تأثيرات سلبية خطيرة للحزن الجماعي .. الدكتورة دانا جمال تقدم لنا وصفة النجاة
من الطبيعي أن نشعر بالحزن خلال مسيرة حياتنا، ومن الطبيعي أن تستجيب مشاعرنا له سلباً، باعتباره ألماً نفسياً يترتب عليه الشعور بالبؤس والعجز، الأسى والكآبة. وعادة ما تستجيب أجسادنا ونفسيتنا لكل التأثيرات السلبية للحزن، فما من أحد يشعر به إلا وينفعل عاطفياً جراء ما يواجهه من أحداث محزنة، وقد يصاب من يشعر به بالانطوائية، وقد ينهمر في البكاء حتى يشعر بالراحة، فقد يكون الحزن مصحوباً بالبكاء إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك، ففي بعض الأحيان من الممكن أن يشعر الانسان بحزن عميق دون أن يبكي، والحزن عادة ما يكون لفترة مؤقتة ليست طويلة، وقد يترتب عليه الإصابة بالاكتئاب أحد أخطر الأمراض النفسية التي يجب علينا محاربتها بكل قوة.
أسباب عديدة للحزن
يعد الحزن من المشاعر الستة الأساسية التي أقرّها العالم النفساني بول إيكمان وهي: السعادة والحزن والغضب والدهشة والخوف والاشمئزاز وغالباً ما يكون الحزن بسبب اشتياق إلى شخص أو شيءٍ ما أو بسبب موت شخص عزيز على الفرد أو بسبب مرض شديد أو خطير أو بسبب الغربة أو بسبب جرح من أقرب الناس للشخص مثل أحد افراد عائلته أو أصدقائه أو عدم التوفيق في حياته الشخصية الحزن هي كلمة صغيرة للتعبير عن معنى عميق
الطابع العاطفي للحزن
يتشعب الطابع العاطفي للحزن إلى أشكال متعددة و يرتبط بمجموعة واسعة من تجارب الإنسان. على الرغم من أن الحزن غالباً ما يرتبط بفقدان شخص عزيز، إلا أن الدكتورة دانا جمال، الأخصائية النفسية في مركز ثرايف للصحة النفسية، أشارت أن الحزن يظهر بقوة كرد فعل لحدث مؤلم كالطلاق، أو فقدان الوظيفة، أو الهجران، وغيرها من أحداث أو صدمات كبيرة، وقد يكون الحزن فردياً أو جماعياً بحسب ظروف كل حالة.
ما هو الحزن الجماعي ومتى يحدث؟
يقصد بالحزن الجماعي مشاركة مشاعر الحزن في المجتمع بشكل جماعي لأسباب معينة، ويتشارك فيه الناس الذين يمتلكون صفات مشتركة كالعرق أو الأصل أو البلد، في فقدان عدد كبير من الأحبة خلال تداعيات الحروب أو الكوارث الطبيعية التي تسفر عن خسائر جماعية مأساوية.
وبحسب دكتورة دانا جمال، يتجاوز هذا النوع من الحزن حد الخسائر الشخصية ليصل إلى حزن مشترك للمجتمعات والأمم في جميع أنحاء العالم. تخلق هذه التجارب تشابك المشاعر والحس الجماعي، مما يستدعي هذا إلى الاستشعار بالعطف و تفاهم أكبر تجاه الآخرين والتضامن النفسي معهم، فبحسب الأبحاث التي طرحت في هذا الصدد، ليس من الضروري أن تكون على معرفة شخصية بالأشخاص الذين فارقوا الحياة حتى تشعر بالحزن وتتعاطف معهم.
الحزن الجماعي يمكن أن يكون مرهقاً حد تضخيم المشاعر السلبية المتعلقة بالتجارب الشخصية مثل فقدان شخص عزيز، فقد وقد لاحظت الدكتورة دانا جمال أن كثيراً من الأشخاص قد أشاروا إلى تفاقم الضغط النفسي، وزيادة في الأفكار السلبية حول الموت والموتى، وبعضهم حتى أشار إلى زيادة القلق بشأن صحتهم النفسية عند طلب الاستشارة وذلك بشأن تعرضهم لما يعرف بالحزن الجماعي.
تأثيرات سلبية خطيرة للحزن الجماعي
إذا استمرت الأزمة، يمكن أن نعيش حالة من الحزن التكهُّني إذا توقعنا وانتظرنا حدوث خسائر ومعاناة إضافية في المستقبل. هذا الشعور يمكن أن يثير القلق والعجز وحتى اليأس. هناك العديد من الأشخاص الذين يشككون في طبيعة مشاعرهم ويتساءلون عما إذا كانت تلك المشاعر "طبيعية".
ويظهر الحزن بأشكال مختلفة وعديدة مثل، النواحي الجسدية كصعوبات النوم أو تغيرات في الوزن، والعقلية كصعوبة التركيز أو الارتباك، والاجتماعية مثل الانسحاب أو عدم الاهتمام بالتواصل مع الآخرين، والغضب والشعور بالذنب والخدر والتهيج والاضطراب هي ردود أفعال شائعة على الحزن. قد يكون من المهم أن تسمح لنفسك بتقبل الحزن بدلاً من محاولة قمع المشاعر، فعندما تعترف وتدرك هذه المشاعر التي تمر بها، فمن الممكن البدء في اتخاذ الخطوات الأولى للتغلب على مرحلة الحزن كبداية للتعافي.
كيف يمكن التغلب على التأثيرات السلبية للحزن الجماعي؟
من الصعب أحياناً تقليل أو تحديد وقت استهلاكنا للأخبار، خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص في الأوقات الحرجة، ولكن تعريض أنفسنا للأحداث الصادمة بشكل متكرر يسبب إصابتنا بالإرهاق واليأس الشديد، وظهور أعراض عديدة للاكتئاب.
ولذلك وكمحاولة للتخلص من سلبيات الشعوربالحزن، يجب اتباع النصائح الفعالة التالية من الدكتورة رنا جمال:
تقليل الوقت الذي نقضيه في الاستماع إلى الأخبار
من المهم جداً أن نكون حذرين من كمية الوقت الذي نقضيه في الاستماع والقراءة للأخبار، ونسمح لأنفسنا بأخذ استراحات والحصول على فترات راحة.
المشاركة في العمل الخيري والتبرعات
وللتغلب على مشاعر الحزن الجماعي وسلبياته الخطيرة، يمكن المشاركة في أفعال ملموسة مثل التبرعات أو التطوع الخيري كونها تساعد الأفراد في التحول من الشعور بالعجز إلى طريق يتماشى مع قيمهم ويكون أكثر فعالية.
تبديل مشاعر الفقد
تبديل مشاعر الفقدان والتركيز على استعادة واسترجاع النفس هي أحد الاستراتيجيات العميقة في التغلب على سلبيات الحزن الجماعي، بمعنى أنه عند مواجهة شعور الحزن والفقدان، يسهل التعامل مباشرة مع تقبل الحزن والشعور بالخسارة، مثل الاعتراف بالحزن والسماح للنفس بالبكاء عند مواجهة مشاهد مؤلمة. هذا النوع من التعامل يمكن أن يخلق مشاعر قوية وضرورية لمعالجة الحزن. أما التركيز على استعادة النفس فينطوي على التفكير في أمور ليست متعلقة بالخسارة، مثل اكتساب مهارة جديدة. ولذلك من المهم أن نحافظ على توازن بين التعامل مع الفقدان والتركيز على استعادة النفس كطريقة صحية لمعالجة الحزن الجماعي دون أن ننغمس فيه تمامأً تجنباً لكثير من السلبيات التي من الممكن أن تعصف بصحتنا النفسية.
الفضفضة مع الآخرين
تشجع الدكتورة رنا الجمال الأفراد على التحدث والمشاركة مع للآخرين بهدف مشاركة تجربة الحزن الجماعي، سواء في بيئة علاجية أو مع أشخاص داعمين، كون ذلك يسمح للأفراد بالتعبير عن ألمهم، ويخلق مساحة لتأكيد مشاعرهم والعثور على تجارب متشابهة ومشتركة. ما يعزز الشعور بالتلاحم وبالتضامن والصمود تجاه المآسي والعنف، ويعزز الجانب الإنساني المشترك بيننا، ويخلق راحة نفسية عميقة لها أن تقابل سلبيات الحزن الجماعي والتغلب عليها.
مع تمنياتي للجميع بصحة نفسية جيدة،،،
دمتم بخير