أسباب كثيرة لتساقط الشعر
يعتبر تساقط الشعر من بين اكثر اسباب الشكاوى التي يراجع بسببه المصابون من كلا الجنسين ومن جميع الأعمار العيادة الجلدية.
وللحديث عن أسباب تساقط الشعر بشكل عام لا بد من إيضاح بعض النقاط حول فسيولوجية نمو الشعر، حيث يوجد على فروة الإنسان الطبيعي نحو 100 ألف شعرة، كل شعرة هي كيان مستقل يتألف من بصلة مولدة للشعرة تبقى مطمورة تحت جلد الفروة، بينما يخرج من جلد الفروة ساق يدعى شعرة انتهائية. تعيش الشعرة الواحدة نحو 1000 إلى 1500 يوم أي نحو 3 - 4 سنوات تمر خلالها بأطوار ثلاثة، تبدأ بطور النمو وهو الأطول، والذي يستمر نحو 1000 يوم يتبعه طور ثبات، ومن ثم أخيراُ طور التساقط، حيث تسقط بنهايته الشعرة لتبدأ بعدها من جديد شعرة جديدة بالنمو بعد فترة وجيزة. ويعتبر تساقط ما بين 25 - 50 شعرة من الفروة يوميا أمرا طبيعيا.
لتساقط الشعر ثلاثة أسباب لها علاقة بأمراض وصحة جسم الإنسان بشكل عام، وبصحة وسلامة ساق الشعرة نفسها، وبصحة وسلامة جلد فروة الرأس والتي منها ينبت الشعر.
أولا: في ما يتعلق بالأسباب العامة لتساقط الشعر، فهي تبدأ من التساقط الفصلي والذي يصادف بشكل عام آوان فصل الخريف كل عام أو عامين، والذي قد يكون غزيرا ومفاجئا، وهو ما يزرع الخوف لدى النساء خاصة، كون كتلة الشعر لديهم كبيرة بسبب طول الشعر عندهن. من ناحية أخرى تعتبر الولادة من بين الأسباب المهمة الأخرى لتساقط الشعر عند النساء، حيث ولأسباب هرمونية ونتيجة لمفرزات المشيمة، فإن الشعر يستمر بالنمو طوال مدة الحمل، وتكتشف الحامل في آخر شهرين من الحمل أنه أصبح لديها كثافة غير معهودة للشعر، ثم ما يلبث هذا الأمر أن ينتهي بعد الولادة بثلاثة أشهر، حيث تعاني حينها من تساقط شديد وسريع خلال بضعة أيام، وهو ما يثير الشك حول وجود مرض خطير لديها.
يعتبر هذان النوعان من تساقطات الشعر (الفصلي وما بعد الولادة) من الناحية الطبية طبيعيين وفسيولوجيين. لذلك يكتفى بطمأنة السيدات ووصف بعض مقويات الشعر، (حقن عضلية أو حبوب)، إضافة إلى وصف بعض الدهونات المغذية لبصلة الشعر بشكل يلائم كل مريضة بعد فحصها من قبل الطبيب المختص ونفي باقي الأسباب المؤدية لمثل هذه الحوادث.
من بين الأسباب الأخرى لتساقط الشعر يمكن الحديث عن الحميات الغذائية الشديدة غير الموجهة بقصد تخفيف الوزن، كذلك الأسباب المتعلقة بسوء الامتصاص من الأمعاء لبعض العناصر الغذائية الضرورية لنمو الشعر كالحديد، الكالسيوم والزنك، وبعض العناصر النادرة كالمغنزيوم والنحاس.
قد يتلو الإصابة ببعض الأمراض الإنتانية المعوية كالتيفوئيد والحمى المالطية والإسهالات المزمنة وكذلك التهاب اللوزات المتكرر،وبعض الإنتانات الفيروسية كالحصبة والتهابات الكبد الفيروسية بأنواعها الثلاثة، تساقط مهم للشعر. كما قد يتلو إجراء العمليات الجراحية الكبيرة تساقط مهم للشعر بسبب التخدير العام.
تسبب الاضطرابات الهرمونية تخلخلا وتساقطا مهمينا للشعر، وخاصة عند النساء الشابات. ومن أكثر الأسباب تواترا هو الإصابة بالمبيض متعدد الكيسات، والذي قد يترافق أيضا مع اضطراب في الدورة الطمثية.
كما تسبب اضطرابات الغدة الدرقية سواء فرط نشاطها أو قصورها تساقطا مهما ومزمنا للشعر مثل هذه الأسباب يصعب إدراكها بسهولة إلا إذا فكر الطبيب بها كونها لا تترافق مع أعراض سريرية واضحة.
ثانيا: أما بالنسبة لتساقط الشعر المتعلق بصحة ساق الشعرة، فهو يقسم إلى أسباب عدة، وذلك حسب العمر، فمنها الأسباب الوراثية والتي تكتشف في الأشهر الأولى ما بعد الولادة، وتتراوح ما بين الغياب التام للشعر، وحتى وجود شذوذات في شكل ساق الشعرة كالشعر المنفتل أو تكسر الشعر العقد أو الشعر الصوفي أو الشعر السبحي، وفي مثل هذه الحالات الوراثية، فإن الشعر ينمو لكنه ينكسر بسهولة على مسافة قصيرة من جلد الفروة بسبب سوء تشكله.
أما بالنسبة للأسباب الأخرى والتي تشاهد عند الشباب والشابات والتي تسبب ضررا لسيقان الشعر، فهي تكرار صبغ الشعر وتسبيله ودهن الملمعات، جميع تلك العادات بتكرارها تؤدي إلى تلف جسم الشعرة وبالتالي سرعة انكسارها.
ثالثا: بالنسبة لتساقط الشعر المتعلق بسلامة وصحة جلد فروة الرأس. كثيرة هي الأمراض التي تصيب جلد الفروة، وهي إما أن تكون بسيطة وعابرة كالتهاب الأجربة الشعرية البسيط السطحي، والذي ينجم إما عن أسباب جرثومية أو عن عدم تحمل بعض أنواع الصابون أو الشامبوهات المستخدمة للعناية بالشعر.
في الوقت نفسه يمكن أن تسبب الإصابة بفطور الفروة تساقطا للشعر، وخاصة عند الأطفال، حيث يمكن رؤية الشعر عندها متكسرا على مسافة بضع مليمترات من جلد الفروة، كما تترافق الحالة مع قشور والتهابات في المنطقة المصابة من جلد الفروة.
أخيرا، قد تكون أسباب التساقط ناجمة عن أمراض مزمنة مهمة تصيب الفروة أكثرها شيوعا الأكزيما الدهنية، والتي تصاحبها الحكة والقشور الدهنية، وخاصة منطقة ما خلف الأذنين ومؤخرة الرأس. ومن الأسباب الأخرى نادرة الحدوث التهاب الأجربة الشعرية الخاص والذي يؤدي إلى موت نهائي لبصلة الشعر، تاركا مساحات واسعة من الجلد الضامر الخالي من الشعر. كما قد تسبب الإصابة بداء الحزاز المسطح والذاب الحمامي القريصي إصابة مهمة للفروة، تاركة أيضا ندبا ضمورية مهمة ودائمة.
ومن بين الأسباب الأخرى المهمة هو صلع الذكور، والذي يبدأ في أوائل العشرينيات من العمر، ويكون في الأغلب ناجم عن أسباب وراثية. كما يمكن للإناث أن يصبن بنفس النوع من الصلع وبدرجات مختلفة يعود معظمها لأسباب وراثية، أو لوجود مبيض متعدد الكيسات.
كما تعتبر الحاصة الموضعة (الثعلبة) بأشكالها المختلفة من بين الأسباب المهمة لتساقط الشعر، خصوصا عند الأطفال.
من هنا نرى أن أسباب تساقط الشعر كثيرة جدا ومعقدة، ويصعب إحصاؤها في عجالة. مثل هؤلاء المرضى تؤخذ لهم قصة سريرية مفصلة، كما يجرى لهم فحص سريري متأن، وتطلب لهم فحوص مخبرية ضرورية لمعرفة الأسباب، كما أنه أحيانا يتم اللجوء لفحص الأشعار لتحديد الأسباب الحقيقية لتساقط الشعر لتعطى بعدها المعالجات المناسبة. ووحده طبيب الأمراض الجلدية القادر على إدراك الأسباب وتحديد الأمراض المسؤولة، وبالتالي إعطاء ما هو مناسب من المعالجات المفيدة لكل حالة.
د. مجد دوبا
أخصائي جلدية
المستشفى السعودي الألماني ـ دبي