العائلة دفء يخفف برد ليالي الشتاء.. نصائح الخبراء لبناء روابط أقوى مع الجيل "Z" في عالم اليوم
نعيش اليوم في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي؛ وتتبدل فيه القيم الاجتماعية والاقتصادية بسرعة كبيرة، وهذا هو السبب المباشر وراء الاختلاف بين جيل الألفية وجيل Z . اليوم ظهرت فجوة كبيرة بين الجيلين لم تكن موجودة بنفس الحجم في الأزمنة السابقة. ولذلك اشتدت التحديات وباتت أكثر صعوبة بين جيل الألفية، الذي شهد بدايات ثورة الإنترنت وابتكارات تكنولوجية غير مسبوقة، وجيل Z الذي وُلد في العالم الرقمي حيث الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتشعب وتزيد بسرعة مذهلة. هذه الفجوة بين الأجيال تتجسد في اهتماماتهم، وأسلوب حياتهم، وطريقة تفاعلهم مع العالم من حولهم.
وما بين مشاعر القلق والخوف التي تعترينا جميعًا كآباء وأمهات، وما بين طموحات الأبناء والرتم السريع لحياتهم، وإيمانهم بكثير من المعتقدات الخاطئة وبخاصة في ما يتعلق بتحقيق الشهرة وكسب المال، حدث الصدام وهذا أخطر ما في الأمر، فكيف لنا أن نحقق الدفء العائلي الذي يحقق الشعور بالأمان لأبنائنا من جيل Z، وكيف لنا أن نزيل صعوبات التواصل بيننا وبينهم؟
بداية وقبل الانغماس في الإجابة على هذه الأسئلة الهامة، ثمة نقاط مهمة يجب أن أتناولها تمهيدًا لخلق علاقة صحية بين جيل الألفية والجيل Z عبر إفادة "داليا شيحة" المستشارة الأسرية والزوجية.
ما هي أهم الفروقات بين جيل الألفية وجيل Z؟
إن الفرق بين جيل الألفية أو جيل Y وجيل Z يتجسد في بعض النواحي المهمة التي من أبزرها ما يلي:
-
الفترة الزمنية
جيل الألفية جيل Y هو الجيل الذي نشأ مع بداية عالم الانترنت هذا الجيل ويشمل الأشخاص الذين وُلدوا بين عامي 1981 و1996 تقريبًا، أما جيل Z يطلق عليه "الجيل الرقمي" أو "الجيل الذكي تقنيًا" كونه شهيدًا على العالم الرقمي المفعم بالتقنية والتكنولوجيا الحديثة. يتكون هذا الجيل من الأشخاص الذين وُلدوا بين عامي 1997 و2012 تقريبًا.
-
التقنيات والتكنولوجيا
جيل الألفية Y هو الجيل الذي نشأ في العصر الذي بدأ فيه الإنترنت بالتوسع، واستخدموا التكنولوجيا بشكل تدريجي، وشهدوا الانتقال من الهواتف الثابتة إلى الهواتف المحمولة، وتعرفوا على أبرز مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر".
أما جيل Z، هو الجيل الذي ولد مع التوسعات السريعة لعصر التكنولوجيا الحديثة مع تأصل وجود الإنترنت، واتساع استخداماته. فقد شهدوا الهواتف الذكية، والتطبيقات، ووسائل التواصل الاجتماعي مثل "إنستغرام" و"تيك توك" و"سناب شات". وهو أيضًا الجيل الذي أصبح من الصعب عليه بل من المستحيل عنده، الحياة بدون التكنولوجيا التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياته.
3. القيم الاجتماعية والنفسية
جيل الألفية أكثر تفاؤلاً وأكثر ميلاً لاتباع المبادئ السامية التي تقوم على قيم ومفاهيم أكثر قيمة مثل التعاون والعمل الجماعي وروح الفريق الواحد. وهو الجيل الذي عاصر الأزمات الاقتصادية، مثل الأزمة المالية العالمية في عام 2008، والذي تأثر إيجابًا بهذه الأحداث المهمة التي دفعته للاعتماد على الذات والإيمان بها.
جيل Z، فهو الأكثر واقعية بل والأكثر مادية أيضًا، لأنه جيل واقعي وعملي مقارنةً بجيل الألفية Y، إذ شهدوا صدمات اقتصادية أكبر كتلك التي واجهها العالم أجمع بعد جائحة كورونا، وهذا ما جعل أبناء هذا الجيل أكثر حذرًا وأكثر تحفظًا بشأن المستقبل. ولذلك أنصب تفكيره على كيفية تحقيق الاستقرار المالي والإستقلالية المادية في المقام الأول.
-
التعليم
جيل الألفية، هو أول من اختبر التعليم الإلكتروني بشكل واسع، وعاش مرحلة التحول من التعليم التقليدي إلى التعلم الرقمي. أما جيل Z فقد نشأ في بيئة تعليمية تتسم بالاستخدام المكثف للتكنولوجيا، مثل التعلم عن بُعد وحضور الدروس الإلكترونية.
-
التوجهات المهنية
جيل الألفية يجتهد لتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، ويبحث عن تجارب عملية تلبي احتياجاته النفسية وتساعده في تحقيق ذاته، بالإضافة إلى رغبة كل من ينتمي إليه في تحقيق التأثير الاجتماعي الإيجابي. أما جيل Z فهو يميل بشكل عملي وواقعي في تحديد مساراته المهنية، ويبحث عن الاستقرار المالي والوظائف التي توفر لهم الأمان الاقتصادي. كما أن لديه اهتمامات أكبر بالتوظيف المستقل والعمل عن بُعد.
-
التواصل الاجتماعي
على الرغم من استخدام جيل الألفية لوسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر"، إلا أنه ما زال يفضل التواصل مع الآخر عبر اللقاءات الشخصية. أما جيل Z فهو يعتبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل "إنستغرام"، "سناب شات"، و"تيك توك" الوسيلة الرئيسية للتفاعل الاجتماعي. الحقيقة أن الحياة الشخصية لأبناء هذا الجيل ترتبط بشكل أكبر بالأنشطة الرقمية، مثل تفضيلهم التفاعل عبر الإنترنت بدلاً من اللقاءات التقليدية، ولذلك غاب دفء المشاعر، وباتت العلاقات باردة.
-
الأولويات والاهتمامات
جيل الألفية لديه أولويات محددة مثل تجربة الحياة، السفر، والتفاعل الاجتماعي، بالإضافة إلى تحقيق النجاح المهني والاجتماعي. أما جيل Z ، فاهتماماته تنصب على المادة وكيفية تحقيق الاستقرار المالي السريع، وذلك بسبب تأثره العميق بكثير من التغيرات التي طرأت على العالم التي من أهمها، التغير المناخي، والتنوع، والمساواة، ولذلك نجد من ينتمي إلى الجيل Z، يهتم أكثر بالقضايا العاليمة المعاصرة.
-
الاهتمام بالصحة النفسية
لقد بدأ جيل الألفية بالاهتمام بالصحة النفسية والرفاهية العاطفية، وكانوا من أوائل الأجيال التي تروج لأهمية التعامل مع الضغوط النفسية. أما جيل Z ، لديه وعيًا أكبر بشأن الصحة النفسية. ويتمتع بقبول أوسع لمناقشة قضايا الصحة النفسية.
كيفية تحقيق التقارب بين جيل الألفية وجيل Z
الآن وبعد كل هذه الاختلافات هل توجد فرصة لتحقيق التقارب بين الجيلين Z و Y؟
تقول داليا شيحة، أنه وعلى الرغم من هذه الفروقات العميقة إلا أنه توجد دائمًا مساحة لتحقيق تقارب وخلق علاقة صحية بين جيل الألفية والجيل Z، وذلك بتطبيق ما يلي:
- التفهم العميق للاهتمامات والاحتياجات إذ يساهم ذلك في بناء جسر من التواصل الفعال.
- تعزيز التفاهم البناء الذي له أن يخلق حالة من التناغم بينهما، ويتحقق ذلك بالانصات بدقة والاستيعاب الجيد.
- تبادل الاحترام والتقدير يخلق جو هادئ يحفز على التقارب بين الجيلين، لذا يجب على الآباء احترام أبنائهم من الجيل Z، واحترام قناعاتهم واهتماماتهم، وفهم الاختلاف العميق الذي يحيط بهم وبعالمهم الرقمي.
- الاستماع إلى طموحاتهم، وتجنب احباطهم مع العمل على تخفيف سقف توقعاتهم قدر الإمكان.
- التواصل الفعال بين الأجيال، واعتماد الصدق والشفافية في التعامل مع أبناء الجيل Z، لأنهم بحاجة إلى التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بحرية ودون الخوف من الحكم عليهم أو التعرض للنقد اللاذع والسخرية.
- استخدام الوسائل الرقمية مثل الرسائل النصية أو التطبيقات الاجتماعية لتبادل الأفكار، لكن من المهم أيضاً تخصيص وقت للحوار المباشر وجهاً لوجه.
- المرونة والتكيف، أبناء الجيل Z يحتاجون إلى الحرية في اتخاذ قراراتهم وممارسة استقلالهم، ولكنهم في الوقت نفسه بحاجة إلى التوجيه والإرشاد. يجب على الآباء أن يكونوا مرنين في كيفية تقديم الدعم والمشورة لهم.
- احترام الخصوصية فيما يتعلق بالحياة الشخصية، والتوجهات الرقمية، لأن جيل Z يقدر الخصوصية لذلك، يجب على الآباء من جيل الألفية تحقيق التوازن بين الإشراف الأبوي ومساحة الأبناء الخاصة.
- المشاركة في ممارسة الأنشطة التي يحبها ويقبل عليها أبناء الجيل Z، مثل الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة الأفلام، فمن شأن ذلك أن يخلق روابط قوية ويحقق التواصل الفعال بين الجيلين، الأمر الذي يمهد لتحقيق التناغم مع آبائهم في ما بعد.
- التعليم والتوجيه، يجب توجيه أبناء جيل Z بشأن اتخاذ قرارات حياتية مهمة، مثل اختيار مسارهم المهني أو بشأن التعامل مع الضغوط الاجتماعية، ويجب أن يتم ذلك بمرونة وذكاء عاطفي وليس بالإجبار.
- الاهتمام بالصحة النفسية لأبناء الجيل Z أكثر وعيًا بها، لذا يجب توفير بيئة الدعم النفسي لهم باستمرار.
ماذا لو حدث الصدام بين الجيلين جيل الألفية وجيل Z؟
إن جيل الألفية وجيل Z كما ذكرنا يختلفان في طريقة التفاعل مع التكنولوجيا والمجتمع، وكذلك في القيم والتوجهات المهنية والشخصية. جيل الألفية يميل إلى التركيز على النمو الشخصي والبحث عن توازن الحياة، بينما جيل Z يتسم بالواقعية والوعي الاجتماعي، ويبحث عن الاستقرار المالي والمهني في عالم سريع التغير. وفي ظل هذه الاختلافات تزيد فرص حدوث الصدام، ولذلك يجب على الآباء عدم الاستهانة بالأمر، وضرورة استشارة المختصين الأسريين والنفسيين للتغلب على الصراع البيئي والنفسي الذي قد يحول دون استقرار نفسية أبناء الجيل Z، ودون معالجة التوتر الدائم الذي يعاني من الآباء من جيل الألفية Y.
مع تمنياتي لأبناء الجيل Z بتحقيق كل الطموحات والأماني، وجيل الألفية بهدوء وراحة البال،،،