عوامل تزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض.. لا ينبغي تجاهلها
عندما يتم الكشف عن سرطان المبيض قبل انتشاره خارج المبايض، تكون فرصة البقاء على قيد الحياة للمرأة المصابة، عاليةً بقدر كبير؛ هذا ما يؤكده خبراء الصحة. لكن تشخيص المرض يمكن أن يتأخر، لأن العلامات المبكرة قد لا تكون واضحةً . وفي كثير من الأحيان، لا تكون هذه الأعراض ناتجةً عن السرطان - ولكن الانتظار لمعرفة ذلك ليس الخيار الأكثر أمانًا.
وبحسب الأبحاث، فإن بعض العوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان المبيض؛ كما أن هناك عوامل أخرى قد تُقلَل في الواقع من احتمالية إصابة المرأة بالمرض. كذلك فإن بعض النساء المصابات بالمرض ليس لديهن "عوامل الخطر" المعروفة ، ومعظم النساء اللاتي لديهن هذه العوامل، لن يُصبنَ بسرطان المبيض.
هذا ما أكده لنا الدكتور أسامة العريضي، استشاري الأمراض والجراحة النسائية والتوليد في المستشفى السعودي الالماني عجمان؛ وتحدث إلينا عن العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض الذي تمَ تخصيص الثامن من شهر مايو من كل عام، للتوعية بمخاطره والدعوة للكشف المبكر وعدم إهمال أية علامات تحذيرية يمكن أن تقف وراء هذا المرض، حتى للنساء اللاتي ليس لديهنَ تاريخٌ عائلي للمرض.
عامل الوراثة BRCA1 و BRCA2
هو العامل الأول وراء خطر الإصابة بسرطان المبيض، يقول الدكتور العريضي؛ مشيرًا إلى أن حوالي 20-25% من النساء المُصابات بسرطان المبيض، لديهنَ ميلٌ وراثي للإصابة بالمرض. وأهم عامل خطر للإصابة بسرطان المبيض هو الطفرة الجينية الموروثة في أحد الجينين: جين سرطان الثدي 1 (BRCA1) أو جين سرطان الثدي 2 (BRCA2). فالطفرات الموروثة في هذه الجينات، مسؤولةٌ عن حوالي 10-15% من جميع سرطانات المبيض.
ونظرًا لأن هذه الجينات مرتبطةٌ بكل من سرطاني الثدي والمبيض، فإن النساء المُصابات بسرطان الثدي قد يتضاعف لديهنَ خطرٌ متزايد للإصابة بسرطان المبيض.
عاملٌ وراثي آخر: متلازمة لينش
هناك ارتباطٌ جيني معروف آخر لسرطان المبيض، ألا وهو متلازمةٌ وراثية تُسمى سرطان القولون والمستقيم الوراثي أو "متلازمة لينش". ويعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة لينش من خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة 12% تقريبًا، و 40-60% للإصابة بسرطان الرحم.
ماذا عن تاريخ العائلة
وفقًا للدكتور العريضي، تبلغ نسبة خطر إصابة المرأة التي لديها قريبة من الدرجة الأولى مصابة بسرطان المبيض (جدة أو أم أو إبنة أو أخت) على مدى الحياة 5% (متوسط الخطر على حياة المرأة هو 1.4%).
كما قد يشير التاريخ العائلي لأي من السرطانات التالية إلى زيادة المخاطر:
- سرطان الثدي.
- سرطان المبيض.
- سرطان الرحم.
- سرطان القولون والمستقيم.
كما يفيدنا استشاري الأمراض والجراحة النسائية، أن النساء المُصابات بأي من أنواع السرطانات المذكورة أعلاه، أكثر عرضةً للإصابة بسرطان المبيض.
عوامل خطر أخرى تزيد من الإصابة بسرطان المبيض
جميع النساء مُعرَضات لخطر الإصابة بسرطان المبيض، بغض النظر عن العمر؛ هذا ما أكده لنا الدكتور العريضي. ومع ذلك، فإن معدلات الإصابة بسرطان المبيض هي الأعلى لدى النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 55 و 64 عامًا. ومتوسط العمر الذي يتم فيه تشخيص إصابة النساء بالمرض هو 63 ، مما يعني أن نصف النساء تقلَ أعمارهن عن 63 عامًا عند تشخيصهنَ بسرطان المبيض، ونصفهنَ أكبر سنًا.
ويلعب تاريخ العقم وعدم الإنجاب، والعلاج بالهرمونات البديلة؛ دورًا في تزايد خطر إصابة المرأة بسرطان المبيض. إذ قد يصف الأطباء العلاج بالهرمونات البديلة للتخفيف من الأعراض المُصاحبة لانقطاع الطمث (مثل الهبات الساخنة، التعرق الليلي، الأرق، وجفاف المهبل) التي تحدث عندما يتكيف الجسم مع مستويات هرمون الاستروجين المنخفضة. وعادة ما يتضمن العلاج بالهرمونات البديلة، الإستروجين وحده (للنساء اللاتي خضعن لاستئصال الرحم) أو مزيجٌ من الإستروجين مع البروجسترون أو البروجستين (للنساء اللاتي لم يخضعنَ لاستئصال الرحم).
قد تكون النساء اللاتي يستخدمن العلاج بالهرمونات البديلة، أكثر عرضةً للإصابة بسرطان المبيض. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن استخدام مزيج من الإستروجين والبروجستين لمدة خمس سنوات أو أكثر، يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان المبيض لدى النساء اللاتي لم يخضعن لاستئصال الرحم. كما تزيد 10 سنوات أو أكثر من استخدام الإستروجين، من خطر الإصابة بسرطان المبيض لدى النساء اللاتي خضعن لاستئصال الرحم.
هل يمكن الوقاية من خطر الإصابة بسرطان المبيض
بحسب الدكتور العريضي، فقد وجدت دراساتٌ مختلفة صلةً بين السُمنة وسرطان المبيض . وهذا سببٌ إضافي لدعوة كل من تعاني من زيادة الوزن المفرطة، للتفكير مليًا في ضرورة التخلص من هذا الوزن، لحمايتها من العديد من الأمراض التي يمكن أن تتسبب بها السُمنة، ومنها سرطان المبيض.
وبالعودة إلى السؤال المطروح أعلاه، يقول الدكتور العريضي أنه يمكن للمرأة أن تُقلَل من خطر الإصابة بسرطان المبيض بعدة طرق؛ وفي بعض الحالات قد تكون هناك طرقٌ للوقاية من سرطان المبيض في شكله الأكثر شيوعًا ، عن طريق الاستئصال الجراحي لقناتي فالوب والمبيضين.
ومع ذلك للأسف، لا توجد طريقةٌ وقائية ثابتة ثبُت أنها تمنع جميع أشكال سرطان المبيض، يقول استشاري الأمراض النسائية والتوليد في المستشفى السعودي الألماني. وبرأيه، جميع النساء مُعرَضات للخطر، لأن سرطان المبيض لا يصيب مجموعةً عرقية أو عمرية واحدة فقط.
لكن يمكن أن يساعد أخصائي الرعاية الصحية، المرأة في تحديد بعض الطرق لتقليل مخاطرها؛ وكذلك تحديد ما إذا كان التشاور مع مستشار وراثي مناسبًا. مع الإشارة إلى أن استخدام وسائل منع الحمل عن طريق الفم (حبوب منع الحمل) ، يُقلَل من خطر الإصابة بسرطان المبيض، خاصة عند استخدامها لعدة سنوات. والنساء اللاتي يستخدمنَ موانع الحمل الفموية لمدة 5 سنوات أو أكثر، لديهنَ خطرٌ أقل بنسبة 50% للإصابة بسرطان المبيض مقارنةً بالنساء اللاتي لم يستخدمن موانع الحمل الفموية مطلقًا. وينطبق هذا الأمر أيضًا على النساء المُعرَضات لمخاطر عالية نتيجة الطفرات الجينية BRCA.
مسألةٌ أخرى مهمة تسهم في خفض خطر الإصابة بهذا النوع من السرطانات الشائعة عند النساء، ألا وهي الحمل والرضاعة. ويرجع ذلك على الأرجح، إلى أن الإباضة لدى النساء أقل أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية. كما قد يُقلَل الحمل المتعدد أو الحمل الكامل الأول قبل سن 26، من هذه المخاطر.
استئصال البوق الثنائي للحد من خطر سرطان المبيض
حدَثنا الدكتور العريضي أنه في حالة سرطان المبيض بشكله الأكثر شيوعًا، فإن الاستئصال الجراحي لقناتي فالوب والمبيضين قد يكون أحد الطرق الوقائية الأساسية لتقليل خطر الإصابة بسرطان المبيض. وهو ما تشير إليه الدراسات أيضًا، متحدثةً عن أن استئصال البوق الثنائي - الاستئصال الجراحي لقناتي فالوب - قد يمنع العديد من حالات سرطان المبيض
الأكثر شيوعًا.
ولتبديد مخاوفك بخصوص هذه العملية، يؤكد الدكتور العريضي أن استئصال البوق الثنائي، يترك المبيضين في حالة جيدة؛ مما يعني أن المريضات اللاتي يخضعنَ للإجراء لا يدخلنَ على الفور في سن اليأس. أما بالنسبة للنساء اللائي يرغبنَ بإنجاب الأطفال، يمكن أن يحافظ استئصال البوق الثنائي على الخصوبة، من خلال ترك خيار الإخصاب في المختبر مفتوحًا. ويمكن إجراء إزالة قناتي فالوب في نفس الوقت بالتزامن مع العمليات الجراحية النسائية الروتينية الأخرى مثل استئصال الرحم، حتى لدى السيدات اللاتي ليس لديهنَ تاريخٌ عائلي للإصابة بالسرطان.
يُشار إلى إزالة قناتي فالوب في وقت إجراء جراحة الحوض الأخرى باسم "استئصال البوق الانتهازي". وعلى الرغم من استمرار البحث بهذا الشأن، إلا أن استئصال البوق الانتهازي أصبح أكثر شيوعًا؛ حيث أدرك الأطباء إمكانات هذا الإجراء في الوقاية من سرطان المبيض، حتى بالنسبة للنساء المُعرَضات لخطر متوسط للإصابة. وفي أوائل عام 2023 ، أيدَت جمعية الأورام النسائية العالمية (SGO)، إزالة قناتي فالوب لمنع العديد من حالات سرطان المبيض.
ماذا عن إزالة المبيضين وقناتي فالوب
يمكن للمرأة أيضًا أن تُقلَل بشكل كبير من خطر الإصابة بسرطان المبيض، عن طريق إزالة المبيضين وقناتي فالوب، في إجراء جراحي يعرف باسم استئصال البوق الثنائي الوقائي. وتشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن النساء المصابات بطفرات BRCA1 يكتسبنَ أكبر فائدة من خلال إزالة المبايض قبل سن 35. أما بالنسبة للنساء اللاتي لديهنَ استعدادٌ وراثي معروف للإصابة بسرطان المبيض، فإن إزالة المبيضين وقناتي فالوب أمرٌ يستحق النظر.
ومع ذلك، هناك مخاطر مرتبطةٌ بإزالة المبيضين وقناتي فالوب. لذا ينصح الدكتور العريضي النساء بالتحدث إلى أطبائهنَ حول ما إذا كان هذا الإجراء مناسبًا لهن. فيما قد يؤدي استئصال الرحم / ربط البوق إلى تقليل خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة 33٪، وفقًا لجمعية
السرطان الأمريكية، التي تقول إن ربط قناتي فالوب (ربط البوق) قد يُقلَل المخاطر بنسبة تصل إلى 67%، على الرغم من أن الباحثين ليسوا متأكدين من سبب ذلك.
بات لديك كافة المعلومات المتعلقة بعوامل الخطر التي تزيد من إصابتك بسرطان المبيض، وكذلك الطرق الوقائية التي يمكنها مساعدتك في تقليل هذا الخطر. ما عليك فعله الآن، هو تحري المزيد من المعلومات من طبيبك الخاص ومعرفة كافة الإجراءات الوقائية والطبية التي تحميك من هذا المرض.
والأهم، لا تتجاهلي أيًا من العلامات المبكرة "الصامتة" التي قد تُنذر بإلاصابة بهذا المرض؛ مثل النفخة والغازات، الألم المستمر في منطقة البطن والحوض، الإمساك المستمر، حدوث تغيرات في عملية التبول مثل الحاجة للتبول والشعور بألم أو ضغط في المثانة، فقدان الشهية، ونزيف مهبلي غير منتظم مع تشنجات في البطن. وسارعي بمراجعة طبيبك وعمل الفحوصات اللازمة للكشف عن أسباب هذه العلامات وسرعة علاجها، لضمان التعافي من سرطان المبيض باكرًا.