انقطاع الطمث الطبي .. كيف يكون شعور المرأة به
لا شك في أن مرحلة انقطاع الطمث، هي واحدةٌ من المراحل الصعبة التي تمرَ بها المرأة بشكل عام؛ وإن اختلفت مدتها وأعراضها بين سيدة وأخرى. ويحصل انقطاع الطمث أو انقطاع الدورة الشهرية عادةً، بين 40 – 50 عامًا؛ لكن بعض النساء قد يشهدن انقطاعًا مبكرًا للطمث قبل هذ السن، لاعتبارات جينية أو بسبب عوامل مرضية مثل الإصابة بالسرطان.
وفي هذه الحالة، تصبح التسمية "انقطاع الطمث الطبي" أو "انقطاع الطمث المستحث"؛ ويحدث انقطاع الطمث المستحث طبيًا عندما تتسبب العلاجات الطبية، مثل العلاج الكيميائي أو الجراحة، في توقف المبيضين عن العمل قبل حدوث انقطاع الدورة الشهرية بصورة طبيعية. ويحدث هذا النوع من الإنقطاع وعدم نزول الدورة الشهرية مطلقًا، بشكل أسرع بكثير من انقطاع الطمث الطبيعي؛ وغالبًا ما يُسبَب أعراضًا أو تداعيات أكثر خطورة. كما يمكن لهذه التأثيرات أن تكون مؤقتةً أو دائمة، بالاعتماد على العلاج ومدى الضرر الذي لحق بالمبيضين.
في تقرير اليوم، نلقي الضوء معًا على أسباب انقطاع الطمث الطبي؛ أعراضه، وكيفية التخفيف من حدته وفق معلومات نشرها موقع Verywell Health وضمن مقالة بعنوان What Does Medical Menopause Feel Like?
البداية مع أسباب انقطاع الطمث الطبي..
كما أسلفنا، فانقطاع الطمث هو عملية حيوية طبيعية تحدث في عمر معين؛ لكن انقطاع الطمث الطبي أو المُستحث، قد يداهم حياة المرأة في عمر أبكر جراء العديد من الإجراءات والعلاجات.
ويحدث انقطاع الطمث الطبي، عندما تتم عملية إزالة المبيضين جراحيًا (استئصال المبيض) أو بعد استئصال الرحم الجذري (إزالة الرحم والأربطة المحيطة بالرحم والثلث العلوي من المهبل). ويتم اللجوء لهذه الإجراءات لأسباب مختلفة منها:
-
علاج سرطان المبيض
كإجراء وقائي للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بسرطان المبيض والثدي، بسبب وجود طفرات جينية BRCA1 أو BRCA2.
-
علاج سرطان الرحم (بطانة الرحم)
في بعض الأحيان، يلجأ الأطباء لهذه العملية بغيةعلاج التهاب بطانة الرحم. ومع عدم وجود المبيضين أو الرحم، لا تعود المرأة قادرةً على الإنجاب نتيجة انتفاء عملية إنتاج هرمون الاستروجين. مع الإشارة إلى أن انقطاع الطمث الطبي فوري ودائم؛ وغالبًا ما يكون أكثر حدةً من جهة الأعراض، من انقطاع الطمث الطبيعي بسبب التغيير المفاجئ في الجسم.
-
التعرض للإشعاع
يمكن أن يؤدي العلاج الإشعاعي لمنطقة الحوض، والذي يوصف عادةًلعلاج السرطانات التي تحدث في تلك المنطقة (مثل سرطان المبيض أو القولون والمستقيم أو الرحم)، إلى إتلاف المبيضين. هذا الضرر يمكن أن يُسبًب انخفاضًا مفاجئًا في مستويات الهرمون، ما يؤدي إلى انقطاع الطمث (توقف الدورة الشهرية) والذي يمكن أن يكون مؤقتًا أو دائمًا.
قد تقل احتمالات استعادة الخصوبة عند المرأةجراء عوامل معينة؛ مثل التقدم بالسن، العلاج الإشعاعي بالقرب من المبيضين، أو التعرض لجرعة إجمالية عالية من الإشعاع. وقد يؤثر تشعيع الحوض أيضًا على وظيفة الرحم، ويساهم في فقدان الخصوبة.
-
العلاج الكيميائي
يعمل العلاج الكيميائي على تدمير الخلايا السرطانية سريعة الانقسام. ونظرًا لأن المبيضين يحتويان على خلايا سريعة الانقسام، فإنهما يتأثران أيضًا بالعلاج الكيميائي. ويتم اللجوء عادةً للعلاج الكيميائي في حالات سرطان الثدي، حيث تشهد المرأة المصابة بهذا المرض انقطاعًا مبكرًا للطمث جراء الخضوع لجلسات متعددة من هذا العلاج. واعتمادًا على عمر المريضة وأنواع الأدوية التي تتلقاها وجرعاتها، قد يتعافى أو لا يتعافى المبيضان من هذا الضرر.
من الصعب معرفة ما إذا كانت الدورة الشهرية ستتوقف مؤقتًا أثناء العلاج الكيميائي أم للأبد، وليس من الممكن التنبؤ بمدى سرعة معرفة الإجابة. لذا يقوم مُقدَمو الرعاية الصحية الخاصةبكل سيدة، بإجراء اختبارات الدم بشكل دوري،للتحقق من مستويات الهرمونات لديهنَ.
إذا كانت المرأة في أواخر الأربعينيات من عمرها، في الوقت الذي تخضع فيه للعلاج الكيميائي؛ فقد ينقلها انقطاع الطمث الطبي إلى مرحلة ما بعد انقطاع الطمث دون عودةللدورة الشهرية. أما في حال كان عمر المرأة 30 عامًا أو أقل في وقت العلاج، فقد تستأنف الدورة الشهرية العودة من جديد،لتعاني المريضة من انقطاع الطمث الطبيعي في المستقبل.
-
العلاج بالهرمونات
يُعرف استخدام الأدوية لإغلاق المبيض مؤقتًا من أجل قمع إنتاج هرمون الاستروجين، بعلاج تثبيط المبيض؛ ويتم استخدامه كعلاج لسرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الهرمون.
الأدوية التي تغلق المبايض مؤقتًا تشملZoladex (goserelin) وLupron (leuprolide). كلاهما يخدمان كمُنبَهات للهرمون (LHRH)، ويعملان عن طريق إخبار الدماغ بإيقاف المبيضين عن إنتاج هرمون الاستروجين. ويتم غالبًا إعطاء الأدوية على شكل حقن مرة واحدة في الشهر، على مدار عدة أشهر أو كل بضعة أشهر.
وبمجرد إيقاف الدواء، عادة ما يبدأ المبيضان في العمل مرة أخرى. يمكن أن يختلف الوقت الذي يستغرقه المبيض للتعافي من شخص لآخر؛ لذا وكلما كانت المرأة أصغر سنًا، زادت احتمالية عودة مستويات الإستروجين والمبيضين لديها.
أعراض انقطاع الطمث الطبي
بعدما علمنا أسباب حدوث انقطاع الطمث الطبي، نحتاج للتعرف كذلك الأمر على أعراضه؛ والتي تتشابه إلى حد كبير بأعراض انقطاع الطمث الطبيعي الذي تعرفه كل سيدة في منتصف العمر.
لكن في الحالة الأولى، قد تظهر الأعراض بشكل مفاجئ أكثر مما قد يحدث مع انتقال طبيعي تدريجي أكثر. وتميل هذه الأعراض أيضًا إلى أن تكون أكثر شدةً، مما لو تم الوصول إلى سن اليأس بشكل طبيعي.
وتشمل أعراض انقطاع الطمث الطبي التالي:
- الهبات الساخنة.
- جفاف المهبل.
- التهابات المهبل أو المثانة.
- التعرق الليلي.
- تغير أو فتور الرغبة الجنسية.
- حدوث مشاكل في الذاكرة.
- تغيرات المزاج والأرق.
- العقم.
- زيادة الوزن.
- أوجاع وآلام متفرقة في الجسم.
- الصداع.
- تغيرات في الجلد والشعر.
المشكلة الأخرى التي قد تعانيها النساء جراء انقطاع الطمث الطبي، هي هشاشة العظام؛ حيث تضعف دورة نمو العظام وتجدَدها بسبب انخفاض مستويات هرمون الاستروجين. ليتم عندها تكسيرٌ هائل العظام، في مقابل بناء قليل؛ وهوما قد يؤدي إلى ضعف العظام، وبالنسبة لبعض النساء، هشاشة العظام.
كما ارتبط انخفاض مستويات هرمون الاستروجين، بتغيرات عوامل الخطر القلبية الوعائية التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
تؤدي إزالة المبيضين إلى خفض مستويات الهرمون بين ليلة وضحاها. وبالنسبة للأشخاص الأصغر سنًا، يمكن أن تكون أعراض انقطاع الطمث بعد هذه الجراحة، شديدةً بشكل خاص.
كيفية إدارة انقطاع الطمث الطبي
لكل مشكلة حل، ومشكلة انقطاع الطمث الطبي وعلى الرغم من سوداوية تداعياتها؛ إلا أن هناك حلول وعلاجات لها، يقدمها الطبيب المختص حسب كل حالة وبما يلائم كل سيدة.
لكن بالإجمال، تتضمن علاجات انقطاع الطمث الطبي ما يلي:
- العلاج بالهرمونات البديلة (HRT): يمكن تناول العلاج التعويضي بالهرمونات عن طريق الفم أو عن طريق لصقة، أو وضعها في المهبل عن طريق كريم؛ للمساعدة في علاج الجفاف. إنما لا يُنصح باستخدام العلاج التعويضي بالهرمونات للأشخاص الذين عانوا من سرطان الثدي، لأنه يرتبط بزيادة خطر تكرار المرض.
- الأدوية غير الهرمونية: قد تساعد بعض مضادات الاكتئاب (مثل فينلافاكسين، وسيتالوبرام، وإسيتالوبرام، وباروكسيتين)، ومضادات الاختلاج (جابابنتين)، والأدوية الخافضة للضغط (كلونيدين) في علاج الهبات الساخنة؛ بالإضافة إلى الاكتئاب الكامن واضطرابات المزاج.
- المرطبات المهبلية: وهي مواد يمكن استخدامها دون وصفة طبية؛ يمكن أن تساعد في علاج جفاف المهبل.
- المكملات العشبية: تم استخدام مستخلصات الايسوفلافون والكوهوش الأسود والبرسيم الأحمر وحبوب اللقاح، على نطاق واسع لتحسين المزاج ونوعية النوم وتخفيف الهبات الساخنة والتعرق الليلي.
- العلاجات التكميلية والبديلة: قد يساعد الوخز بالإبر، أو العلاج السلوكي المعرفي، أو تقليل التوتر القائم على اليقظة الذهنية، أو التنويم المغناطيسي؛ في علاج الهبات الساخنة، والأرق، والتهيج.
- تغيير نمط الحياة: يمكن أن يساعد اتباع نظام غذائي صحي وبرنامج التمارين الرياضية في التحكم في زيادة الوزن والتقليل من التوتر.
خلاصة القول، يمكن أن يكون انقطاع الطمث أمرًا صعبًا عندما يحدث بشكل طبيعي؛ ولكن عندما يتم حثه طبيًا، فقد يكون الأمر أكثر حدةً. على الصعيد العاطفي، قد يستغرق الأمربعض الوقتللتعود عليه، خاصة إذا كان مفاجئًا. لكن هناك مجموعةٌ متنوعة من العلاجات المتاحة دون وصفة طبية، والتي يمكن أن تساعد في علاج الأعراض.
لذا تحدثي عزيزتيإلى الطبيب الخاص بكِ، حول كافة الخيارات المحتملة في حال عانيتِ أو قد تعاني من انقطاع الطمث الطبي لوجود مشكلة صحية لديكِ. وذلك لتخفيف حدة أعراض هذه المشكلة، والتنعم بحياة أقل توترًا وشدة.