الاعتلال العصبي الطرفي مشكلة معظم مرضى السكري

الاعتلال العصبي الطرفي.. مشكلةٌ يعاني منها معظم مرضى السكري

جمانة الصباغ

لا شك في أن المرض هو آخر ما يتمناه الإنسان لنفسه ولأحبته؛ فهو يحمل معه الآلام والمشقة الجسدية والنفسية والمادية، ويجعل المريض يعاني من قلة النوم والإرهاق خاصةً في حال كانت أعراض المرض شديدة وتتزايد مع الوقت.

ومن بين أكثر الأمراض الذي تحمل مضاعفاته خطورةً أكثر من المرض نفسه، داء السكري الذي بات من الأمراض الأكثر شيوعًا بين الناس حول العالم، خاصةً في عالمنا العربي.

تكمن خطورة السكري كونه يتسبب بمشاكل صحية عدة، مثل العمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلى الناجمة عن الاعتلال العصبي الطرفي، بحسب ما جاء على موقع منظمة الصحة العالمية.

ومع زيادةأعداد الأشخاص المصابين بداء السكري، وانتشاره في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بوتيرة أسرع من وتيرة انتشاره في البلدان المرتفعة الدخل؛ بات من الضروري البحث عن علاجات ووسائل وقائية، للحدَ من هذا الارتفاع. وعليه يُشدد أصحاب الخبرة في هذا المجال، على وجوب اتباع نظام غذائي صحي والتخلص من الوزن الزائد وممارسة الرياضة والاقلاع عن التدخين؛ لتجنب الإصابة بداء السكري من النوع الثاني أو تأخير ظهوره.

كل ذلك في سعي، لتجنيب مرضى السكري تدارك الوصول للاعتلال العصبي الطرفي، الذي قد يُمهَد لبتر الأطراف في حال عدم علاجه وتداركه بسرعة. وعليه يأتي أسبوع التوعية بالاعتلال العصبي خلال شهر مايو من كل عام، لتسليط الضوء على هذه المشكلة وحلولها.

الدكتور جلال نفاش استشاري الغدد الصماء في مستشفى الإمارات ومركز دبي للسكري
الدكتور جلال نفاش استشاري الغدد الصماء في مستشفى الإمارات ومركز دبي للسكري

ما هو الاعتلال العصبي الطرفي

يُعتبر الاعتلال العصبي الطرفي حالةً سريرية مُزمنة، تؤدي إلى إتلاف الجهاز العصبي الطرفي. وتشمل أعراض المرض التالي:

  • تخدَر الأطراف.
  • الشعور بالوخز والحرقان في اليدين والقدمين.

ما يؤثر سلبًا وبشكل كبير على حياة المصابين، حيث تؤدي الإصابة بهذا المرض إلى إضعاف القدرات البدنية للمريض وإصابته بالأرق ليلًا. وتتفاقم اضطرابات الأعصاب أو الاعتلال العصبي الطرفي بسبب أنماط الحياة العصرية، والتي تؤدي إلى تزايد أعداد المصابين بالسكري وتزايد معدلات السُمنة وإدمان الكحول ونقص فيتامينات ب.

ويقول طارق عبد العزيز، المدير العام لشركة "بي أند جي هيلث" الشرق الأوسط، وفي إطار مشاركته بالندوة التي أقامتها الشركة خلال الأسبوع التوعوي بالاعتلال العصبي الطرفي، وتضمنت مشاركة مجموعة واسعة من الخبراء في مجال الطب والصحة؛ أن التوعية بهذا المرض أمرٌ ضروري، للتوصل إلى أفضل الطرق والممارسات لتشخيص المصابين بالمرض وتوفير العلاجات المتكاملة لهم بما فيها سلسلة فيتامينات ب المشهورة بدورها الحيوي في دعم وظائف الأعصاب على نحو صحي وإيجابي.

الندوة التي تمَ بثها من مومباي إلى 8 دول حول العالم، بمشاركة لجنة متعددة التخصصات من الخبراءممن ناقشوا رؤاهم وتطلعاتهم ضمن مناقشات هادفة مع أكثر من 6 آلاف متخصص في مجالة الرعاية الصحية في الشرق الأوسط والهند وآسيا؛ تطرقت لأحدث الإرشادات الطبية ونتائج البحوث ذات الصلة بتشخيص ومعالجة مرض الاعتلال العصبي الطرفي، والحد من المخاوف المتزايدة من الإصابة فيه حول العالم.

أهمية التشخيص المبكر للإصابة بالاعتلال العصبي الطرفي

تشخيص الاعتلال العصبي الطرفي المبكر ضروري لتجنب مضاعفاته لدى مريضات السكري
تشخيص الاعتلال العصبي الطرفي المبكر ضروري لتجنب مضاعفاته لدى مريضات السكري

وعلَق البروفيسور راينر فراينهاغن، رئيس قسم التخدير والعناية المركزة وطب الألم في مستشفيات بنديكتوس توتزينج وفيلدافينغ الألمانية خلال مشاركته في المنتدى: "ينتشر مرض الاعتلال العصبي الطرفي والآلام المصاحبة لأمراض الأعصاب، على نحو واسع النطاق عبر المجتمعات العالمية. ويتعامل الأطباء يوميًا مع ملايين الناس حول العالم، ممن يعانون من هذه الأمراض والتي رغم سهولة تشخيصها، لا يتوفر علاج متكامل لها؛ لاسيما في المراحل المتقدمة. ويعاني حوالي 10% من سكان الأرض من آلام الأعصاب، ويواجه 50% منهم تحديات ذات صلة بعدم الحصول على العلاج المناسب. فيما تؤكد الدراسات المنشورة في مختلف البلدان، أن ما يصل إلى 80% من الحالات لم يتم تشخيصها ولا تتلقى العلاج اللازم."

وأيَده في الرأي الدكتور جلال نفاش، استشاري الغدد الصماء في مستشفى الإمارات ومركز دبي للسكري قائلًا: "يُشكَل الاعتلال العصبي الطرفي، تحدياً هائلاً للمرضى والمتخصصين في مجالات الرعاية الصحية على حد سواء؛ حيث يعاني 1 من كل 10 أشخاص و50% من مرضى السكري حول العالم من الاعتلال العصبي. لهذا نجد من الضرورة تعزيز الوعي بمشكلة الاعتلال العصبي الطرفي وتأثيره على حياة الأفراد. ويُعتبر التشخيص المبكر والعلاج الشامل عنصران أساسيان للحد من الآثار السلبية لهذا المرض، وضمان حياة أكثر صحة وجودة للمصابين بالأعراض."

أما الدكتورة أنكيا كوتزي، اختصاصية الغدد الصماء وأستاذة في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة ستيلينبوش ومستشفى تايجربيرج في كيب تاون، جنوب إفريقيا فقالت خلال المنتدى: "يُعتبر التواصل مع المرضى فرصةً استثنائية توفر لأطباء الرعاية الأولية، إمكانية تشخيص مرض الاعتلال العصبي على نحو واضح وصريح. ويواجه العديد من المرضى تحديات ذات صلة بقدرتهم على توصيف الأعراض التي يعانون منها بشكل صحيح، ما يُعزَز أهمية التحقيق الاستباقي في تحديد أعراض الاعتلال العصبي PN مثل التنميل والحرقان والإحساس بالوخز أو الآلام التي تحاكي الصدمة كهربائية. ومن السهل إجراء الاختبارات الحسية مثل اختبار إدراك الاهتزاز واختبار وخز الدبوس واختبار الشعيرات الأحادية وما إلى ذلك، والتي يمكن من خلالها تشخيص الإصابة وتوجيه المريض لاعتماد العلاج المناسب خلال دقائق معدودة، بينما تساعد الاختبارات المعملية في تحسين عملية التشخيص على النحو الأمثل."

ماذا بشأن فيتامينات ب وعلاقتها بصحة الأعصاب؟..

أجابت الدكتورة إينا إيبرغر، رئيسة امتياز قسم "بي آند جي الطبي" العالمي للعناية بصحة الأعصاب على هذا السؤال بالقول: "تُعدَ بعض فيتامينات ب ضروريةً لصحة الأعصاب، حيث تساهم في عملية تجديدها. إذ يوفر فيتامين ب1 الطاقة للأعصاب، بينما يساعد فيتامين ب6 على نقل الإشارات بين الأعصاب، في وقت يساهم فيتامين ب12 بعملية تجديد الأعصاب. وأظهرت دراسة مخبرية أجرتها بي آند جي هيلث، تحسَن صحة الخلايا العصبية على نحو ملحوظ عند زرع الخلايا العصبية وتزويدها بالفيتامينات ب1 وب6 وب12؛وتُبيَن الدراسة، الدور الحيوي لهذه الفيتامينات في تحسين البيئة العصبية، حيث أدى استخدامها إلى إطالة الخلايا العصبية بنسبة 124% وزيادة إجمالي مساحة جسم الخلية بنسبة 55%. كما تضاعفت الشبكة العصبية للخلايا التي تتغذى على فيتامينات ب1 وب6 وب12. فيما أثبتت التجارب المخبرية أن هذهالفيتامينات الثلاث، تدعم عملية ترميم الخلايا العصبية بعد تلفها."

طارق عبد العزيز المدير العام لشركة بس آند جيب هيلث الشرق الأوسط
طارق عبد العزيز المدير العام لشركة بس آند جيب هيلث الشرق الأوسط

الاعتلال العصبي الطرفي.. بالأرقام

  1. يعاني 1 من كل 10 أشخاص و50% من مرضى السكري من الاعتلال العصبي الطرفي. وقد بلغ عدد المصابين بالسكري عام 2021 حوالي 393 مليون في مناطق آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 603 مليون بحلول عام 2045.
  2. حوالي 80% من المرضى بالاعتلال العصبي غير مُشخَصين ولا يتلقون العلاج المطلوب، وتتشابه هذه النسبة عبر مختلف بلدان العالم.
  3. يصيب الاعتلال العصبي PN السكري نسبةً عالية جداً من المصابين بداء السكري في جنوب شرق آسيا. وتصل هذه النسبة في بعض البلدان إلى 60% تقريباً.
  4. أفادت دراسة من الفليبين عام 2000 والتي أجريت ضمن مشروع Diabcare-Asia، عن إصابة 42% من مرضى السكري بالاعتلال العصبي السكري، بناءً على السجلات الطبية والتي شملت 2,708 مريضًا في مراكز علاج السكري.
  5. يؤثر الاعتلال العصبي الطرفي على 34-35% من سكان الإمارات العربية المتحدة المصابين بداء السكري.
  6. تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية في الشرق الأوسط والسابعة في العالم من حيث معدل الإصابة بمرض السكري. ويعاني أكثر من 65% من مرضى السكري في السعوديةمن أعراض الاعتلال العصبي الطرفي السكري المؤلم.
  7. غالباً ما يؤدي الألم الناتج عن الاعتلال العصبي الطرفي إلى تراجع إنتاجية العمل واحتمالية فقدان الوظيفة. وقد أفاد 59% من المصابين العاملين، أنهم أقل إنتاجية في العمل.
  8. يتأثر حوالي 10% من سكان العالم بألم الأعصاب، ويعاني 50% منهم من عدم الحصول على العلاج الكافي.
  9. يتعرف 1/3 الأطباء على علامات الاعتلال العصبي؛ وتؤدي الحالات غير المُشخصة إلى رفع معدلات المرض والوفيات الناجمة عن مرض السكري. 50% من المرضى لا تظهر عليهم أعراض المرض، ما يؤدي بالتالي إلى عدم تشخيصهم وفقدانهم الاحساس كليًا عن التعرض لإصابة خارجية.
  10. بالإضافة إلى الوعي بعدد الحالات، يجب نشر المعلومات حول الأشخاص المُعرضين للخطر، وعواقب الاعتلال العصبي PN ذات الصلة بجودة الحياة وزيادة خطر الإصابة بتقرحات الأقدام، لتشجيع الإحالة الذاتية المبكرة. ومن الأهمية بمكان تثقيف المرضى بمخاطر الاعتلال العصبي عند تشخيصهم.

في الختام، لا بد من التذكير مرارًا وتكرارًا، بوجوب الفحص الطبي الدوري خاصةً الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض مثل مرض السكري. وذلك للكشف المبكر عن أية اعتلالات غير مُشخصة يمكن علاجها مبكرًا والحد من مضاعفاتها في مرحلة لاحقة، كما هو الحال مع الاعتلال العصبي الطرفي.