بمناسبة أسبوع التحصين العالمي: حصَنوا أنفسكم وأطفالكم من الأمراض بأخذ اللقاحات
ككل عام مثل هذا الوقت، يتم تخصيص الأسبوع الأخير من شهر أبريل للتوعية والتشجيع على أخذ اللقاحات الضرورية (أسبوع التحصين العالمي)، لدرء مخاطر الأمراض عن صحة الإنسان وخصوصًا صغار السن.
والتطعيم لأخذ اللقاحات،هو طريقةٌ بسيطة ومأمونة وفعالة لحماية الأفراد من الأمراض الضارة قبل التعرض لها، بحسب ما جاء على موقع منظمة الصحة العالمية. ويستخدم التطعيم وسائل الدفاع الطبيعية للجسم لبناء القدرة على مقاومة أمراض مُحددة، فضلًا عن تقوية جهاز المناعة.يحدث ذلك عن طريق تدريب اللقاحات للجهاز المناعي لتكوين أضداد، تمامًا كما يحدث عندما يتعرض لمرضٍ ما. ولكن، نظرًا لأن اللقاحات تحتوي فقط على أشكالٍ ميتة أو ضعيفة من الجراثيم مثل الفيروسات أو البكتيريا، فإنها لا تُسبَب المرض ولا تعرضّ الإنسان لمخاطر مضاعفاته.
تُعطى غالبية اللقاحات عن طريق الحقن، في حين يُعطى البعض الآخر منها عن طريق الفم أو برشّها في الأنف. وعندما يتلقى المرء منا اللقاح، تكون هناك استجابةٌ من الجهاز المناعي تتمثل في الآتي:
- يتعرف جهاز المناعة على الجرثومة الغازية، مثل الفيروس أو البكتيريا.
- يقوم الجهاز المناعي بإنتاج الأضداد،وهي عبارةٌ عن بروتينات ينتجها هذا الجهاز الحيوي في الجسموبشكلٍ طبيعي، لمكافحة المرض.
- يتذكر جهاز المناعة المرض وكيفية محاربته. ففي حال تعرضتِ للجرثومة في المستقبل، فسيكون بوسع جهازكِ المناعي تدميرها بسرعة قبل أن تشعري بالاعتلال.
بناءً على ما تقدم، فإن اللقاح يُعدَ وسيلةً آمنة وذكية لتوليد استجابة مناعية في الجسم، دون التسبب بالمرض. والجميل في الأمر، أن أجهزتنا المناعية تتمتع بقدرةٍ فائقة على التذكّر؛ فبمجرد أن نتعرض لجرعةٍ أو عدة جرعات من اللقاح، نظل محميين في الغالب من المرض لسنواتٍ أو عقود أو حتى مدى الحياة. وهذا ما يجعل اللقاحات فعالةً للغاية، إذ إنها تهدف أولًا إلى حمايتنا من المرض، قبل الحاجة للجوء إلى العلاج بعد الإصابة به.
اللقاحات أنقذت حياة الملايين خلال السنوات الماضية
في دراسةٍ نشرتها مجلة "ذي لانسيت" العلمية يوم الأربعاء الماضي وتحدث عنها موقع "العربية.نت"؛ أكدَت منظمة الصحة العالمية أن اللقاحات نجحت خلال السنوات الخمسين الماضية، في إنقاذ حياة ما لا يقل عن 154 مليون شخص، بمعدل ست أرواح في الدقيقة.وأظهرت الدراسة أن الغالبية الكبرى من الأرواح التي أُنقذت بفضل اللقاحات خلال هذه السنوات بلغت (101 مليون)،وهي أرواح أطفال رُضّع.
وأشارت المنظمة الأممية في بيان لها، أن هذه الأرقام قد تبقى "حذرة" نظرًا لكون الدراسة لا تشمل سوى اللقاحات التي تُعطى ضد 14 مرضًا، من بينها الخانوق والتهاب الكبد "ب" والسعال الديكي والحصبة والحمى الصفراء والكزاز. مشيرة إلى أن التطعيم ضد هذه الأمراض،أسهم مباشرةً في خفض معدل الوفيات بين الأطفال بنسبة 40% في العالم وأكثر من 50% في القارة الإفريقية وحدها.
وبحسب تيدروس أدهانوم غوتيريش، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية؛ فإن اللقاحات هي من أقوى الابتكارات في التاريخ، وقد أسهمت في تجنب العديد من الأمراض التي كنت تثير الخوف والرعب فيما مضى. بدورها، علَقت المديرة العامة لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كاترين راسل في البيان ذاته قائلةً إنه "بفضل التطعيم، تمكَن الأطفال من البقاء على قيد الحياة والنمو إلى ما بعد بلوغهم الخامسة، بأعدادٍ تفوق أي فترة سابقة من التاريخ."
وقال تيدروس: "بفضل اللقاحات، تمَ القضاء على مرض الجدري، وشلل الأطفال على وشك الاختفاء؛ وبفضل تطوير لقاحات مؤخرًا ضد أمراضٍ مثل الملاريا وسرطان عنق الرحم، ندفع حدود المرض أكثر وأكثر". لافتًا في الوقت ذاته إلى أهمية مواصلة الأبحاص والتعاون والاستثمارات في هذا المجال، بغية إنقاذ المزيد من ملايين الأرواح "اليوم وعلى مدى السنوات الخمسين المقبلة."
هذا وكشفت منظمة الصحة العالمية واليونيسف وتحالف "غافي" للقاحات ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، عن حملةٍ مشتركة أُطلق عليها إسم "ممكن إنسانيّاً"، لدعم جهود التطعيم. إلا أن هذه الجهود وغيرها، ما زالت للأسف تصطدم بمشاعر عداء تجاه اللقاحات، من قبل أشخاصٍ ومؤسساتٍ تؤمن بنظرية المؤامرة؛ وقد ساعدت منصات التواصل الاجتماعي في تغذية هذا التفكير، خاصةً خلال جائحة كوفيد-19، حيث نتذكر مليًا الكثير من الحديث عن مؤامرة اللقاحات التي تمَ العمل عليها من قبل كُبرى شركات الأدوية واللقاحات في العالم، لحماية الناس من فيروس كورونا المستجد الذي حصد ملايين الوفيات والإصابات.
لقاح الحصبة هو الأفضل
من بين اللقاحات التي شملتها الدراسة، أظهر اللقاح ضد الحصبة أكبرٍ قدر من النتائج لجهة خفض معدل وفيات الأطفال؛ ويُمثَا هذا اللقاح وحده 60% من الأرواح التي تم إنقاذها، بحسب ما أورد موقع "العربية.نت". فيما رأت منظمة الصحة العالمية أن لقاح الحصبة "سيبقى على الأرجح في المستقبل، اللقاح الذي يساهم أكثر في منع الوفيات."
فيما يخص التطعيم ضد شلل الأطفال، فقد أشارت المنظمة إلى أن أكثر من 20 مليون شخص حول العالم، كانوا سيصابون بهذا المرض لو لم يحصلوا على اللقاح؛ وبمقدورهم اليوم المشي والتمتع بالحركة والحياة كما ينبغي.
دعواتٌ لإيصال اللقاحات إلى جميع أطفال العالم
النجاح والتقدم الذي أحرزته منظمة الصحة العالمية خلال السنوات الخمسين الماضية، لجهة توفير اللقاحات للرُضع وحمايتهم من الوفاة، تتطلب الإبقاء على هذه الجهود في السنوات القادمة. ومن الضروري بحسب المنظمة، إيصال اللقاحات إلى 67 مليون طفل لم يتلقوا لقاحًا أو أكثر خلال سنوات تفشي جائحة كوفيد-19 بسبب الحاجة لإغلاق بعض المرافق الصحية أو اللغط الذي ترافق مع عملها. وأبدت المنظمة خوفًا متزايدًا بشكلٍ خاص تجاه الحصبة، كون 33 مليون طفل لم يحصلوا على إحدى جرعتي اللقاح ضد هذا المرض من العام 2022؛ من ضمنهم 22 مليون طفل فوتوا الجرعة الأولى و11 مليونًا فوتوا الجرعة الثانية. مع الإشارة إلى أن لقاح الحصبة الذي يُعطى عادةً على جرعتين، نجح ومنذ العام 1974، في إنقاذ حوالي 94 شخص حول العالم.
ما يعني أن نسبة التحصين التي يجب أن تبلغ 95% أو أكثر، تراجعت بصورةٍ شديدة خلال سنوات الإغلاق بسبب الجائحة؛ ووصل معدل التحصين الحالي ضد الحصبة في العالم إلى 83% بالنسبة للجرعة الأولى، و74% بالنسبة للجرعة الثانية. هذه الأرقام تؤشر إلى خطورة تزايد عدد حالات الحصبة في العالم، وهو الأمر الذي تسعى منظمة الصحة العالمية لمنعه والعودة إلى سابق نسب التحصين العالية السابقة، والتي تُعدَ ضرورية لحماية المجتمعات من الأمراض.
اللقاحات للبالغين
بات مفهومًا للجميع الآن، أن اللقاحات تحمي من الأمراض المُعدية؛ ومع أن معظمها يُعطى للأطفال والرُضع في سنٍ صغيرة، لكن تجاوز مرحلة الطفولة لا يعني أن إهمال مسألة تلَقي اللقاح حتى بعد بلوغ سن الرشد والتقدم السن. فالبالغين يحتاجون أيضًا إلى بعض اللقاحات التي نتعرف عليها سويًا اليوم، كما جاء على موقع "مايو كلينك" المختص بالشؤون الطبية.
تُوصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بلقاحات للبالغين بناءً على السن واللقاحات السابقة والصحة وأسلوب الحياة والمهنة ووجهات السفر والنشاط الجنسي. وتبقى استشارة الطبيب المختص أفضل طريقةٍ لتحديد اللقاحات للبالغين والتي تشمل التالي:
- لقاح كوفيد-19: الذي يمكن أن يحمي من فيروس كورونا المستجد، سواء لجهة الإصابة به المعتدلة أو الشديدة.
- الإنفلونزا: لقاحٌ يحمي من مرض الإنفلونزا بنوعيه A و B؛ ويُوصي مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا لأي شخص يبلغ 6 أشهر أو أكثر. في حين يجب التنبه إلى عدم أخذ كبار السن ممن يبلغون 50 عامًا فما فوق للقاح الإنفلونزا الذي يؤخذ عبر بخاخ الأنف. إذ يمكن أن تُسبب الإنفلونزا مضاعفات خطيرة لدى كبار السن.
- التهاب الكبد ب: بدوره، ينصح مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بتلقي لقاح التهاب الكبد ب للبالغين من سن 19 إلى 59 عامًا. ويُوصى باللقاح أيضًا للبالغين في سن 60 عامًا فأكثر، ممن لديهم عوامل خطر للإصابة بهذا المرض. فيما لا يُوصى به تحديدًا لمن هم في عمر 60 عامًا أو أكبر، دون أن تكون لديهم عوامل خطر معروفة.
- فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): يُوصي مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بإعطاء لقاح فيروس الورم الحليمي البشري للفتيات والفتيان الذين يبلغون 11 أو 12 عامًا. وينبغي أن يتلقى المراهقون واليافعون الذين يبدؤون بتلقي اللقاح في أعمار تتراوح بين 15 و 26 عامًا، ثلاث جرعات من اللقاح؛ وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على منح لقاح فيروس الورم الحليمي البشري غارداسيل 9 للذكور والإناث الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و 45 عامًا.
- لقاح المُكورات الرئوية: بحسب توصيات مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ينبغي على البالغين في سن 65 عامًا وأكثر تلَقي لقاح المكورات الرئوية؛ ويوجد نوعان من هذا اللقاح. كما قد يحتاج البالغون الأصغر سنًا والمُعرَضون لخطر الإصابة بمرض المكورات الرئوية، أيضًا إلى جرعةٍ من اللقاح. ويُسبَب مرض المكورات الرئوية بعض أنواع العدوى، مثل التهاب الرئة والتهاب السحايا وعدوى مجرى الدم.
- الهربس النطاقي: لمنع الإصابة بهذا المرض الذي يُسبَب الألم الشديد، يُوصي مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بتلقي لقاح شينغريكس لكبار السن الأصحاء الذين يبلغون 50 عامًا من العمر أو أكبر، ويُعطى على جرعتين.
- الكزاز، والخناق، والسعال الديكي (Tdap): تُعطى جرعة واحدة من لقاح الكزاز والخناق والسعال الديكي بشكلٍ روتيني في سن 11 أو 12 عامًا. وفي حال لم تتلقِ لقاح الكزاز والخناق والسعال الديكي من قبل، يُوصي مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بتلقيه في أقربٍ وقت ممكن. كما يُوصي بتناول جرعة واحدة من لقاح الكزاز والخناق والسعال الديكي أثناء كل حمل، والتوقيت المثالي له يكون بين الأسبوع 27 و 36 من الحمل. مع الإشارة إلى أن لقاح الكزاز والخناق والسعال الديكي يمكن أن يحميكِ من هذه الأمراض التي قد تؤدي إلى مشكلات في التنفس. كذلك يُنصح بتلَقي جرعة معززة كل 10 سنوات.
في الختام، لا يسعنا سوى تمنَي المزيد من الصحة والسلامة للجميع، صغارًا وكبارًأ؛ والدعوة مع منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات الصحية في البلاد، لضمان حصول أطفالنا والبالغين منا، على اللقاحات التي تحمي حياتهم وتُعزَز صحتهم ومناعتهم ضد العديد من الأمراض.