسلوك.

وتابعت قائلة: "غالبًا ما يكون الشعور بالخوف هو محور متلازمة المحتال. خوف عميق من افتضاح أمرك ومعرفة الحقيقية. يمكن أن يتجلى هذا الأمر في مشاعر مختلفة أخرى، لكن غالبًا ما يكون القلق وعدم الثقة بالنفس والحالة المزاجية السيئة والحالة المزاجية السيئة والوحدة بمثابة تجارب عاطفية واضحة. الشعور بأنك محاصر في دائرة من العمل المفرط لإثبات نفسك، مع عدم شعورك بأنك تفعل ذلك أبدًا، وخوفك الشديد من الخروج من هذه الدائرة خشية افتضاح أمرك. يمكنك أيضًا الشعور بالوحدة الشديدة عندما ترى أنك مضطر لإخفاء شيء مثل خداعك للآخرين الذين وضعوا ثقتهم وإيمانهم بك بطريقة ما.  

هناك العديد من الطرق المختلفة التي قد تؤثر بها متلازمة المحتال على أنماط التفكير أو العادات السلبية أو تحفزها. قد يدخل الأشخاص في قناعات عن أنفسهم مثل "أنا لست جيدًا إلا إذا كنت أحقق إنجازات باستمرار". قد يلجأ الأشخاص إلى النقد الذاتي المستمر والشديد والكراهية للنفس، بالإضافة إلى اتباع عادات التأمل والتفكير المفرط. غالبًا ما تكون هناك انحرافات وتحيزات في تفكير الأفراد عندما يعانون من متلازمة المحتال. على سبيل المثال، يمكن أن ينسبوا نجاحهم إلى عوامل خارجية (مراكز ضبط خارجية) مثل الحظ أو التوقيت أو الصدفة بدلاً من عملهم الجاد أو مهاراتهم.  إن الأفكار السلبية حول تصورات الآخرين عنك يمكن أن تُعززها مغالطات معرفية مثل انحياز الانتباه والانتباه الانتقائي، مما يؤكد خوفك بشكل زائد من أنك ببساطة خدعت الآخرين للوصول إلى المكانة التي أنت عليها الآن.

 إن الأشخاص الذين يعانون من "متلازمة المحتال "يدفعهم الخوف من افتضاح أمرهم، والاعتقاد بأنهم قد خدعوا الآخرين للاعتقاد بأنهم يحصلون على أكثر مما يستحقون. وبالتالي، يميلون إلى الانخراط في سلوكيات تحميهم من "افتضاح أمرهم".  تكون أحيانًا تصرفاتهم متناقضة، لأنه من الصعب التفكير بمنطقية أو عقلانية عندما يغمرك الخوف.  قد يظهرون سلوكيات واضحة مثل العمل المفرط والبقاء في العمل لساعات متأخرة وعدم أخذ استراحات أو إجازات. قد تظهر العديد من السلوكيات المتناقضة مثل سلوكيات التسلط أو حتى التنمر. قد تشمل السلوكيات الأقل وضوحًا من الخارج الأساليب أو السلوكيات المثالية أو المألوفة، وتجنب الآخرين أو محاولة "الابتعاد عن الأنظار" أو المعاناة من وسواس التحقق والصياغة وإعادة الكتابة، والتي يمكن أن تكون غير مجدية، والبحث عن الاطمئنان المفرط. قد يضعون أهدافًا غير واقعية لأنفسهم أو يغيرون هدف النجاح باستمرار، ونادرًا ما يقبلون الثناء أو الإشادة".

 ما سبب الإصابة "بمتلازمة المحتال"؟

وأضافت: "نادرًا ما يكون هناك سبب واحد لإصابة شخص ما "بمتلازمة المحتال". غالبًا ما يكون ذلك نتيجة تأثير عدة عوامل معًا. ومع ذلك، قد يتسبب وجود محفز واضح إلى بدء هذه المعاناة. تشمل العوامل المحتملة السابقة للإصابة بمتلازمة المحتال الصدمات التنموية وبيئات الطفولية الصعبة أو التي يكثر فيها النقد أو الثناء المبالغ فيه وغير الصادق في فترة الطفولة، مما يؤدي إلى الضغط المستمر وعدم الثقة في النفس. غالبًا ما تكون هناك صلة بين المثالية والقلق الذي يحركها، وقد تكون المحفزات هي ثقافات عمل مؤذية تستند إلى الشعور بالخجل أو شريك أو رئيس يتسم بالانتقاد الشديد. قد تمثل البيئات التي يطغى عليها التنافس والمقارنات محفزات بارزة أخرى، ويمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تلعب دورًا في ذلك". 

كيفية معالجتها؟

بالنسبة لـ"لوجان" "يتحمل الفرد مسؤولية علاج متلازمة المحتال. على الرغم من أنه يتعين علينا جميعًا أن نتحمل مسؤولية تجاربنا، إلا أنه من المهم أيضًا النظر في حلول على المستوى النظامي والثقافي والتنظيمي".

-تسميتها

 تتمثل الخطوة الأولى في الاعتراف بالمعاناة من هذه المتلازمة والحصول على توعية بشأنها. يسهل، خاصة عندما تعاني من مشاعر متلازمة المحتال لسنوات عديدة، تقبل الأفكار والقناعات كحقائق والسلوكيات كضروريات.

-البحث عن الأدلة والتصدي للتفكير السلبي

الاهتمام بالأدلة أمر ضروري. رؤية التناقض بين تفكيرك الشخصي والأدلة الملموسة الأقل ذاتية. يمكن أن يكون من المفيد التحدث مع شخص تثق به بحيث لا يكون جزءًا من الوضع المُحفّز. يمكن للخجل ان يتسلل بداخلك ويُثبت المخاوف والقناعات. يمكنك التخلص من الخجل عبر تحديد معاناتك وقناعاتك.

-تحدث عن ذلك وأسس شبكة دعم

إذا كان لديك شخص يقدم لك النصيحة أو شخص آخر موثوق به، يُعد طلب التعليقات الموضوعية أمر هام للغاية، ولكن من الضروري أن تؤخذ المغالطات والأفكار غير المفيدة في الاعتبار عند تلقي هذه التعليقات. يمكنهم المساعدة في وضع مقاييس تنطوي على الخوف وتساعد أيضًا في تقليل السلوكيات المتعلقة به.

-العناية الذاتية  

الاهتمام بالعناية الذاتية والحذر من عودة أنماط التفكير والسلوك القديمة، فالعادات والحكايات القديمة لا تختفي بسهولة.     

-التعاطف الذاتي

 رؤية الإنسانية المشتركة في المعاناة من عدم الثقة في النفس والألم الذي يمكن أن تسببه إذا استمرت دون رادع أو تفشت في الفرد وفي البيئة. 

-الدعم النظامي/التنظيمي

إن توفير هياكل واضحة لإعداد التقارير والتعليقات أمرًا مفيدًا للجميع، وخاصة الموظفين الذين يعانون من مشاعر متلازمة المحتال. وضع أهداف وغايات واضحة وتحديد طرق قياسها بالإضافة إلى تقديم الدعم لمساعدة الموظفين في تحقيق هذه الأهداف. تمثل الثقافة التنظيمية أيضًا عنصرًا أساسيًا في منع تطور متلازمة المحتال ودعم الموظفين الذين قد يعانون من أعراض هذه الظاهرة.