أصداء أثيرية
فنانة متعدّدة المواهب ابتكرت نوعا جديدا من الفن الراقي المتعدّد الوسائط الذي يمزج بين اللوحات والمنحوتات المجسّدة، والفنّ الرقميّ وهي أيضا المديرة الفنّية لدار "سبوتنيك بارتنرز" للتصميم والتي تعنى بمجموعة من الأنشطة المتعلّقة بالفنّ والعقارات
لطالما استهوتني الأزياء الراقية، بصفتي فنانة تشكيلية، وبخاصة فن الهوت كوتور، وشكلت ركنا أساسيا في ملهماتي، إذ نحتت ملامح رؤيتي الفنية، وغذّت جذوة إبداعي. ولطالما فتنني بهاء الأزياء ورفعتها، وسحر الأنماط والخامات، ورونق الملابس الراقية.
في أحد مشروعاتي المبكـــــرة، "زمن الخريـــف" (2006)، كرّمتُ عمالقة تصميم الأزياء أمثــــــال "كوكو شانيل"، و"إيف سان لـــوران"، و"يوجـــي ياماموتو"، الذين ارتقت أعمالهم لتكون مرادفا للابتكار والأناقة.
ورحيل أحد قدواتي، ألكسندر ماكوين، ترك في نفسي أثرا عميقا، وهو ما حفّزني لنقل تصاميمه الرائدة إلى عالم لوحاتي.
قرار انتقالي من عالم تصميم الأزياء إلى المجال الفني أتى خلال دراســـتي بأكاديمية "سانــت بطرسبرغ ستيغليتز" الحكومية للفنون والتصميم. فعلى الرغم من شغفي بتصميم الأزياء، اكتشفت أن حبّي الحقيقي يكمن في تصويرها بدلا من خياطتها. ومشروع تخرّجي، "أعتقد أني قادرة على الطيران" I Believe I Can Fly، جسّد هذا التحول الجوهري، إذ اعتلت العارضات منصّة العرض يحملن لوحات بحجم الإنسان تُصوّر الفساتين، معلنة عن هويتي كفنانة مفتونة بعالم الأزياء. وفي ذروة العرض، تبعتُ عارضة ترتدي فستانا أبيض طويلا على المدرج وفي يدي فرشاة، ورسمت الفستان كاملا في جلسة حيّة، كأنه لوحة من القماش.
وخلال مسيرتي الفنية، تكرّر ظهور بعض رموز الأزياء في أعمالي. ومن الأمثلة على ذلك، الفستان الأحمر الشهير، الذي كانت له مكانة خاصة في فني، وقد رسمت هذا الرمز الذي يجسّد العاطفة والقوّة مرارا على مدى أكثر من 23 عاما. وفي أعمالي، كثيرا ما تنطلق شرارة الإبداع في لوحات جديدة تولد من رحم الأزياء. ليس هذا وحسب، بل تجاوزت جاذبية عالم الأزياء الأثواب نفسها، إذ تشكّل منصة العرض وكواليسه مصدر إلهام لا ينضب، تماما كما تلهمني عروض واجهات متاجر الأزياء في تعبيري الفني.
وفي العام الماضي، كان لي الشرف بالتعاون في مشروع "حلم" مع المصمم السعودي يوسف أكبر الذي صمّم فساتين مستلهمة من فني، وبدوري رسمت أعمالا فنية عدّة مستوحاة من عارضاته. وتميّز معرضنا المشترك "أصداء أثيرية"، الذي اجتمعت فيه اللوحات والمنحوتات وفساتين الهوت كوتور، بدمج التقنيات الحديثة كالواقع المعزز والافتراضي. ولم يقتصر الأمر على كونه مزيجا بين الفن التقليدي والأزياء وحسب، بل تجاوزه ليصبح حوارا عابرا للثقافات، ومنبرا للتعبير الإبداعي غير المحدود، مانحا الجمهور تجربة فريدة ومتميزة.