عروض مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2022 .. فيلم "طريق الوادي" شريط سينمائي متعدد الرسائل
تقليد جديد انفرد به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي وهو الإعلان عن عرض فيلم جديد في ختام الفعاليات، الأمر الذي دفع الكثيرين للاهتمام بمشاهدة فيلم المخرج خالد فهد "طريق الوادي" حيث تم عرضه 3 مرات يوم الخميس الماضي قبيل حفل توزيع الجوائز محققا استقبالا إيجابيا فاق التوقعات.
فيلم "طريق الوادي" يقدم البيئة السعودية التقليدية بمنظور مختلف
"طريق الوادي" شريط سينمائي متعدد الرسائل، يقدم البيئة السعودية التقليدية بمنظور مختلف، يدور الفيلم حول الطفل "علي" الذكي الحساس و المصاب بالخرس، "علي" الذي جسده حمد فرحان محبوب من أقرانه، مغضوب عليه من الكبار وأولهم والده بسبب عدم قدرته على التفاهم مع الإعاقة التي أصابت الإبن، الوالد – جسده نايف خلف- يعيش بعقلية لا تقبل الاختلاف، يعاني من الديون وضيق ذات اليد، وافق بصعوبة على سفر ابنته للتعليم خارج القرية التي لا يعرف أهلها ماذا يجري خارجها، الفتاة – جسدتها أسيل عمران- تحارب من أجل عدم الزواج بعد التخرج وتسعى للعمل وهي الوحيدة التي تتفهم ظروف شقيقها وتتكلم معه بلغة الإشارة، يقرر الأب بعد مقلب من مقالب "علي" في أهل قريته الذهاب به إلى أحد الشيوخ بحثا عن العلاج، يعتبر الأب ابنه "مجنونا" وليس من ذوي الهمم، لتبدأ رحلة اعادة اكتشاف الذات للجميع، حيث يضيع "علي" ويقابل فوجا من السائحين الأجانب ثم رجلا عزل نفسه في الصحراء، وأخيرا عصابة من اللصوص ساعد الطفل الذكي رجال الشرطة لاحقا في القبض عليهم، لتنشأ علاقة حب وليدة بين ضابط الشرطة والأخت المتعلمة لكن المخرج "خالد فهد" لمن ينه فيلمه بمشهد زفاف تقليدي، وإنما بطموح في مستقبل أفضل وبحلم علي الأثير في التحول إلى فراشة .
المخرج خالد فهد نجح في تضمين رسائله ضمن أحداث حملت الكثير من التشويق
الرسائل المتعددة في الفيلم الذي أنتجته مؤسسة "إثراء" بإشراف ماجد سمان تكمن أولا في دعوة للأهالي بحسن التعامل مع أبناءهم من ذوي الهمم، وثانيا في ضرورة تعليم المرأة والسماح لها بالعمل وكيف كان وضع السيدات قبل التحول الكبير الذي بدأ مؤخرا في المجتمع السعودي، وكذلك في أهمية أن يرى الناس ماذا يدور خارج عالمهم ولا ينغلقوا على ذواتهم خوفا من الآخر، هذه الرسائل لم تأت مباشرة على ألسنة الأبطال في أي من المشاهد الحوارية لكن المخرج نجح في تضمين رسائله ضمن أحداث حملت الكثير من التشويق عبر مسارين متشابكين، حيث رحلة الأب ثم الأخت بحثا عن طفلهم المفقود، وفي نفس الوقت رحلة الطفل الصامت للعودة إلى أهله دون أن يشعر بأي جزع متمسكا بطمأنينية لا يفسرها سوى خيال الطفل الذي تأقلم مع عوالم أخرى يرى نفسه فيها .
تلك العوالم كانت نقطة انقسام حول الفيلم، حيث عبر عنها المخرج خالد فهد من خلال مشاهد استخدم فيها تقنية الجرافيك وباتت أقرب لأفلام "مارفل" الأمريكية الشهيرة حيث يواجه الطفل مخاوفه عبر أسلحة يحركها خاليه فقط، لكن تحوله علي في تلك المشاهد كبطل خارق بات مناقضا لمن أحبه بسبب شاعريته المفرطة وإحساسه بالبشر من حوله وتمييزه الشر عن الخير دون الحاجة لتلك التقنيات .
إلى جانب ما سبق يجب الإشارة إلى براعة فريق العمل في بناء ديكورات القرية التي تجرى فيها الأحداث وروعة الألوان والتصاميم، وكذلك ديكور محطة البنزين التي باتت مفترق طرق في البداية قبل أن يتجمع فيها الأبطال لاحقا، وكذلك الاستفادة –سينمائيا- من زمن تصوير الفيلم حيث التسعينات عصر ما قبل الهاتف الجوال، رقم أسرة الطفل مكتوب على يده، وهاتف الشارع هو الحل الوحيد للتواصل ما جعل الأحداث منطقية وجعل المتفرج يترقب مصير علي وكيف سيعود لأهله من جديد .