الجلوس الخاطئ من ضمنها... أسباب تحدب الظهر وكيفية علاجه والوقاية منه
كثيرًا ما يخطئ بعضنا في طريقة الجلوس أو النوم أو الاستلقاء، ما يؤدي لمشاكل ومتاعب في صحة العظام والمفاصل خاصةً الظهر. وتُعدَ آلام ومشاكل الظهر، من أكثر المتاعب الصحية شيوعًا بين الناس على اختلاف أعمارهم ووظائفهم. وفي وقتنا الحالي، ومع تعلق الناس بالهواتف المحمولة واضطرار الكثيرين للعمل على الحواسيب وغيرها من الوسائل التقنية الحديثة، بات تقوس أو تحدب الظهر يظهر جليًا بين العديد من الأفراد، صغارًا وكبارًأ.
بعض الناس، مثل كبار السن؛ هم عرضةٌ للتحدب والتقوس بسبب ضعف عظام العمود الفقري الذي يؤدي لانضغاطها أو تكسرها؛ كما يؤكد الدكتور محمد العقل، أخصائي طب وجراحة العظام في مستشفى برايم، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن تحدَب الظهر قد يُغيَر من شكل الجسم كثيرًا ويضع الفرد في موقف محرج على الدوام جراء مظهر الجسم غير المتناسق. هذا بجانب الآلام التي يتسبب بها، والتي تزداد وتؤثر على صحة الجسم.
في محاولة لفهم كافة جوانب تحدب أو تقوس الظهر، تحدثنا للدكتور العقل؛ الذي وافانا مشكورًا بهذه المعلومات القيَمة.
ما هو تحدب الظهر، وهل هناك أنواعٌ مختلفة للتحدب؟
بحسب الدكتور العقل؛ هو انحناءٌ في منطقة أعلى الظهر بالعمود الفقري، يؤدي لانخفاض الكتفين قليلًا وبروزهما للأمام، ما يجعل المظهر الخارجي يتغير للأسوأ. وتدعى هذه الحالة الصحية بتقوس الظهر أو الحدبة، ما يتسبب بحدوث خلل في وظائف العمود الفقري وضعفها.
ينتج تحدب الظهر لدى كبار السن عادةً بسبب ضعف عظام العمود الفقري؛ وقد تظهر أنواعٌ أخرى من تحدب الظهر لدى الرُضع أو المراهقين بسبب تشوهات في العمود الفقري أو تقوس عظام العمود الفقري مع الوقت، أو الاستخدام الخاطئ لأجهزة التليفون المحمول والاجهزة الذكية والجلوس بشكل خاطئ لفترات طويلة وعدم ممارسة الرياضة.
ويؤكد الدكتور العقل إنه في حال كان تحدب الظهر بسيطا، فإنه لا يُسبَب الكثير من المشكلات. أما تحدب الظهر الشديد، فيمكن أن يُسبَب آلامًا وتشوهًا للمظهر العام؛ فيما يعتمد علاج تحدب الظهر على عمرالمريض وسبب التحدب وآثاره.
ويضيف: "يظن الكثيرون أن تحدب الظهر نوعٌ واحد فقط، والصحيح أن هناك ثلاثة أنواع من التقوس تظهر على الجسم، نتعرف على كل نوع منها في التالي:
-
الجنف Scoliosis
لا يُسبَب الجنف عادةً أية أعراض للمريض إلا عندما يصاحبه مرض آخر، أو يضغط على أحد الفقرات. ففي حال ضغطت الفقرات القطنية على الأعصاب مثلًا، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بألم في الساقين بجانب الضعف والتنميل؛ وإذا أُصيب المريض بالتهاب المفاصل بجانب الجنف، فقد يعاني ألما شديدًا في الجسم مع عدم القدرة على الوقوف باستقامة جراء ضعف عضلات الجسم.
-
الحدب Kyphosis
يختلف الحدب عن الجنف، ويُعرف بأنه انحناء الجزء العلوي من الظهر بصورة مفرطة؛ فدرجة الإنحناء قد تصل لأكثر من 50 درجة، ويتسبب ذلك في ظهور الأعراض التالية:
- الشعور بألم في الظهر.
- الإحساس بالتعب والإعياء بشدة.
تظهر الأعراض السابقة في حالات الحدب البسيطة والمتوسطة؛ أما الحالات الشديدة فمن المتوقع أن تزداد فيها حدة الأعراض، ويشكو المريض جراءها من ضيقٍ في التنفس بالإضافة إلى صعوبة في تناول الطعام.
-
القعس Lordosis
يُعرف القعس بأنه انحناء الفقرات القطنية إلى الأمام، ويتبع ذلك تغيرٌ في اتجاه العضلات؛ ما يؤدي إلى حدوث تشنجات والشعور بألم في العضلات. وبالإضافة إلىالألم، يشكو المصاب بهذه الحالةمن بعض الأعراض مثل التنميل، ألم شبيه بالصعقات الكهربائية، عدم القدرة على التحكم بالمثانة، ضعف عام في الجسم،وصعوبة التحكم في عضلات الجسم.
ما هي الأسباب التي تؤدي للإصابة بتحدب الظهر؟
يتكون العمود الفقري من فقرات متتالية بانتظام وبينها غضاريف؛ وفي حال إصابة فقرة من هذه الفقرات بأي خلل، سوف ينحني العمود الفقري ويصبح أقل كفاءةً في القيام بوظائفه، وبالتالي يشعر الشخص المصاب بآلام نتيجة هذا الخلل.
بالنسبة لتقوس الظهر عند الأطفال، تتمثل الأسباب في التالي:
- جلوس الطفل بطريقةٍ خاطئة أمام التلفاز أو الحاسوب أو وقت الدراسة؛ ومع تكرار الأمر قد تعتاد الفقرات على وضع الانحناء، ليصبح هذا وضعها الطبيعي.
- ضعف البصر عند الطفل، فينحني إلى الأمام ليقرأ أو يشاهد التلفاز أو ينظر في الهاتف المحمول، ومع الوقت يتقوس ظهره.
- ليونة عظام الطفل، ما قد يؤدي إلى أن تتأثر عظامه سريعًا بأي انحناء يقوم به.
فيما يخص أسباب تقوس الظهر عند الكبار، فيلخصها الدكتور العقل بما يلي:
- الاعتياد على الانحناء للأمام أثناء أي نشاط يمارسه، مثل القراءة أو مشاهدة التلفاز؛ ما يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بانحناء الظهر.
- الانحناء لحمل الأشياء الثقيلة ونقلها من مكان لآخر، في حين يجب أن ينزل الشخص بكل جسمه كي يحمل الشيء الثقيل، وتجنب حني الجسم مهما كان لحمل الأوزان الثقيلة.
- امتلاك قامةٍ طويلة؛ إذ تزداد فرص انحناء الظهر لدى الأشخاص الذين يتمتعون بقامة طويلة، لأن هذا الطول يجعلهم ينحنون كثيرًا إلى الأمام.
- النوم بطريقة خاطئة، ويُقصد هنا النوم على وسائد مرتفعة أو على فراش مرن للغاية؛ ما قد يتسبب في عدم راحة الشخص النائم وعدم استقامة الظهر أثناء النوم.
- الإصابة بهشاشة العظام؛ حيث يمكن أن يؤدي ضعف العظام إلى تقوس العمودالفقري، خاصةً إذا ما كانت الفقرات الضعيفة تُسبَب كسورًا انضغاطية. ويكثر شيوع هشاشة العظام بين النساء الأكبر سنا والأشخاص الذين استمروا في أخذالكورتيكوستيرويدات لفترات طويلة.
- الكسور؛ إذ يمكن أن يؤدي انكسار الفقرات إلى حدوث تقوس في العمود الفقري.
- تنكَس القرص؛ والمعروف أن الأقراص الدائرية اللينة تعمل كوسائد بين الفقرات. ومع التقدم في السن، تنكمش هذه الأقراص وتصبح مسطحة؛ ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم حالة الحدب.
ما هي الأعراض الشائعة لتحدب الظهر؟
بالإضافة إلى المظهر المنحني المزعج، يشعر الشخص المصاب بتحدب الظهربالأعراض الآتية:
- آلام في منطقة الصدر وبين الأكتاف.
- تقلَص القدرة على أداء الوظائف البدنية.
- يرتبط الحدب بضعف عضلات الظهروصعوبة أداء بعض المهام البسيطة، مثل المشي والنهوض.
- يُمكن أن يؤدي انحناء العمود الفقري أيضًا إلى صعوبة في النظر لأعلى أو القيادة وقد يُسبَب ألمًا عندالاستلقاء، خاصةً في منطقة الظهر ومفاصل الفخذين والركبتين.
- مشكلات الهضم؛إذ يمكن أن يضغط الحداب الشديد على السبيل الهضمي، متسببًا فيمشكلات مثل الارتجاع الحمضي وصعوبة البلع.
- مشكلات متعلقة بشكل الجسم؛ قد يظهر جسم المصابين بمرض الحداب، وبخاصةٍ المراهقين، بمظهر سيئ بسبب استدارة الظهر.
كيف تقومون بتشخيص تحدب الظهر؟
يؤكد أخصائي طب وجراحة العظام في مستشفى برايم، أن الطبيب يُجري عادةً فحصًا إكلينيكيًا على الظهر؛ بما يتضمن النظر إلى العمود الفقري من أحد الجانبين، وملاحظة بروز أحد أجزاء الظهر بطول العمود الفقري بدرجةٍ كبيرة. بالإضافة إلى إجراء الفحص العصبي لفحص ردود الفعل العصبية وقوة العضلات.
كما قد يطلب الطبيب إجراء أحدالفحوصات التالية بناءٍ على الأعراض ودرجة التحدب، ومنهاالتصوير باألشعة السينية من أجل تحديد درجة التحدب ونوعه؛ تصوير الأشعة المقطعية CT؛ التصوير بالرنين المغناطيسي MRI؛ فضلًا عن اختبارات الأعصاب، في حالوجود أي خدرٍ أو ضعفٍ في العضلات.
وينصح الدكتور العقل الأهل، بوجوب مراقبة أطفالهم في مرحلة النمو المبكرة؛ إذ إن تشخيص تحدب الظهر المبكر يُجنب حدوث المضاعفات المحتملة مع تطور النمو.
كيف يتم علاج تحدب الظهر؟
في حالة حدوث تقوس الظهر والشعور بالآلام، يُنصح بزيارة الطبيب، الذيسيصفالعلاج اللازم وفقًا لحالة المرض. كما توجد بعض النصائح التي يجباتباعها في مرحلة علاج تقوس الظهر، وتشمل الآتي:
-
العلاج التحفظي
ويُعدَ أولى طرق علاج تحدب الظهر في حالة التحدب البسيط أثناء مرحلة تطور النمو، ويتضمنارتداء دعامة الجسم أو سناد الظهر.وتصلح هذه الدعامة بصورة أكبر مع الأطفال، حيث إنهم لا يزالون في مرحلة النمو، ووظيفة هذه الدعامة هي جعل الظهر مستقيمًا.
يُجرى العلاج التحفظي تحت الملاحظة الدقيقة من الطبيب المختص، للتأكد من عدم تفاقم المشكلة.
-
النظام الغذائي الصحي
إذ أن له علاقةٌ وطيدة بقوة العظام وصحتها وكثافتها،لذلك ينصح الدكتور العقل باتباع نظام غذائي صحي غني بالكالسيوم والفيتامينات وأهمها فيتامين د.
-
ممارسة التمارين الرياضية
وخاصةً تمارين الإطالة؛ كونها تُحسَن من أداء العمود الفقري ومرونته، وتساعد في تخفيف آلام الظهر.
-
تناول الاقراص الدوائية لتسكين الألم
مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، وذلك بعد الحصول على استشارة طبية.
-
جلسات العلاج الطبيعي
للمساعدة على تقوية العضلات في العمود الفقري.
-
العلاج الجراحي
يُعد التدخل الجراحي العلاج الأنسبلتحدب الظهر بعد سن 18،والأمثل في الحالات المتقدمة؛ خاصةً عند تخطي درجة التحدب 70 درجة، والتي يُصاحبها الشعور بآلامشديدة لا تختفي على الرغم من الاعتماد على المسكنات أو العلاج التحفظي لمدة 6 شهور على الأقل، بهدف تصحيح وضع الفقرات وإعادة الظهر إلى وضعه الطبيعي.
خلاصة القول، أن تحدب الظهر مشكلةٌ تظهر عند الكبار والصغار؛ لكن علاجها والوقاية منها أمرٌ ممكن. لذا يُنصح بوجوب الاعتناء بالطريقة الصحيحة للجلوس والوقوف وحمل الأشياء الثقيلة والنوم، بالإضافة للاهتمام بنمط الحياة الغذائي والبدني الذي يضمن تقوية عضلات العمود الفقري وحمايته من التحدب.
والأهم بحسب ما نصحنا به الدكتور العقل، وجوب مراجعة الطبيب في مرحلة مبكرة من ظهور التحدب خاصةً عند الصغار؛ لعلاج المشكلة وتجنب تحولها لعاهةٍ جسدية يعاني منها المرء جسديًا ونفسيًا.