تركيزك لن يخونك بعد إتباعك استراتيجات تحسين مهارة التركيز كأسلوب حياة
يتميز الدماغ بقدرة مذهلة على إعادة تشكيل نفسه عندما يتعلق الأمر بالتعلم والذاكرة؛ لذا يُمكنكِ تسخير المرونة العصبية لزيادة قدراتك المعرفية، وتعزيز قدرتكِ على تعلم معلومات جديدة، وتحسين ذاكرتك في أي عمر. ومن المؤكد أن التحلي بذاكرة قوية وقدرة عالية على التركيز لفترات طويلة هما أحد أهم العناصر المطلوبة للنجاح في حياتنا اليومية؛ سواءً كنتِ في مرحلة الدراسة أو العمل، فلا شك أنكِ ترغبين في امتلاك ذهنٍ حاضر وعقل قادر على التركيز في المهام دون تشتت لتترك بصمتك وتحقق أهدافك.
لكن لسوء الحظ وبسبب العديد من العوامل، فإن الذاكرة تتدهور وتقلّ كفاءتها مع الوقت مما يؤثر سلبًا على كفاءة وجودة الأداء. قد يزداد هذا التدهور مع تقدّم العمر، لدرجة أن بعض كبار السن يصبحون غير قادرين على العيش بشكل مستقل، وهذه واحدة من أكبر المخاوف التي يواجهها الناس من مختلف المجتمعات مع تقدمهم في السن.
من هذا المنطلق، سنُطلعكِ عبر موقع " هي " على استراتيجيات مهمة لتحسين مهارة التركيز بسهولة لتحقيق أقصى استفادة من وقتك؛ وذلك بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرة الدكتور مصطفى الباشا من القاهرة.
مهارة التركيز مرتبطة بالمروة العصبية
وبحسب دكتور مصطفى، كان ولا زال العلماء يجرون الأبحاث ويتعلّمون المزيد عن قدرة دماغنا المذهلة على التكيُف والتغيير وكيفية تكوين روابط عصبية جديدة كل يوم، حتى في سنّ الشيخوخة. يُعرف هذا المفهوم باسم "المرونة العصبية". من خلال البحث في المرونة العصبية، اكتشف العلماء أن سعة ذاكرتنا ليست ثابتة، بل يمكن تحسينها بشكل مستمر من خلال مضاعفة أعداد الخلايا والروابط العصبية وتحسين كفاءتها.
عمومًا، يتمتع العقل البشري بقدرات هائلة، ولكن لسوء الحظ فإن الكثير من الناس يعجزون عن استغلالها بسبب اتباع سلوكيات خاطئة تؤدي إلى تحجيم الإمكانيات المهولة لعقلهم. وهنا ننصحكِ بتدريب عقلك وتحفيزه باستمرار، والعناية بجسمكِ، واتباع نمط حياة صحي، ليُمكنكٍ تحقيق أقصى استفادة ممكنة من قدراتك الذهنية.
مهارة التركيز مرتبطة بهذه الاستراتيجيات
وتابع دكتور مصطفى، إذا كنتِ ترغبين في تحسين قدراتكِ الذهنية وتعزيز مهارة التركيز لديكِ، فما عليك سوى الاعتماد على هذه الاستراتيجيات كأسلوب حياة، وذلك على النحو التالي:
قوي مهاراتكِ الذهنية
يُعتبر تدريب عقلك وتقوية مهاراتك الذهنية من خلال ممارسة ألعاب العقل طريقة ممتعة وفعالة لزيادة التركيز وتقوية الروابط العصبية في المخ. كذلك تُعد تطبيقات الهاتف المحمول المخصصة لتدريب الذاكرة والتفكير الإبداعي وسيلة ممتازة لتحسين الذاكرة.
تعلمي شيئًا جديدًا باستمرار
تتشابه قوة الذاكرة تمامًا مع قوة العضلات، فكلّما زاد استخدامها، زادت قوتها. عند ممارسة الرياضة، لا يمكنك رفع نفس الوزن كلّ يوم متوقّعًا أن تصبح أقوى. وكذلك الحال مع الذاكرة. كذلك لا يُمكنكِ القيام بنفس المهام اليومية متوقعة أن تصبح ذاكرتكِ أقوى، بل يجب عليكِ إبقاء عقلكِ وذاكرتكِ في اختبارات مستمرة ومتزايدة الصعوبة. لذا يُعد تعلم مهارة جديدة طريقة ممتازة لتقوية سعة الذاكرة وتوسيع آفاق عقلك. عمومًا، هناك العديد من الأنشطة التي يُمكنكِ الاختيار من بينها، ولكنّ الأهم من ذلك، أنك ستحتاجين إلى العثور على شيء يفرض عليكِ الخروج من منطقة الراحة الخاصة بكِ ويستحوذ على انتباهك الكامل. وهنا بعض الأمثلة:
- تعلمي لغة جديدة
- تعلمي العزف على آلة موسيقية جديدة.
- مارسي ألعاب العقل، مثل: "سودوكو أو الشطرنج".
- اعتمدي على الذاكرة في حفظ الطرق بدلًا من استخدام نظام تحديد المواقع "GPS".
- قومي بإجراء العمليات الحسابية بعقلك بدلًا من استخدام الآلة الحاسبة.
تجنبي الشاشات المضيئة قبل النوم
يمنع الضوء الأزرق المنبعث من الهاتف الخلوي والتلفاز وشاشات الكمبيوتر إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون يتحكم في دورة النوم والاستيقاظ مما يسبب خللاً في إيقاع الساعة البيولوجية ويؤثر سلبًا على جودة وانتظام النوم. عمومًا من دون قسط كافٍ من النوم والراحة، ستصبح الخلايا العصبية في دماغنا مُرهقة فلا يمكنها تنسيق المعلومات، ممّا يجعل استرجاع المعلومات والتركيز أكثر صعوبة. لذلك احرصي دائمًا قبل ساعة تقريبًا من موعد النوم أن توقفي تشغيل أجهزتك وأن تسمحي لعقلك بالاسترخاء.
احصلي على أخذ قسط كافِ من النوم
لطالما عُرفت قلة النوم عند علماء الأعصاب بأنها أحد المسببات الرئيسية لضعف الذاكرة وقلة التركيز. يلعب النوم دورًا مهمًا في الحفاظ على كفاءة الذاكرة وتحفيز نشاط المخ، كما أنه يساهم في عملية تقوية الذكريات قصيرة المدى وتحويلها إلى ذكريات طويلة المدى. ولعلك كنت تعانين من حفظ بعض المعلومات وتجدين صعوبة في تثبيتها في رأسكِ، وبعد قسط كافٍ من النوم تستيقظين لتجدي أن هذه المعلومات قد تم استيعابها بالكامل في ذاكرتك.لذا، يوصي علماء الأعصاب بالحصول على ما بين 7 إلى 9 ساعات من النوم كل ليلة لتقوية الذاكرة، والتركيز للحصول على أقصى استفادة ممكنة من قدراتكِ الذهنية.
مارسي التمارين الرياضية بانتظام
قيل قديمًا أن العقل السليم في الجسم السليم، فلا شك أن ممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على جسدك في حالة جيدة هو عامل رئيسي لاكتساب ذاكرة قوية وقدرة كبيرة على التركيز.
تجنبي التوتر والضغط العصبي
يمكن أن يكون القليل من التوتر حافزًا كبيرًا لإنجاز المهام. ومع ذلك، فإن الكثير من التوتر يُمكن أن يتسبب في كثير من الأضرار للدماغ بما في ذلك القدرة على التركيز والذكاء الاجتماعي والذاكرة. كونه يؤثر سلبًا على الطريقة التي تتشكل بها الذكريات وكذلك على الطريقة التي نسترجعها بها، أي أنه يتحكم بالكامل في كيفية عمل ذاكرتكِ؛ فعندما تشعرين بالتوتر، يفرز جسمك هرمونات التوتر مثل: "الكورتيزول"، والذي ثبت أنه يضعف بشكل كبير من كفاءة الذاكرة، وخاصةً الذاكرة طويلة المدى.
قللّي من تناول السكريات
ارتبط تناول الكثير من السكر بالعديد من المشكلات الصحية والأمراض المزمنة، بما في ذلك قلة الانتباه والتركيز. وهنا، أظهرت الأبحاث أن النظام الغذائي الغني بالسكر يمكن أن يؤدي إلى ضعف الذاكرة، وتقليل حجم المخ، خاصةً في المنطقة الدماغية المسؤولة عن الذاكرة قصيرة المدى.
أضيفي مكملات زيت السمك إلى نظامكِ الغذائي
يتميز زيت السمك بأنه غني بأحماض الأوميغا 3 الدهنية وحمض إيكوسابنتاينويك (EPA) وحمض الدوكوساهيكسانويك (DHA)، والتي تُعتبر مهمة للصحة بصفة عامة ولنشاط الدماغ بصفة خاصة، كما ثبت أنها تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، والالتهابات، وتخفف من تأثير التوتر والقلق على الخلايا العصبية.
احصلي على جرعتكِ من فيتامين D
يُعتبر فيتامينDأحد العناصر الغذائية المهمة، والتي تلعب العديد من الأدوار الحيوية في الجسم. وبصفة عامة، تؤدي المستويات المنخفضة من فيتامينDإلى مجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك انخفاض الوظيفة الإدراكية.
اشربي كميات كثيرة من الماء يوميًا
يشكل الماء المكون الرئيسي لجسم الإنسان عامةً والدماغ خاصةً، حيث يعمل الماء كممتص للصدمات التي قد توثر على الدماغ والحبل الشوكي. يساعد الماء أيضًا خلايا الدماغ على استخدام العناصر الغذائية، والاستفادة منها لتقوية الروابط العصبية، وتعزيز عملها. لذا فإن مجرد كمية صغيرة من الجفاف يمكن أن يكون لها آثار كارثية على صحة المخ. في الواقع، أثبتت التجارب أن الجفاف البسيط يسبب تقلصًا في الدماغ وضعفًا عامًا في الذاكرة؛ لذا، احرصي على شرب ما لا يقل عن 8 أكوابًا يوميًا.
تناولي المزيد من الأطعمة الصحية المعززة للذاكرة
يجب عليكِ إمداد جسمك بكل العناصر الغذائية المطلوب توافرها للحفاظ على نشاط وكفاءة دماغك. ومن أمثلتها:
- البقوليات.
- المكسرات.
- الأعشاب والتوابل.
- كل أنواع الحبوب.
- الدجاج أو الديك الرومي.
- زيت الزيتون أو زيت جوز الهند.
- الأطعمة النباتية، وخاصةً الخضار الورقية والتوت.
- الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين.
مهارة التركيز يُمكنكِ تحفيزها بهذه التمارين
من ناحية أخرى، أوضح دكتور مصطفى، أن هناك بعض التمارين الذهنية لتعزيز قوة الدماغ، إلى جانب التواصل الاجتماعي مع أشخاص جدد وخوض المناقشات وتبادل الآراء؛ أبرزها:
تمرين التأمل
قد تؤثر ممارسة التأمل بشكل يومي على صحتكِ بعدّة طرق. فقد ثبت أنّ التأمل يلعب دورًا كبيرًا في تقليل التوتر، والألم، والضغط العصبي؛ كما يساعد في خفض ضغط الدم وتحسين الذاكرة. تتمثل أهمية التأمل في أنه يزيد المادة الرمادية في الدماغ والتي تحتوي على أجسام الخلايا العصبية. حيث أنّه ومع استمرار التوتر والضغط العصبي لفترات طويلة أو التقدم في العمر، تنخفض المادة الرمادية، مما يؤثر سلبًا على الذاكرة والتركيز.
الجدير الذكر، أن الدراسات الحديثة أثبتت أن تقنيات التأمل والاسترخاء تعمل على تحسين الذاكرة قصيرة المدى لدى الأشخاص من جميع الأعمار، بدءًا من الأشخاص في سن العشرينات إلى كبار السن.
تمرين التخيل التصويري
إنه تمرين بسيط لتحسين الذاكرة، بعد أن تستيقظي، اغمضي عينيكِ، وتخيلي كيف سيبدو يومكِ بوضوح.
تمرين تبديل الأيدي
يُعد تمرين تبديل الأيدي تحديًا للدماغ؛ إذ يمكنكِ استخدام يدكِ غير المسيطرة لأداء المهام اليومية مثل: "الكتابة، وتناول الطعام".
تمرين لعبة بطاقة الذاكرة
يُمكنكِ اللعب بشكل تقليدي بالبطاقات، أو تنزيل لعبة بطاقة الذاكرة على الهاتف الذكي، وكما يوحي اسم اللعبة فإنه ممارستها تقوي الذاكرة والتركيز.
تمرين الكلمات المتقاطعة
يعتبر حل ألغاز الكلمات المتقاطعة بمثابة تمرين يحفز الدماغ، ويمكن أن يمنع تدهور الذاكرة المرتبط بالعمر وسيحسن أيضًا المفردات والمعلومات العامة لديك.
تمرين لعبة الشطرنج
يُمكن أن يؤدي لعبكِ الشطرنج إلى تحسين قدرة الدماغ على معالجة المعلومات، ويُمكن أن يساعد عقلكِ أيضًا على التكيف مع السلوكيات الجديدة.