النجاح والإنجاز عنوانهنَ .. إماراتيات لمعنَ في عالم الطب بمناسبة عيد الاتحاد
إذا أردتَ أن ترى أمةً أو دولةً ناجحة، فانظر إلى طلبتها وأساتذتها ومهندسيها وأطبائها؛ فهم الأساس الذي تقوم عليه الدول في مجالات التعلم والعمران والرعاية الصحية.
وقد نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى مرَ 52 عامًا منذ توحيد إماراتها السبع في العام 1971 تحت لواء دولة واحدة؛ في خوض تحديات التطور التي تُثبت قدرة القوي والمثابر على النجاح، في مقابل عجز الضعيف والمتخاذل عن الوصول لأهدافه. لتصبح الإمارات اليوم في مقدمة الدول المتطورة في كافة المجالات تقريبًا، وعلى رأسها المجال الطبي والصحي.
وكما أهمية دور الرجل في هذا القطاع؛ كذلك أثبتت المرأة الإماراتية أنها شريكٌ كفء، وأن دخولها عالم الطب ومساهماتها العديدة في الصحة والرعاية الصحية، لم تحدَه الفكرة النمطية التي سادت لقرون، والتي تُحجَم المرأة ضمن أدوار بسيطة تتمثل في الزواج والحمل والإنجاب ورعاية الأطفال، وإن كانت هذه الأدوار ساميةً ولا تشوبها شائبة.
اليوم، نشهد في القطاع الصحي المتطور بشدة في الإمارات؛ أسماءً لسيدات وفتيات إماراتيات، أثبتنَ بما لا يقطع الشك، قدرةً فائقة ومواهب فريدة في التعلم والوصول لمراتب عليا في هذا المجال، ليطبعنَ بصمتهنَ الأنثوية الناعمة والقوية في آن معًا، بكل جدارة.
فلنتعرف سويًا على بعض أشهر الطبيبات الإماراتيات اللاتي تجاوزت شهرتهنَ وإنجازاتهنَ حدود الوطن؛ فرفعنَ لواء دولة الإماراتيات في كافة أصقاع العالم وضمن مجالات طبية وصحية متعددة.
طبيبات إماراتيات: بصمات استثنائية لمواكبة تطور القطاع الصحي
مع تطور القطاع الطبي والصحي، ودخول العديد من التكنولوجيات المتطورة إليه مثل استخدام الروبوت والذكاء الاصطناعي وغيرها؛ نجد أن المرأة الإماراتية مواكبةً لهذا التطور، حتى ضمن المجالات الطبية النادرة والمعقدة.
وبحسب "مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية"، فإن الإماراتيات أثبتنَ حضورًا مهنيًا لافتًا وقويًا في إحدات تحولات إيجابية كبيرة في مجال الرعاية الصحية؛ وظهرت جدارتهنَ في كافة تخصصاتهنَ خاصةً الصعبة والحديثة مثل الجراحات الروبوتية وطب الجنين والجينوم الإماراتي وغيرها. كما تشارك المرأة الإماراتية في وضع استراتيجيات قوية وداعمة لتطوير المؤسسات الصحية ودفعها نحو مزيد من النجاح والتقدم في كافة المجالات الطبية.
طبيبات إماراتيات سفيرات الوطن إلى العالم
بدايةً، نتحدث عن الدكتورة منى عبيد العيان؛ طبيبة الأورام السرطانية واستشارية جراحة الثدي ومديرة مستشفى صقر في إمارة رأس الخيمة، والتي حازت جائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز عن فئة وسام رئيس مجلس الوزراء لأفضل طبيبة لعام 2022. وتُعدَ الدكتورة منى أحد النماذج المُشرفة للطبيبات الإماراتيات، اللاتي عشقنَ مهنة الطب وخدمة الناس، فعملت على خوض تحدياته بلا هوادة.
جاءت الدكتورة منى ضمن قائمة المتميزين في الدفعة الأولى للبرنامج الوطني لتخصص الجراحة؛ كما تقدمت إلى برنامج الزمالة الأول على مستوى الدولة في جراحة أورام الثدي، الذي تمَ اعتماده من جامعة الإمارات، لتكون أول طالبة تتخرج بامتياز في هذا المجال.
من جهتها، حققت الدكتورة لمياء الزعابي؛ مديرة مستشفى كلباء التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، إنجازاتٍ كبيرة منذ تخرجها في جامعة الإمارات كلية الطب والعلوم الصحية في 2003. وحرصت طوال السنوات الماضية، على مواكبة التطور المهني وخوض تحدياته؛ فنجحت في الحصول على البورد العربي لطب الأشعة في 2012 من المجلس العربي للاختصاصات الصحية، حيث كانت أول طبيبة إماراتية تحصل على هذه الشهادة. كما حصلت على الجانب النظري من شهادة الزمالة البريطانية لطب الأشعة.
للزعابي العديد من الإنجازات التي تستحق المشاركة والإضاءة عليها؛ أبرزها مساهمتها في حصول المستشفى على الاعتماد الدولي الصحي في 2019، والاعتماد المتعلق بالمستشفى صديق الأم والطفل في 2019، إلى جانب حصول خدمات التغذية على جائزةISOلجودة فصيلة الدم. كذلك عملت الزعابي على إنشاء مركز اتصال خاص بالمستشفى، ما أسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمتعاملين من خلال تحديث منظومة المواعيد وتنظيم العيادات الخارجية في المستشفى؛ كما أسهمت وبنجاح في تنفيذ عدة مشاريع لتعزيز الاستدامة وترشيد الاستهلاك في المستشفى.
عندما نتحدث عن إنجازات الطبيبة الإماراتية في مجالات الطب والرعاية الصحية، خاصةً رعاية النساء والإمهات في دولة الإمارات؛ فإن إسم الدكتورة منى عبد العزيز كشواني يلمع كالذهب في هذا المجال. وتُعدَ الدكتورة كشواني، وهي أخصائية أمراض نساء وولادة في مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، من الطبيبات الإماراتيات المميزات، بعد نجاحها في أن تصبح أول طبيبةٍ إماراتية تمارس جراحة الروبوت على مستوى الإمارات بترخيص من جهة معتمدة. حيث تُجري كشواني جراحات استئصال الرحم الكلي، واستئصال الرحم فوق عنق الرحم، واستئصال الأورام الليفية، وإزالة أكياس المبيض، وإزالة الالتصاقات لعلاج آلام البطن والحوض، إضافة إلى جراحات ارتخاء وهبوط الرحم نتيجة الولادات المتكررة.
كشواني الحاصلة في العام 2022 على شهادة الترخيص لمزاولة جراحات الروبوت النسائية على جهاز الروبوت الجراحي "دافنشي" من مركز التدريب "أركاد بستراسبورج" في فرنسا؛ هي واحدةٌ من المواطنين القلائل الذين يقومون بإجراء هذا النوع من العمليات عالية الدقة للمرضى، بواسطة الروبوت.
في مجال موازٍ لطب المرأة، نجحت الدكتورة إيمان راشد ديماس السويدي، في أن تصبح أول طبيبة إماراتية متخصصة في طب الجنين وصحة الأم في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية. وتُعتبر الدكتورة إيمان إحدى الكفاءات الإماراتية المتميزة، سواء بشغفها لممارسة مهنة الطب، أو لاهتمامها بكافة التفاصيل المتعلقة بصحة الأم والمرأة الحامل والجنين. حصلت السويدي على درجة الماجستير في طب الجنين في العام 2010، كما اكملت برنامج الزمالة في طب الجنين وصحة الأم عام 2013 في مستشفى جامعة كلية لندن التعليمي قسم إليزابيث غاريث اندرسون، فضلًا عن إنهاء التدريب الإكلينيكي في مجال طب الجنين والحمل مرتفع الخطورة، في مستشفى جامعة كلية لندن قبل عودتها إلى الإمارات لتوظيف كافة ما تعلمته على أرض الوطن.لتبدأ السويدي مسيرتها العملية بعد انضمامها إلى مستشفى القاسمي للنساء والأولاد والأطفال التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، حيث تحلم بمواصلة طموحها بإنشاء مركز وطني لأبحاث وعلوم طب الجنين في الإمارات.
بدورها، جهدت حياة الحوسني؛ وهي قابلة قانونية تتولى رئاسة التمريض في قسم الولادة بمستشفى الفجيرة التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، للتخصص في مجال القبالة الضروري لضمان سلامة الأم والجنين أثناء عملية الولادة. ولم يمنعها حصولها على دبلوم العلوم التمريضية من معهد الفجيرة، والبكالوريوس من جامعة الشارقة، من مواصلة مساعيها نحو تحقيق شغفها بمساعدة الحوامل والأمهات حديثات الولادة.
لم تتوقف طموحات الحوسني عند هذا الأمر، بل سعت وبجدَ لإكمال مسيرتها العلمية والحصول على شهادة الدبلوم التخصصي في القبالة بامتياز من معهد عُمان للتمريض التخصصي. وهي الآن تعمل في مستشفى الفجيرة لمساعدة الأمهات والحوامل. وتشجع الحوسني غيرها من المواطنات الإماراتيات لدراسة هذا التخصص، خاصةً في ظل الدعم الكبير الذي تقدمة القيادة الرشيدة للبلاد في هذا القطاع الحيوي والمهم.
أما الدكتورة أميرة الخاجة، مديرة الرعاية الصحية الأولية في الشارقة وأخصائية طب الأسرة؛ فهي واحدةٌ من الطبيبات الإماراتيات الرائدات في مجال الرعاية الطبية والصحية في الدولة. وقد استمدت حسها الإنساني العالي ورغبتها في مساعدة من يحتاج العون في الإمارات، من الموروث الإماراتي الأصيل الذي يدعو لحب الخير والسعي لتعزيز حياة ورفاه الآخرين.
تخرجت الخاجة من جامعة الإمارات بالعين بتميز في العام 2007، حيث اختارت دراسة تخصص طب الأسرة الذي تصفه الخاجة بـ "الحيوي، ذي البعد الإنساني والأسري، نظرًا لدوره في تجسير العلاقة بين الطبيب ومرضاه". ومن حينه، حفلت مسيرة الخاجة بالعديد من الإنجازات والنجاحات؛ فبعد حصولها على البورد الإماراتي في العام 2010، عملت نائبةً لمدير مركز صحي في بدع زايد، ثم في الراشدية في مركز مزهر الصحي. قبل أن تتسلم مهامها كطبيبة وقيادية من خلال إدارة الرعاية الصحية الأولية في الشارقة وإشرافها على 25 مركزًا للرعاية الصحية الأولية، منها مركزان للأسنان، ومركز لتعزيز صحة الأسرة، لتثبت قدرة المرأة الإماراتية وتفوقها في مجالات عملها المختلفة.
أسماء إماراتيات لامعات في مجال الطب والرعاية الصحية
هناك العديد من الأسماء الأخرى لطبيبات إماراتيات، أثبتنَ أن لا مستحيل في قاموس من يكرَس نفسه وحياته وجهده لخدمة الناس. وأن المرأة قادرةٌ على تبوأ أعلى المراكز وأشدها حدةً وحاجةً للعمل والتفاني في مجال الرعاية الصحية.
منهنَ الدكتورة فاطمة الخميري، وهي طبيبة شرعية ومديرة إدارة الطب الشرعي. وتعدَالخميريأول امرأةٍ إماراتية تتولى إدارة الطب الشرعي والمختبر في وزارة العدل الإماراتية؛وفي عام 2002، التحقت فاطمة الخميري ببرنامج تدريبي مع شرطة دبي، لتصرَ لاحقًا على السماح لها بنيل درجة الماجستير في مجال الطب الشرعي من المملكة المتحدة، إلى جانب وظيفتها في شرطة دبي. بعدها، عُيَنت الخميري في إدارة الأدلة الجنائية وعلم الجريمة في شرطة دبي، قبيل أن تنتقل للعمل في إدارة الطب الشرعي والمختبر، وتخدم حاليًا في دار القضاء بالشارقة بعدما حازت شهادة الدراسات العليا من المجلس الألماني للطب الشرعي.
في المجال العسكري أيضًا، لا يمكننا أن نغفل عن العميد الدكتورة أسماء سلطان المغيري؛ التي تُعتبر رائدة العمل النسائي في القوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة. فقد كانت الدكتورة أسماء أول امرأة إماراتية تنضم للقوات المسلحة في سبعينيات القرن الماضي. وجمعت في سجل خبراتها ومؤهلاتها، مزيجًا فريدًا وفائق الأهمية، كونه يجمع بين الطب والخدمة العسكرية، وهو ما أدى إلى توظيف مهاراتها في مجال توفير الرعاية الصحية لحماة الوطن.وامتازت الدكتورة أسماء بإنجازاتعدة خلال خدمتها العسكرية التي امتدت لأكثر من 32 عامًا في مجال الطب العسكري.
من الأسماء الإماراتية الأخرى التي زُينت بحروف من ذهب في المجال الطبي، نذكر أيضًا الدكتورة زينب كاظم؛ أول طبيبة إماراتية متخصصة في أمراض النساء والولادة، كرمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في الدورة الثانية لأوائل الإمارات عام2015، ضمن 44 شخصية وطنية لإنجازاتهم ومبادراتهم المتميزة في خدمة الوطن.
إضافةً للدكتورة غدير جابر، وهي استشارية جراحة الأطفال وأول جرّاحة أطفال إماراتية، وحاصلة على شهادة البورد الألماني في جراحة الأطفال.وتعمل الدكتورة غدير كاستشاريةٍلجراحة الأطفال في مستشفى لطيفة، حيث تُجري عملياتٍ جراحية دقيقة ومختلفة للأطفال من حديثي الولادة حتى سن 13 سنة، تشمل التشوهات الخلقية وأمراض الجهاز الهضمي والمسالك البولية والأورام.
لا يتوقف الحديث المسهب عن النساء الإماراتيات المبدعات في قطاع الطب والرعاية الصحية؛ فهناك العديد منهنَ، البارزات والناجحات في هذا المجال، ممن يعملنَ بصمت وكفاح كبيرين للوصول بالصحة ورفاهية الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة لكافة المواطنين والمقيمين على هذه الأرض، إلى مصافٍ عالية من الجودة والرقيَ.