دور الحرفي في استدامة الموضة المحلية
يعتبر دور الحرفي والصناعات اليدوية جزءا لا يتجزأ من الشبكة الاجتماعية للثقافات عالميا، ولا سيما المملكة العربية السعودية. تميز تاريخ أجدادنا بالتمكن من اكتساب الكثير من المهارات الحرفية المحلية التي توارثوها جيلا بعد آخر من حياكة النسيج، إلى صناعة صنارات الصيد. وعلى اختلاف المناطق اختلفت الحرف حتى شكلت جزءا من هوية كل منطقة ومصدر دخل لها. ولكن مع التطور الذي شهده العالم في العقود الأخيرة، وتعدد سبل التجارة، قل الاحتياج للحرف المحلية، وبذلك أصبح من النادر العثور على كوادر حرفية مزاولة للمهنة، ممارسة للحرفة بشكل كامل.
اتخذت الحرف أهمية جديدة في العقود الأخيرة، فصارت تجذب الذين يُقدِّرون الموهبة والجهد والوقت المبذول في منتجات الحرفيين. فصارت تموج بين اعتبارها فنّا تراثيا أو منتجا محليا يغطي حاجة اقتصادية. هذا المسار العالمي انعكس في المملكة تدريجيا، ومع انطلاق رؤية 2030، تسارع التوجه نحو استعادة مجد الحرف وتألقها من جديد. فازدهرت بعض النماذج الواعدة في القطاع الحرفي، وزادت أهمية نشر الوعي في كل ما يخص المستهلك والمهتم باقتناء القطع. فالمجتمع الحيوي ينمي المواهب ويرعاها.
وما ينطبق على الحرف في عمومها، ينطبق على عالم الأزياء، فلكل شعب في العالم أزياؤه التي يحافظ من خلالها على هويته. ولا يعلم تفاصيل الأزياء المحلية مثل الحرفيين. فالحرفيون يبدعون في إضفاء هوياتهم الشخصية والمجتمعية على الأزياء. فانعكاس القِيَم على المنتج يصب في جودته. ومن ثم تُربَط مصلحة الحرفي بالاقتصاد المحلي. كما أن للمنتجات المحلية أثرا ثقافيا في زيادة الوعي بالأعمال الحرفية لدى المجتمع. وباكتمال الدورة الاقتصادية بين الحرفيين والمستهلكين يمكن تنميتها، وهو يخلق فرص عمل جديدة يعتمد عليها عدد أكبر من الأسر والعائلات الصغيرة التي لا تقوى على منافسة المصانع وتحديات العصر الحالية. وهنا تكمن معادلة استدامة الأعمال الحرفية التي تعزز السوق المحلي.
خلف كل قطعة ملابس محلية تنضم إلى خزانتك، هناك الكثير من الأيــادي التي رعتها بأناملها الناعمة وعملت عليها، سرعة امتلاك المنتجات وضعف التواصل الإنساني أفقدانا قيمة إنسانية كبيرة، ألا وهي تقدير الموهبة، والجهد والوقت المبذول لصنع كل قطعة. إدراك ومعرفة الأثر الذي نحدثه من حولنا ابتداء من دعم سلسلة الإنتاج الحرفية، هو أول خطوة لتعزيز مفهوم "صنع بحب" واستدامة الحرف في عصرنا الحالي.