لتقليل الإصابة بالأمراض.. حاربي تلوث الهواء المميت داخل المنزل
"الأرض مكانٌ جميل وتستحق القتال من أجلها"..
"نحن جميعا نشترك في نفس العالم؛ لذا علينا جميعًا التزام بالعناية به"..
"لن يكون لدينا مجتمع إذا دمرنا البيئة"...
جزءٌ بسيط من الأقوال التي سمعناها ورددناها مرارًا وتكرارًا حول أهمية الحفاظ على البيئة والأرض التي نحيا عليها؛ وكيف أن أولادنا يستحقون أن نُورثهم أرضًا صحية خالية من التلوث.
وفي اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف اليوم الخامس من يونيو من كل عام، تتوجه الأنظار مرةً أخرى نحو ملايين البشر حول العالم، ممن ما زالوا لم يفقهوا جيدًا أهمية الحفاظ على البيئة ومنع تزايد التلوث، الذي يهدد حياتهم وحياة أبنائهم وبناتهم من الجيل الجديد.
نعم، التلوث يهدد حياتنا وصحتنا بشكل كبير؛ ليس فقط التلوث الخارجي الناتج عن عوادم السيارات وانبعاثات الكربون والأدخنة من المصانع وغيرها، بل هناك أيضًا التلوث الداخلي الذي يتراكم داخل بيوتنا ويُعرَضنا للعديد من الأمراض وصولًا إلى الوفاة.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، إلى أن هناك حوالي 2.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم (أي ثلث سكان العالم تقريبًا)؛ يطهون طعامهم باستخدام النيران المكشوفة أو المواقد غير الفعالة العاملة بوقود الكيروسين والكتل البيولوجية (مثل الحطب والروث والمُخلفات الزراعية) والفحم، ممّا يسبب تلوّث الهواء داخل المنزل بشكل ضار.
وقد حصد تلوّث الهواء داخل المنزل أرواح 3.2 مليون شخص تقريبًا في العام 2020، منهم أكثر من 237,000 طفل دون سن الخامسة. والتعرَض للهواء الملوّث داخل المنزل، يُسبَب الإصابة بأمراض غير سارية، منها السكتة الدماغية ومرض القلب الإقفاري والانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة. فيما تتحمل النساء والأطفال الموجودون في المنزل أكثر وكبار السن والمرضى، العبء الصحي الأثقل من جراء استعمال الوقود والتكنولوجيات الملوّثة في المنازل.
يُشدَد الأطباء وخبراء الصحة على وجوب التخفيف قدر الإمكان من التلوث الداخلي، لتقليل الآثار الصحية السلبية التي يمكن أن تنجم عنه، والتي يحددها موقع "منظمة الصحة العالمية" بالآتي:
- مرض القلب الإقفاري:يمكن أن يتسبب التعرض لتلوّث الهواء داخل المنزل بنسبة 12% من إجمالي الوفيات الناجمة عن مرض القلب الإقفاري الذي يحصد أرواح أكثر من مليون شخص سنويًا في وقت مبكر.
- السكتة الدماغية:يمكن أن تُعزى نسبة 12% تقريبًا من إجمالي الوفيات المُبكرة الناجمة عن السكتة الدماغية، إلى التعرض يومياً للهواء الملوّث داخل المنزل بسبب استخدام أنواع الوقود الصلب والكيروسين في المنزل لأغراض الطهي.
- عدوى السبيل التنفسي السفلي: يؤدي التعرض لتلوّث الهواء داخل المنزل، إلى زيادة خطورة الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي السفلي في مرحلة الطفولة إلى الضعف تقريبًا؛ ويتسبب في وفيات نسبتها 44% تقريبًا من إجمالي الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي بين صفوف الأطفال دون سن الخامسة. ويشكل تلوّث الهواء داخل المنزل عامل خطر للإصابة بعدوى حادة في السبيل التنفسي السفلي لدى البالغين ويسهم بنسبة 22% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي بين البالغين.
- الانسداد الرئوي المزمن: يتسبب التلوث داخل المنزل بنسبة 23% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن بين البالغين في البلدان المنخفضة الدخل ومتوسطة الدخل.
- سرطان الرئة: تُعزى نسبة 11% تقريبًا من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة، بين البالغين إلى التعرّض لمواد مُسرطنة موجودة في الهواء الملوّث داخل المنزل من جراء استعمال الكيروسين أو أنواع الوقود الصلب لتلبية احتياجات المنزل من الطاقة.
وقد تسبب تلوّث الهواء داخل المنزل في ضياع ما يُقدر بنحو 86 مليون سنة من سنوات العمر في ظل التمتع بالصحة في عام 2019، والقى بأثقل ظلاله على النساء المتواجدات في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل.
ويتسبب استنشاق الجُسيمات الناجمة عن تلوّث الهواء داخل المنزل، في حوالي نصف وفيات الأطفال دون سن الخامسة بسبب عدوى السبيل التنفسي السفلي. كما يوجد بيّنات تُثبت وجود صلات بين تلوّث الهواء داخل المنزل وانخفاض الوزن عند الولادة والإصابة بالسل والساد (الكاتاراكت) وسرطان الأنف والبلعوم وسرطان الحنجرة.
نصائح للتخلص من تلوث الهواء داخل المنزل
إذن، نحن جميعًا مُعرَضون للأسف، للمرض واحتمال الوفاة جراء التعرض لتلوث الهواء داخل بيوتنا وفي أماكن عملنا. وتُعدَ البيوت أكثر الأماكن خطورةً في هذا الشأن، لذا ينبغي اتخاذ كافة الاجراءات الوقائية الصحيحة للحد من تلوث الهواء فيها.
لذا نقدم لك عزيزتي القارئة، بعضًا من أهم النصائح التي تحميك وأفراد أسرت، من تداعيات تلوث الهواء داخل المنزل وهي التالية:
-
لا للتدخين
منع التدخين داخل المنزل يجب أن يكون نهائيًا وتامًا من قبل جميع أفراد الأسرة، ومن قبل الضيوف أيضًا؛ خاصةً في وجود الأطفال الصغار وكبار السن والمرضى الذين قد يتعرضون للتدخين السلبي المعروف بآثاره السلبية على الصحة كما التدخين المباشر.
-
استخدام منتجات التنظيف الصحية
نسعى لتنظيف منازلنا بكافة الطرق للحفاظ على الصحة؛ لكننا في الحقيقة نجلب معها المرض، في حال لم تكن تلك المنظفات صحية وتراعي أبسط معايير الجودة. فالمنظفات المُستخدم في تصنيعها بعض المواد الكيميائية، يمكن أن تساهم في تلويث الهواء داخل المنزل بشكل مهول؛ خاصةً في حالة استخدامها بشكل مفرط أو لفترات طويلة.
-
تغطية سلال المُهملات
لا يكفي أن نرمي النفايات في سلال المُهملات، بل يجب أن نحرص على تغطية هذه السلال بشكل دائم وصحيح، والتخلص من النفايات كل يوم مهما كان حجمها. وذلك لأن وضع المًخلفات المنزلية، خاصةً الأنواع التي تتضمن عناصر قابلة للتفاعل، يؤدي لانبعاث مواد مُلوَثة للهواء تختلف شدة تأثيرها تبعًا لنوع المواد المتفاعلة وشدة التفاعل بينها.
-
وضع الأحذية في مكان مفتوح
معظمنا يعمد لوضع الأحذية داخل المنزل بعد تنظيفها، إلا أن الأتربة تبقى مُعلَقة بعض الشيء على النعال الخارجية لتلك الأحذية؛ ما يؤثر سلبًا على مدى نقاء الهواء داخل المنزل. لذا يُفضل الاحتفاظ بالأحذية في مكان مفتوح وبعيد عن أماكن جلوس وتواجد أفراد الأسرة.
-
تنظيف المنزل بشكل دوري
لا شك في أن الجلوس داخل منزل نظيف ومرتب، أمرٌ ممتع للجميع؛ لكن نظافة المنزل لا تسرَ العين فقط، بل هي مصدر راحة للصحة أيضًا. إذ تشير مصادر منظمة الصحة العالمية، إلى أن تنظيف المنزل بشكل دوري وجيد، يسهم في تنقية الهواء داخل المنزل والتخلص من كافة الأتربة والجراثيم الموجودة على الأسطح حتى وإن كانت بكميات قليلة.
-
استخدام مُنقيَات الهواء
ليس التنظيف وحده يضمن لك نقاء الهواء داخل المنزل، بل هناك وسائل أخرى تحقق هذه الغاية. منها مُنقيَات الهواء التي تسهم في خفض معدل التلوث في الداخل. مع الإشارة إلى أن مدى فاعلية مُنقَي الهواء، تعتمد بشكل كبير على جودته؛ لذا احرصي على استخدام مُنقيَات هواء ذاتالنوع الجيد.
-
تهوية المنزل قدر الإمكان
حتى وإن كنت تعيشين في أجواء دافئة وحارة معظم أوقات السنة، كما هي الحال في دول منطقة الخليج؛ إلا أن تهوية المنزل، صيفًا وشتاءً وفي كثير من الأوقات، ضروريٌ للحفاظ على جودة ونقاء الهواء داخل المنزل.
ويوصي الأطباء بفتح النوافذ والشبابيك لبعض الوقت كل يوم وعلى مدار العام، بما في ذلك فترة الشتاء البارد، لضمان تجدد الهواء داخل المنزل والحد من التلوث قدر الإمكان والذي يقف وراء العديد من الأمراض.
-
الحدَ من استخدام المُعطرَات
من منا لا يحب أن يشمَ رائحة زكية ورائعة داخل المنزل؟ إن من خلال إشعال الشموع المُعطرَة أو باستخدام البخاخات ذات الروائح العطرية؛ فإن هذا التصرف قد يُحسَن من رائحة الأجواء داخل المنزل، لكنه يزيد من تلوث الهواء. كون هذه المُعطَرات، مصنوعةٌ من مواد كيميائية تتطاير في الهواء وتتسبب بضيق التنفس والمرض.
لا مانع من استخدامك المُعطرَات الطبيعية عوضًا عن المُصنَعة، والتي يمكنك صنعها بنفسك في المنزل؛ كرذاذ ماء الورد أو الماء أي من أنواع الأعشاب العطرية، أو زراعة أحد أنواع النباتات العطرية بالمنزل.
في الختام، نتمنى لك ولعائلتك وافر الصحة والعافية. ونحن على يقين أنك واعيةٌ ومدركة لكافة المخاطر الصحية التي قد تُحدق بك وبأحبتك، وأنك لن توفري جهدًا في توفير الأجواء الصحية لكم جميعًا، داخل المنزل وفي العمل والمدرسة، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات سليمة للحد من تلوث الهواء.