سارة ليندسي تُعرَفنا على ذاكرة العضلات ودورها في تعزيز الشيخوخة الصحية
الشيخوخة هي حقيقةٌ بيولوجية لها طريقتها المعينة في الحدوث خارج نطاق التحكم البشري. يصل البعض إلى عمر السبعين وهم يتمتعون بصحة جيدة، فيما يحتاج البعض الآخر إلى رعايةٍ مستمرة من الآخرين. وهناك عدة عوامل تؤثر على صحة كبار السن، قد تكون فرديةً أو بيئية.
تتنوع المشاكل الشائعة التي تُصيب المسنين ما بين الجسدية والاجتماعية والنفسية؛ ومن هنا تكمن أهمية الشيخوخة الصحية، لضمان استمرار الاستقلالية لدى كبار السن عند أداء الاحتياجات اليومية.
على المقلب الآخر؛ نجد العديد من الناس ممن يرغبون بشدة في محاربة علامات الشيخوخة، سواء على الوجه أو الجسم. وعندما يتعلق الأمر بمكافحة الشيخوخة، فإن منتجات العناية بالبشرة والأطعمة الخارقة والمُكملات الغذائية غالبًا ما تسرق الأضواء. ومع ذلك، فإن حجر الزاوية للحيوية وطول العمر يكمن في شيءٍ أكثر جوهرية: العضلات.
إذ يُعدَ تطوير والحفاظ على قوة العضلات، أحد أكثر الاستراتيجيات فعاليةً لمكافحة الشيخوخة. وفي قلب هذه العملية، يوجد جانب غالبًا ما يتم تجاهله: ذاكرة العضلات؛ وهو ما تُحدثَنا عنه سارة ليندسي، اللاعبة الحاصلة على ثلاث ميداليات أولمبية وفضية كأس العالم وذهبية بطولة أوروبا، وبطلة بطولة التزلج السريع البريطانية لعشر مرات ومؤسسة صالة Roar للألعاب الرياضية في دبي ولندن في مقالة اليوم.
قوة العضلات.. في تعزيز الشيخوخة الصحية
لا تتعلق العضلات بالجماليات أو القوة البدنية فحسب؛ فهي حيويةٌ للصحة والاستقلال مع تقدمنا في السن. تعمل العضلات القوية على تحسين كثافة العظام وتعزيز التوازن وتفعيل التمثيل الغذائي - وهي عوامل رئيسية للبقاء نشيطةً ورشيقة؛ كما أنها تُقلَل من خطر السقوط، وهو السبب الرئيسي للإصابة لدى كبار السن، مع توفير الطاقة اللازمة للمهام اليومية.
إن الحفاظ على عضلاتٍ قوية يجعل جسمكِ أكثر كفاءةً، ويتطلب طاقةً أقل للنشاط البدني، كما يترك لكِ المزيد من الاحتياطات للتمتع بالحياة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الحفاظ على كتلة العضلات في منع تراكم الدهون الزائدة، مما يُقلَل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والحالات الالتهابية.
دور التمارين الرياضية اليومية في الحفاظ على العضلات
الحركة اليومية ضروريةٌ للحفاظ على العضلات والفوائد المرتبطة بها. وتُوفَر التمارين الرياضية الصباحية، وخاصةً في الهواء الطلق، مزايا مضاعفة؛ إذ يعمل التعرَض لأشعة الشمس في الصباح على تنظيم الإيقاعات اليومية، وتحسين النوم والتوازن الهرموني. كمل يُعزَز النشاط البدني الهضم ويُحسَن الصحة العقلية بشكلٍ كبير.
إن العلاقة بين الصحة البدنية والعقلية متينةٌ جيدًا؛ إذ تُطلق التمارين الرياضية الإندورفين، وتُخفَف من التوتر، وتُعزَز الشعور بالإنجاز. وبمرور الوقت، يؤدي هذا الأمر إلى بناء المرونة والثقة والنظرة الإيجابية للشيخوخة.
"استخدمه أو افقده"
يؤكد المثل القائل "استخدمه أو افقده" على قدرة الجسم على التكيَف - أو الانحدار - بناءً على مستويات النشاط. مع تقدمنا في السن، يصبح البقاء نشطًا جسديًا،حاجةٌ مُلحَة وحيوية بشكلٍ متزايد؛لكن أنماط الحياة المستقرة قد تؤدي إلى فقدان العضلات، ما قد يؤدي بدوره إلى سلسلةٍ من ردود الفعل من المشاكل الصحية.
غالبًا ما يؤدي انخفاض القوة إلى تقييد الحركة، وتقليل الثقة بالنفس، وإحباط التجارب الجديدة. ويمكن أن يؤدي هذا الانسحاب من النشاط إلى العزلة الاجتماعية، مما يؤثر سلبًا على الصحة العقلية. بينما في المقابل، يحافظ النشاط البدني على القدرات البدنية ويُشجع على المشاركة الاجتماعية، ويُعزَز الاستقلال والثقة.
ذاكرة العضلات: سلاحكِ السري
يكمن جمال ذاكرة العضلات في قدرة الجسم على تذكَر المهارات الحركية التي تمَ تعلَمها سابقًا. إذا كنتِ قد شاركتِ في الرياضة أو التمرين، فإن جسمكِ يحتفظ بالقدرة على إعادة بناء القوة والتنسيق بشكلٍ أسرع من البدء من الصفر.
تعمل ذاكرة العضلات في كلٍ من العضلات والجهاز العصبي؛وغالبًا ما ينبع التقدم المُبكر في روتينٍ جديد من تحسَن التنسيق والكفاءة العصبية العضلية. بالنسبة لأولئك الذين لديهم تاريخٌ من النشاط البدني، حتى لو كان منذ فترةٍ طويلة، فإن هذه المسارات تُعدَ أسرع في إعادة التنشيط، مما يجعل من السهل استعادة القوة والقدرة على الحركة.
ما أهمية تدريب الأثقال؟
يُعدَ تدريب الأثقال طريقةً ممتازة لبناء العضلات والحفاظ عليها في أي عمر. وعلى عكس الأنشطة عالية التأثير، يتضمن تدريب المقاومة حركاتٍ محكومة في بيئةٍ مستقرة، مما يجعله مناسبًا للمبتدئين وأولئك الذين يستأنفون اللياقة البدنية بعد فترة انقطاعٍ طويلة.
ويكمُن مفتاح تدريب الأثقال الفعال في الشكل المناسب والتقدم التدريجي. إن البدء بأوزانٍ يمكن التحكم فيها والتركيز على التقنية يُقلَل من خطر الإصابة، مع تعظيم الفوائد لنمو العضلات وكثافة العظام.
التكيَف مع تقدمكِ في السن
في حين تظل أهمية النشاط البدني ثابتةً مع الوقت، فقد تحتاج كثافة التمارين لبعض التعديل مع تقدم السن.إذ تتباطأ أوقات التعافي بشكلٍ طبيعي، وقد تؤدي الكثافة المفرطة إلى الإصابة؛ ومع ذلك، يظل الاتساق أمرًا بالغ الأهمية. تضمن الحركة المنتظمة - سواء كانت تدريبات رفع الأثقال أو اليوغا أو المشي أو السباحة - استمرار الفوائد.
يجب على كبار السن إعطاء الأولوية للحركات الوظيفية وتمارين التوازن وتدريب المرونة. لماذا؟ لأن هذه الأنشطة تعمل على تحسين الأداء اليومي وتقليل خطر السقوط، مما قد يؤثر بشدة على استقلاليتهم وجودة الحياة لديهم.
بناء حياةٍ نشطة
لا يعني دمج التمارين الرياضية ضمن روتينكِ اليومي، قضاء ساعاتٍ في صالة الألعاب الرياضية؛ بل يتعلق الأمر بإيجاد طرقٍ ممتعة للتحرك والتأسيسلعاداتٍ مستدامة. يمكن أن يساهم المشي السريع في الصباح أو جلسات اليوغا أو تمرينات القوة، في تأمين حياةٍ أكثر صحة وحيوية.
ويمتد تأثير التمارين المنتظمة إلى ما هو أبعد من الجسد؛ إذيُعزَز الجسم القوي العقل المرن، مما يتيح المشاركة في العالم وتعزيز الاستقلالية.
العضلات كمصدرٍ للشباب
العضلات هي البطل المجهول لمكافحة الشيخوخة. تمتد فوائدها إلى الصحة البدنية، والرفاهية العقلية، والاتصال الاجتماعي، والثقة. ومن خلال إعطاء الأولوية لصحة العضلات، فإننا لا نضيف سنوات إلى الحياة فحسب، بل ونُثري تلك السنوات بالحيوية.
خلاصة القول؛ تربط ذاكرة العضلات بين ماضيكِ وحاضركِ، مما يثبت أنه لم يفت الأوان أبدًا لبدء - أو إعادة بدء - رحلة اللياقة البدنية الخاصة بكِ. وحتى بعد سنوات من عدم النشاط، يستجيب الجسم بشكلٍ ملحوظ عندما يُمنح الفرصة للتمرَن.
لذا، اتخذي من الحركة كحليفِ لكِ مدى الحياة. مع كل رفعٍ، وتمدَدٍ، وخطوةٍ، فإنكِ لا تتحدين العمر فحسب؛ بل تعيدين كتابة ما يعنيه التقدم في السن. وأفضل جزء؟ تُمهَد الطريق لكِ لتكوني شخصًا أقوى وأكثر صحةً وسعادةً اليوم.