معاهدة سلام مع الطبيعة
في دراسة علمية أجراها اختصاصيون في مركز البحوث الزراعية في مدينة إنديانابوليس الأمريكية، كشفت الأبحــاث أن الذبذبــات الصوتية الناتجة عن الأصوات البشرية تؤثر تأثيرا إيجابيا في نمو النباتات بمختلف أنواعها، شرط أن تكون هذه الأصوات مليئة بكلمات التشجيع وكل ما يمت بصلة إلى المودة والمحبة. لقد فوجئ العلماء الذين قادوا هذه الدراسة المميزة بمدى تأثير التحدث إلى النباتات، سواء كان على مستوى زيادة عمق جذورها أو زيادة حجم أوراقها، بل أكثر من ذلك تبين أن الكلمات التي ينطق بها المزارع أو كل من يهتم بالنبات، لها وقع لا يستهان به على تحسين عملية التمثيل الضوئي. وهكذا فإن المواقف الإيجابية في التعامل مع النبات، خصوصا من خلال التلفظ بكلمات ودية ولطيفة، يزيد من إنتاجية المزروعات بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة، بحسب الأبحاث العلمية في علم الزراعة. وبالمقابل وجد العلماء أن الكلمات القاسية التي ربما قد تصل إلى الإهانات تؤثر سلبا في نمو النبتة. وهذه الأخيرة مهما كانت ظروف تعامل الإنسان معها، لا تزال تحتاج من أجل نموها إلى العناصر الطبيعية الضرورية لتغذيتها، ولا سيما منها الماء والضوء والتربة الجيدة والمناخ الملائم. وفضلا عن ذلك فإن فريقا من العلماء شرح كيفية تأثير الأغاني الجميلة والموسيقى عموما في النباتات.
ولا بد هنا من ذكر الاستدامة البيئية التي تحدثنا عن مسؤولية كل إنسان عن البيئة والطبيعة المحيطة به، ولا سيما من حيث تجنب استنـــــزاف الموارد الطبيعية. كما أن الحفاظ على البيئة يرتبط ارتباطا وثيقا بمصير الأجيال الصاعدة. وبما أن الإنسان عدو ما يجهله، لا بد من نشر حملات التوعية الخاصة بالاستدامة البيئية، وخاصة فيما يتعلق بقطع الأشجـــــار وإزالة الغابات وبمسـألة النفايات. صحيح أن الانسان بحاجة ماسّة إلى كل ما تقدمه له الطبيعـــــة، لكن هذه الأخيرة تحتاج بدورها إلى عناية الإنسان بها. ونحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى معاهدة سلام مع الطبيعــــــة بشتى أصنافها، من الطيور والأسماك إلى الزهور والفراشات والأشجار.
نعم إن الســــلام الحقيقي الذي يطمـــح إليه كل قلب يخفق في الكون يبدأ بمعاهدة محبة واهتمام وعناية بالطبيعـــة والبيئة المحيطة بنا. سلام المجتمع لا يقتصر فقط على علاقة المودة والاحترام بين الإنسان وأخيه الإنسان، بل ينبع قبل كل شيء من سلام الطبيعة الأم.
سوزي الحاج