رئيسة التحرير مي بدر تكتب: القوة ليست بالصمود فقط

رئيسة التحرير مي بدر تكتب: القوة ليست بالصمود فقط

مي بدر

تعلمت من رحلتي في هذه الحياة أن التمكين ليس مجرد خطوات، بل تجربة شخصية عميقة تعكس قوة الإيمان والرؤية والثقة بالنفس. فالتحديات والصعوبات التي واجهتها، والنجاحات التي حققتها شكلت لوحة فنية علمتني أن الإرادة الصادقة والالتزام بالمبادئ لا بد أن يُحدثا تغييرا جذريا في حياتنا. فكل خطوة قطعتها في مسيرتي لم تكن فقط لتحقيق إنجاز ما، بل كانت أيضا درسا في الصبر، ودافعا للاستمرار، وكان الشعور بالمسؤولية تجاه المستقبل يلهمني أن أكون صوتا يُحدث فرقا، وأثبت أن الطموح والجرأة هما الأساس في خلق بيئة تُمكّن المرأة من تحقيق ذاتها بكل ثقة واستقلالية.

نجاح مجلتنا اليوم ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لمرحلة جديدة من العمل المشترك لتحقيق المزيد من الإنجازات. ففي كل ما نفعله ونقدمه نسعى لتكون المرأة نموذجا يحتذى به في كل المجالات.

في مارس الجاري الذي يحتفل فيه العالم بإنجازات المرأة، نفرد صفحات هذا العدد لتسليط الضوء على قصص ملهمة لنساء تركن بصمات لا تُمحى في مجتمعاتهن. ونستلهم كثيرا من الحوار الخاص مع نجمة الغلاف تارا عماد التي لم تكتفِ بسطوعها في سماء الفن، بل جعلت من صوتها منبرا لقضايا اجتماعية مهمة، وعلى رأسها التنمر. فبقوة كلماتها وصدق مشاعرها، تُذكّرنا تارا بأن القوة الحقيقية تبدأ من الداخل، وأن المواجهة لا تكون بالصراخ، بل بالثبات والإيمان بالنفس. وتؤكد أن "التجاهل هو أحد أقوى أساليب مواجهة التنمر"، فهذه الجملة تحمل في طياتها درسا عن السمو فوق الأذى، وكيف يمكن تحويل الألم إلى دافع للتغيير. ومع حديثها المؤثر عن والدتها الراحلة، التي وصفتها بملاكها الحارس، تُبرز تارا قيمة الترابط الإنساني وأهمية الذكريات التي تمنحنا قوة لا تُضاهى.

وتعلمنا قصص النساء الملهمات (اللواتي نحاورهن والمقالات المميزة التي كتبتها لنا شخصيات عربية وعالمية شهيرة) أن القوة لا تُقاس فقط بالصمود، بل بالقدرة على العطاء والتطور. وأن الرحلة المستمرة نحو تحقيق الذات هي ما يُميّز المرأة القوية، تلك التي تحلم وتطمح وتتحلى بالصبر، وتعرف كيف تحتوي مشاعرها ومشاعر من حولها. كما تعلمنا أن التحدي الأكبر هو أن توازن المرأة بين عطاء لا ينضب للآخرين ورعاية متأنية لذاتها. فهذه المعادلة الصعبة هي ما يجعلها أيقونة للصمود والإلهام.

أهدي هذا العدد لكل امرأة قوية، وصبورة، وحالمة، ومُلهِمة.. متمنية من كل قلبي أن نبقى جميعا مصدر إلهام لبعضنا البعض، وأن نؤمن بأن قوتنا الحقيقية تبدأ من الداخل، وتنبع من الإيمان بأنفسنا وقدرتنا على مواجهة التحديات.