رئيسة التحرير مي بدر تكتب: "الجمال يتجاوز الزمن"
في الثقافة السائدة اعتاد كثيرون ربط الجمال بالشباب، كأنّ الزمن خصمٌ لا حليف. وأنا لست معهم، لأني أؤمن بأن الجمال الحقيقي لا يُقاس بالسنين، بل بعمق التجربة، ونقاء الحضور، وصدق الذات. وأستشهد هنا بما قالته الأيقونة "أودري هيبورن": "جمال المرأة الحقيقي ليس في زينتها، بل في روحها.. هو العناية التي تمنحها بحب، والعاطفة التي تُظهرها.. جمال المرأة ينمو مع مرور السنين".
العدد الذي بين أيديكم ليس مجرد إصدار من صفحات مصقولة، بل مرآة تعكس جمالا لا يذبل، وقوة لا تخبو، وأرواحا تزداد تألقا كلما عبرت بها السنون. ومن هنا، اخترنا أن نُكرّم رموزا نسائية كانت ولا تزال منارات في عالم الفن والثقافة والهوية. وتزين غلافنا هذا الشهر النجمة العربية الكبيرة لبلبة، تلك التي لم تكن مجرد ممثلة، بل امرأة تحمل بين ملامحها ألف حكاية، وفي صوتها صدى الزمن الجميل، وفي نظرتها ثقة من اختبرت الحياة واختارت أن تظل وفية لنفسها، كما نستعرض قصصا ملهمة لنساء تحدَّين الصور النمطية، وتحدثن بصراحة عن رحلتهن مع التقدم في السن، والمصالحة مع الذات، والقوة الكامنة فيهن بلا أقنعة، وبلا محاولة لمجاراة معايير عابرة. وفتحنا باب الحوار بين الأجيال، وكيف يرى كلّ جيل مفهوم الجمال.
"الجمال يتجاوز الزمن" ليس شعارا وعنوانا لمقالتي فقط، بل دعوة مفتوحة إلى إعادة تعريف الجمال في ضوء التجربة والصدق الداخلي. هو رسالة تقول: "لا تاريخ انتهاء للمرأة". بل على العكس، كل سنة تضيف إلى وجهها بريقا من الحكمة، وكل انكسار يمنح روحها لونا أعمق، وكل نجاح يُضيف إلى حضورها ظلالا من النضج والجاذبية التي لا يمكن تقليدها.
آن الأوان أن نكسر الصورة النمطية التي تربط الجمال والجاذبية بمرحلة عمرية محددة، وأن نُسلّط الضوء على النضج باعتباره مرحلة غنية بالخبرة والمعرفة.. وعلى الجمال الحقيقي لنؤكد أنه لا يتلاشى، بل يتبدّل.. ويتطور.. ويتحول إلى أشكال أكثر عمقا وتأثيرا.
اليوم أقول لكل امرأة تنظر في المرآة وتسأل نفسها "هل ما زلتُ جميلة"؟ نعم ما زلتِ جميلة وجذابة.. جمالك لا يُختزل في ملامح وجهك، بل في كيانك، في حضورك، في أثرك، في تلك القصص التي ترويها عيناك دون كلام.. ما زلتِ رائعة لأنكِ عشتِ، وواجهتِ، ونضجتِ، وما زلتِ تُضيئين.. تعالي لنحتفل معا، ونتأمل في مرآة الحياة لا لنقيس الزمن الذي مضى، بل لنحتفي بما صرنا عليه.
