نظرًا لأهميته في الوقاية من سرطان عنق الرحم: تفنيد الخرافات حول لقاح فيروس الورم الحليمي البشري
نتطرق كل عام، في مثل هذا الشهر، للحديث عن سرطان عنق الرحم وضرورة الوقاية منه؛ وتتمثل أول تلك الطرق في التشجيع على تلَقي لقاح فيروس الورم الحليمي البشري HPV الذي يُعدَ السبب الرئيسي وراء الإصابة بهذا المرض.
لكن يبدو أن الحاجة للحديث عن هذا الموضوع، لا ينبغي لها أن تتوقف عند مادةٍ أو اثنتين؛ بل من الضروري التطرق أيضًا إلى مجمل المفاهيم الخاطئة أو الخرافات المتعلقة بهذا المرض، والتي يبدو للأسف وفي عصرنا الحالي، ما زالت تحوز الكثير من تفكير البعض.
يُعدَ سرطان عنق الرحم، الذي يُمثَل رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم، مشكلةً صحية بالغة الأهمية على الرغم من التجاهل الذي يتعرض له في الغالب؛ إذ يُمثَل حوالي 7.5% من وفيات السرطان بين النساء في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يُحمّل عبئًا كبيرًا على الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط على حد سواء، والتي تشهد نسبةً من هذه الإصابات.
في المملكة العربية السعودية، يُعتبر سرطان الرحم ثامن أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهنَ بين 15 و44 عامًا؛ في حين يُقدّر أنه حوالي 2.5% من النساء على وجه العموم قد يكنّ حاملات لعدوى فيروس الورم الحليمي البشري HPV-16/18 في أي وقت. وفي الإمارات العربية المتحدة، يحتل سرطان عنق الرحم المرتبة الخامسة بين أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء والمرتبة الثالثة بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهنَ بين 15 و44 عاماً. ورغم الإمكانيات الكبيرة للوقاية منه عبر التطعيم والفحص المنتظم، إلا أن سرطان عنق الرحم لا يزال يُودي بحياة عددٍ كبير من النساء، الأمر الذي يُسلَط الضوء على الحاجة الملحة لزيادة الوعي على نطاقٍ واسع.
هذا ويُعتبر لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) أحد أهم التطورات في مجال الصحة العامة، حيث يُوفَر حمايةً فعّالة ضد سرطان عنق الرحم وغيره من الأمراض المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري. ومع ذلك، ورغم فعاليته المُثبتة، إلا أن الخرافات والمعلومات المُضلَلة غالبًا ما تُعيق قبوله واستخدامه. وفي هذا الشأن، نُسلَط في مقالة اليوم، الضوء على الشائعات المنتشرة حول لقاح فيروس الورم الحليمي البشري والحقائق التي تُبدَدها، بناءً على معلوماتٍ قيَمة حصلنا عليها من كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا.
فإذا كنتِ عزيزتي مثلنا، مهتمةً بالشأن الصحي، وتسعين لتثقيف نفسكِ ومن حولكِ حول كل ما يتعلق بلقاح فيروس الورم الحليمي البشري وأهميته في حمايتكِ وحماية بناتكِ وأخواتكِ وصديقاتكِ من مرض سرطان عنق الرحم، ندعوكِ للتعرف معنا على مجمل المفاهيم الخاطئة حول هذا اللقاح، وتصويبها.
مفاهيم خاطئة حول لقاح فيروس الورم الحليمي البشري
• التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري مُخصَص للنساء فقط
في حين أن سرطان عنق الرحم يُصيب النساء بشكلٍ أساسي، إلا أن فيروس الورم الحليمي البشري HPV يرتبط أيضًا بأنواعٍ أخرى من السرطان؛ ومنها سرطان الحلق، والذي يمكن أن يُصيب الأفراد من الجنسين.
لذا يُساعد تطعيم البنات والأولاد على حد سواء بهذا اللقاح، في الحد من انتشار فيروس الورم الحليمي البشري بشكلٍ عام، ويُوفَر الحماية ضد المخاطر الصحية المُرتبطة به. وتُوصي منظمة الصحة العالمية بتطعيم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و14 عامًا لتحقيق أقصى قدر من الفعالية قبل التعرض المُحتمل للفيروس.
• لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري غير آمنة
أثبتت عقودٌ من الأبحاث وملايين التطعيمات في جميع أنحاء العالم، أن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري آمن. وتُعدَ الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا للقاح مؤقتة، والتي تشمل الألم الخفيف في موقع الحقن أو الحمى المنخفضة الدرجة، مما يجعل فوائد اللقاح تفوق بشكلٍ كبير هذه الآثار الجانبية.
ومع ذلك، فإن الهيئات التنظيمية مثل إدارة الغذاء والدواء (FDA) ومنظمة الصحة العالمية، تُراقب سلامة لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري بشكلٍ دقيق، لضمان ثقة أفراد المجتمع.
• أهمية التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري للجميع
في حين يرتبط فيروس الورم الحليمي البشري عادةً بالانتقال من خلال الاتصال الحميم، إلا أنه يمكن أن ينتشر أيضًا عن طريق وسائل أخرى؛ مثل الاتصال الجلدي غير الجنسي، أو مشاركة الأغراض الشخصية، أو الأسطح المُصابة، وفي حالاتٍ نادرة، قد ينتقل من المرأة الحامل إلى طفلها أثناء الولادة.
وتؤكد مسارات الانتقال المتنوعة هذه على أهمية التطعيم للجميع، كإجراءٍ وقائي ضد الأمراض المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري.
• الفحص المنتظم يُزيل الحاجة إلى التطعيم
رغم أن مسحات عنق الرحم واختبارات فيروس الورم الحليمي البشري تبقى ضروريةً للكشف عن العلامات المُبكرة لتشوهات عنق الرحم، إلا أنها لا تمنع الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري.
ويعمل لقاح فيروس الورم الحليمي البشري والفحوصات المنتظمة جنبًا إلى جنب، إذ يمنع اللقاح العديد من أنواع عدوى فيروس الورم الحليمي البشري، في حين تضمن الفحوصات اكتشاف أي مشكلاتٍ موجودة في وقتٍ مبكر.
• لا يُعدَ اللقاح ضروريًا إذا لم يكن هناك تاريخٌ عائلي للإصابة بالسرطان
على عكس بعض أنواع السرطان التي لها عاملٌ وراثي قوي، فإن سرطان عنق الرحم ينجم في المقام الأول عن عدوى فيروس الورم الحليمي البشري وليس الاستعداد الوراثي. وبالتالي، يمكن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري من خلال وسائل مختلفة، الأمر الذي يجعل التطعيم ضروريًا للجميع، بغض النظر عن التاريخ العائلي.
أهمية تثقيف أفراد المجتمع وتمكينهم
يُعدَ الوعي الصحي العام أمرًا أساسيًا لتبديد الخرافات وزيادة الإقبال على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري. ويُمثَل أخذ لقاح فيروس الورم الحليمي البشري فرصةً هامة للوقاية من سرطان عنق الرحم والأمراض الأخرى المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري.
وباعتبارها مؤسسة عالمية مُلتزمة بتعزيز التثقيف والتوعية في مجال الرعاية الصحية، تُشجع جامعة سانت جورج التدابير الاستباقية مثل التطعيم والفحص المنتظم للحد بشكلٍ كبير من عبء الأمراض المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري. ومن خلال تثقيف قادة الرعاية الصحية في المستقبل، تسعى الجامعة لإحداث تأثيرٍ مستمر، وتمكين الخريجين من دعم جهود التوعية والوقاية في جميع أنحاء العالم.
بدورنا، نُشجعكِ عزيزتي على التثقيف الصحي الذي يضمن لكِ الصحة والسلامة على الدوام. ويكون هذا التثقيف ممكنًا من خلال استشارة الأطباء المختصين، وتصفَح كافة المواقع الطبية المختصة التي تُقدم لكِ معلوماتٍ موثوقة وذات مصادر (كما نفعل في قسم صحة ورشاقة على موقع "هي" مع أنه لا يمكن اعتبارنا موقعًا طبيًا بامتياز)؛ فالتثقيف يحدَ من الخرافات والمفاهيم الخاطئة التي تعصف بحياتنا، وتجعلنا نُحجم عن الإقدام على اتخاذ العديد من التدابير الوقائية، كأخذ التطعيمات الضرورية مثلًا، ما قد يُعرَضنا للكثير من الأمراض والمشاكل الصحية في مرحلةٍ مقبلة.