قبل انطلاق أولمبياد باريس 24 تعرفي على دور الرياضة في تطوير الذات
نعيش حاليا في صيف رياضي بامتياز، مع استمرار المنافسات الرياضية العالمية مثل بطولة أمريكا الجنوبية وبطولة الأمم الأوروبية بكرة القدم، وكذلك بطولة ويمبلدون للتنس، وما تلبث أن تنتهي هذه المنافسات حتى تنطلق البطولة المنتظر، "أولمبياد باريس 2024"، ومع هذا الكم الهائل من الأدرنالين، اعملي أنه الفوائد من ممارسة أي رياضة لا تقتصر على تحسين الجوانب البدنية فقط، أو الحصول على بعض المدح والثناء بعد الفوز ببطولة أو مركز مهم في أحد الألعاب الرياضية، حيث تساعد الرياضة الفرد أكثر بكثير مما تساعده في الجوانب البدنية وحدها، فالرياضة لها دور كبير في تطوير الذات، حيث تساعد الشخص على بناء الشخصية ولها دور كبير في تعليم وتطوير التفكير الاستراتيجي والتفكير التحليلي وتعمل على اكتساب الشخص مهارات القيادة وتحديد الأهداف والمخاطرة.
فوائد ممارسة الرياضة
الرياضة ليست مجرد نشاط ترفيهي يمارسه الفرد سواء بشكل فردي أو جماعي، حيث يذهب البعض إلى أن الرياضة تعتبر بمثابة منصة للأفراد لعرض مهاراتهم، والتنافس، والتواصل مع الآخرين الذين يحملون نفس الاهتمامات، فضلا عن ذلك فإن الرياضة لها دور كبير تطوير الذات من خلال اكساب الشخص الصفات الأساسية مثل الانضباط والمثابرة والعمل الجماعي والقيادة، وهناك العديد من الفوائد لممارسة الرياضة منها:
- تعمل الرياضة على التخلص من الضغوط النفسية والتوتر بطريقة صحية ومنضبطة.
- تحسن ممارسة الرياضة من أنماط النوم وخفض مستويات القلق لدى الاشخاص.
- تساهم الرياضة بشكل كبير في تطوير المهارات الحركية والاتصال بين العقل والجسم.
- تقلل ممارسة الرياضة من اصابة الشخص بالاكتئاب.
- تقي ممارسة الرياضة من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض الجسدية.
- اكساب الاشخاص عددا من المهارات الحياتية، حيث تساعد الرياضة الطلاب على الدراسة بشكل أفضل، وتعمل على تحسين مستوى التركيز، وحل المشكلات، والذاكرة.
دور الرياضة في تطوير الذات
لدى الرياضة تأثير كبير على الصحة العقلية، حيث أنها سبب رئيسي في افراز هرمون الإندورفين، او المعروف بأسم هرمونات "الشعور بالسعادة"، والذي يعمل على تخفيف حدة التوتر والقلق والاكتئاب، كما يساهم النشاط البدني المستمر لممارسة الرياضة في تحسين أنماط النوم وتعزيز الثقة بالنفس وتحسين الوظائف الإدراكية، وللرياضة أدوار هامة في تطوير الذات حيث تشمل:
- العمل بروح الفريق،من خلال التعاون مع أعضاء الفريق في الرياضات الجماعية لتحقيق هدف مشترك كعضو في فريق، وترك المصالح الشخصية جانبا، وبالتالي تعلم نكران الذات والبحث عن تحقيق المصلحة العامة.
- اكساب الشخص مهارات القيادة،وبالتالي يتمكن الشخص من تعلم أساليب ومهارات قيادة أشخاص مختلفين من جميع مناحي الحياة من اجل تحقيق هدف مشترك،حيث أن القائد الجيد هو الذي يقود الآخرين إلى النصر.
- اللعب النظيف، من المفاهيم الرياضية التي تنطوي على التعامل مع الخصوم بحيث لا تكون الخسارة عارًا،وعدم التباهي بعد الانتصار.
- المثابرة وعدم الاستسلام، حيث تعلم الرياضة السعي الدائم من أجل تحقيق المكسب وعدم الاستسلام لأي انكسار.
- زيادة التركيز حيث تعلمك الرياضة التركيز على الحاضر،وعدم النظر إلى أو الاستسلام إلى الماضي الذي لا علاقة له بالمستقبل.
- تنمية نقاط القوة والقدرات لديك، حيث تسعى ممارسة الرياضة إلى إدراك منطق نقاط القوة لديك والعمل على تنميتها وليس على نقاط قوة وقدرات خصمك.
- النجاح، والذي يعتبر النتيجة المباشرة للرضا الذاتي وإدراك نفسي أنك بذلت قصارى جهدك حتى تصبح أفضل ما يمكنك أن تصبح عليه.
- أساليب التخطيط، حيث تعلمك الرياضة التخطيط للمستقبل، ورؤية عواقب تصرفاتك، علاوة على تقييم الوضع بسرعة وضبط إيقاعه والتصرف وفقًا لذلك، بحيث أن تكون مرنًا ولا تحمل عقلية ثابتة، وتعمل دائما وفقا للمستجدات التي قد تطرأ على الظروف التي تعمل بها.
- الجدية والإخلاص، حيث تعلمك الرياضة عدم الاستخفاف بأي موقف أو إظهار عدم المبالاة، ويجب التعامل مع كل موقف بجدية وإخلاص.
- الملاحظة والتحليل، تحسن ممارسة الرياضة من قدراتك على الملاحظة والمهارات التحليلية.
دور الرياضة في تشكيل نفسية الطفل
الطفولة من المراحل العمرية الهامة في تشكيل نفسية الطفل وتطوير الذات، فهي لا تكتفي بتنمية وتطوير العقول والأجسام، بل تكتسب أهميتها في دورها الكبير من أجل اكتشاف الذات مبكرا، وتعتبر بمثابة محفز قوي لتنمية تلك المهارات الاجتماعية، وبعيدًا عن عالم المنافسة، فإن الرياضة تلعب دورا محوريا في تشكيل شخصية الأطفال، من خلالتعزيز قدراتهم المعرفية والعمل على تحقيق النمو الاجتماعي والعاطفي.
تساهم ممارسة الرياضة في انخفاض معدلات التسرب من المدارس، ورفع الأداء الأكاديمي بشكل عام، وتحقيق درجات اختبار أعلى بنسبة تصل إلى 40% من نظرائهم، وزيادة فرص الالتحاق بالجامعة، وتمتد مستويات التحصيل المتزايدة التي تأتي مع نمو الطفل من خلال الرياضة إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تشير بعض الأبحاث إلى أن الطلاب الرياضيين السابقين أكثر إنتاجية في العمل ويحصلون على دخل سنوي أعلى بنسبة 7% إلى 8% من أولئك الذين لم يشاركوا في الرياضات الشبابية.
وبالتالي فيمكن ملاحظة أن تأثير الرياضة على نمو الطفل يكون على مستوى بعيد المدى وعميق، وخلال السطور التالية سنتعرف على دور الرياضة في تشكيل نفسية الطفل.
التنمية البدنية
يمكن للأطفال تعزيز مهاراتهم البدنية والمشاركة في التمارين الديناميكية من خلال الرياضة، حيث تساعد رياضات الجري أو القفز أو السباحة، على تطوير واكتساب عضلات قوية وصقل مهاراتهم الحركية، علاوة على أنها تحسن من صحة القلب والأوعية الدموية، والمشاركة الرياضية المنتظمة منذ سن مبكرة تعمل على تطوير أنماط الحياة النشطة التي يمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ، كما تساعد الرياضة الشباب في مكافحة أنماط الحياة غير الصحية والسمنة والظروف الصحية ذات الصلة، الأمر الذي يكسب الشخص جانب المحافظة على حياته مدى الحياة.
النمو المعرفي
يتحسن التطور المعرفي لدى الأطفال بشكل كبير من خلال المشاركة في الألعاب الرياضية، حيث تؤدي التمارين الرياضية لإنتاج هرمون الإندورفين وهو المسئول عن تعزيز الأداء المعرفي وتطوير وظائف المخ، ويساعد الأطفال على تطوير مهارات اتخاذ القرار واكسابهم المرونة وقدراتهم على حل المشكلات من خلال ألعاب القوى، كما تعمل الرياضة على تحسين قدرتهم على التركيز والانتباه والاحتفاظ بالمعلومات.
ونجد أن الرياضات الجماعية تعمل على تعزيز التواصل الناجح من خلال تعليم الأطفال كيفية التعبير بشكل فعال عن مشاعرهم وأفكارهم،وهي المهارات المعرفية المكتسبة عن طريق ألعاب القوى،والتي يكون لها تأثير كبير على معدل التحصيل الأكاديمي ومختلف جوانب الحياة، فالأطفال الذين يمارسون الرياضة منذ الطفولة يكون أداؤهم أفضل في المدرسة ولديهم مواقف أكثر إيجابيةـ علاوة على زيادة فرص النجاح لديهم خارج الفصول الدراسية.
التنمية الاجتماعية والعاطفية
توفر الرياضة للأطفال بيئة مناسبة للتعلم والنمو والحصول على العديد من المزايا الاجتماعية والعاطفية، حيث يميل الاطفال خلال الألعاب الجماعية إلى ثقل مهاراتهم الاجتماعية، بما في ذلك حل النزاعات والتعاون مع باقي اعضاء الفريق، لتحقيق الأهداف المشتركة، كما يتعلم الأطفال مهارات أخرى مثل القدرة على التحمل والقيادة والروح الرياضية، وتتيح ممارسة الرياضة للأطفال بناء احترام الذات والثقة بالنفس والتحلي بصورة الجسم الإيجابية، وكلها أمور تفيد صحتهم العقلية بشكل عام.
الأطفالمثل البالغين يتعرضون لقدر كبير من التوتر، وهو ما قد يؤدي إلى اصابة الأطفال بخطر الإصابة باضطرابات القلق، وتؤدي ممارسة الرياضة بشكل منتظم إلى السيطرة على هذا التوتر، من خلال تحفيز مناطق الدماغ التي تولد المواد الكيميائية التي تساعد على الشعور بالسعادة والمعروفة باسم الناقلات العصبية، حيث تساعد التمارين الرياضية على تجنب الأصابة بالتوتر والقلق.
العادات الصحية ونمط الحياة
يتعلم الأطفال منذ الصغر قيمة ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي والنوم الكافي من خلال الرياضة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على كيفية اتخاذ قراراتهم، كما يتعلمون أشياء أخرى مثل تقنيات إدارة الوقت والشعور بالمسؤولية من خلال الرياضة بسبب التفاني والانضباط اللازمين.
قدرات تعبيرية
تؤثر الرياضة بشكل كبير على نمو الطفل، الأمر الذي يتجاوز حدود اللياقة البدنية، حيث أن الأطفال الذين يمارسون الرياضة منذ سن مبكرة يكتسبون عادات صحية وأساسا لأسلوب حياة نشط يمكن أن يفيدهم طوال حياتهم، حيث يعزز النشاط البدني المنتظم واللياقة البدنية من القدرات المعرفية والأداء الأكاديمي والرفاهية بشكل عام، ويتعلم الأطفال قيمة التعاون والتعاطف واحترام الآخرين، علاوة على تعلم كيفية الاحتفال بالانتصارات، والتعامل مع النكسات بنعمة وتصميم.
ويجب علينا كآباء ومعلمين ومجتمع، إدراك القوة التي تتمتع بها الرياضة في رعاية عقول وأجساد الأطفال، وبالتالي يجب علينا تشجيع ودعم مشاركة الأطفال في الألعاب الرياضية، حتى نمكنهم من النمو ليصبحوا أفرادًا واثقين من أنفسهم ومتمكنين وقادرين على التغلب على التحديات وتحقيق النجاح.