شاي الكمبوتشا هل يقضي على الدهون؟ دراسةٌ حديثة تجيب على هذا السؤال

من مميزات العصر الحديث، سرعة ظهور وتداول أفكارٍ وصيحات جديدة تلقى إما الترحيب التام أو الرفض الكلي؛ وفي كلتا الحالتين، تجد هذه "الظاهرة" الجديدة طريقها إلى قلوب وعقول الكثيرين، ممن يرغبون بتجربتها وسبر أغوارها كنتيجةٍ طبيعية للنفس البشرية المائلة نحو الفضول ومعرفة مخابئ الأشياء.

من الصيحات الجديدة التي ظهرت منذ فترة ولاقت ترحيبًا كبيرًا من المستهلكين الكبار والشباب على حد سواء، شاي الكمبوتشا؛ وهو مشروبٌ مُختمر مصنوع من الشاي والسكر والبكتيريا والخميرة. ولتصنيعه، يجب أن تنمو البكتيريا مع الخميرة ليحدث استنباتٌ بكتيري؛ ثم يُضاف مزيج البكتيريا والخميرة هذا إلى السكر والشاي. يُترك المزيج ليختمر، وتكون النتيجة سائلًا يحتوي على الخل وفيتامين B وعدة أنواعٍ أخرى من الأحماض مثل الأحماض الأمينية.

بحسب موقع "مايو كلينك"، فإن كثيرين من الداعمين لفكرة شاي الكمبوتشا يزعمون أنه يساعد في الوقاية من حالاتٍ صحية خطيرة وعلاجها، بدايةً من ضغط الدم وحتى السرطان. إلا أنه وحتى الآن، لا تتوافر معلوماتٌ كثيرة حول شاي الكمبوتشا؛ ويقترح عددٌ قليل من الأبحاث وجود فوائد لهذا النوع من الشاي مماثلة لفوائد المكملات الغذائية التي تحتوي على البروبيوتيك. فبعضها مثلاً يقترح إمكانية تعزيز شاي الكمبوتشا لصحة الجهاز المناعي والوقاية من الإمساك.

ويضيف الموقع المختص أنه لا يوجد سوى عددٌ قليل من الدراسات الطبية المعتمدة التي تتناول تأثير شاي الكمبوتشا على صحة الإنسان. إلا أن دراسةً حديثة، خلصت إلى علاقة الكمبوتشا بالقضاء على الدهون بطريقةٍ فعالة؛ ما يرفع من سقف آمال الكثيرين حول إمكانية خسارة الوزن من خلال تناول هذا المشروب.

فما هي علاقة شاي الكمبوتشا بالدهون، وكيف يقضي عليها؟ هذا ما سوف نستكشفه سويًا في مقالة اليوم؛ مع التطرق أيضًا إلى بعض مخاطر هذا الشاي، ولهذا من الواجب دومًا استخدامه بناءً على نصائح الطبيب أو خبراء التغذية.

شاي الكمبوتشا يقضي على الدهون

هذا ما خلصت إليه دراسةٌ جديدة قام بها باحثون من جامعة نورث كارولينا، مشيرين إلى أن شاي الكمبوتشا قد لا يكون مذاقه مناسبً للجميع، إلا أنه يساعد على تكسير مخازن الدهون بالجسم دون بذل أي مجهود. أمرٌ رائع، أليس كذلك؟

لكن كيف تتم هذه العملية التلقائية؟

بحسب ما نشر موقع "العربية.نت" عن موقع New Atlas؛ فقد توصل الباحثون العاملون على هذه الدراسة إلى خلاصةٍ مفادها: عندما تستعمر الخميرة والبكتيريا من الشاي المُخمر المُحلى الأمعاء، فإنها تعمل على تغيير عملية التمثيل الغذائي للدهون، دون أي تغييراتٍ غذائية أخرى، ما يؤدي إلى انخفاض مخزون الدهون.

وفي تقريرٍ منشور على دورية PLOS Genetics حول الدراسة، تبيَن أن محور البحث يدور بشكلٍ خاص حول خميرة سكوبي SCOBY (المُستنبتات التكافلية للبكتيريا والخميرة) الموجودة في شاي الكومبوتشا، وهي المادة الهلامية الغنية بالميكروبات التي تطفو بالقرب من سطح المشروب. سبق وتمَ ربط هذه الميكروبات الحيوية، بما يشمل أنواعٍ من أجناس Acetobacter وLactobacillus وKomagataeibacter، بمجموعةٍ من الفوائد الصحية الإيجابية بما يشمل خفض ضغط الدم (نعود ونُذكَر بوجوب مراجعة المختصين حول هذه الفوائد).

وقد اكتشف باحثون من جامعة نورث كارولينا كيفية تأثير الميكروبات الموجودة في مشروب الكمبوتشا، بشكل مباشرٍ على التعبير الجيني المعوي؛ خصوصًا تلك المرتبطة بعملية التمثيل الغذائي للدهون. وساعدت هذه البكتيريا المضافة في تعزيز البروتينات اللازمة لتكسير الدهون؛ كما عملت في المقابل على تقليل تكوين البروتينات التي تساعد في بناء المركبات الدهنية المعروفة باسم الدهون الثلاثية.

وفيما أن الدهون الثلاثية هي أكثر أشكال الدهون شيوعًا في جسم الإنسان، وتلعب دورًا مهمًا في تخزين الطاقة وإطلاقها؛ إلا أن تناول السعرات الحرارية بشكلٍ مفرط يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات هذه الدهون ويتسبب بأمراضٍ مُصاحبة للسُمنة مثل أمراض القلب.

تأثيرٌ مفاجئ للكمبوتشا يشبه الصيام

إن التغييرات الحاصلة في عملية التمثيل الغذائي للدهون بسبب الكمبوتشا، وقدرته الفائقة على رفع وخفض مستويات البروتينات المحددة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقليل مخزونات الدهون؛ ويُعدَ مفاجئًا للباحثين الذين وجدوا فيه تأثيرًا خلويًا مشابهًا للصيام إلى حدٍ كبير، دون الحاجة إلى تقليل تناول الطعام أو الحد منه.

وعبَر الباحثون للدورية المختصة عن مفاجأتهم الكبيرة عندما اكتشفوا "أن حيوانات المختبر، التي تستهلك نظامًا غذائيًا يتكون من الميكروبات الحيوية الموجودة في شاي الكمبوتشا أظهرت تراكمًا أقل للدهون، ومستوياتٍ أقل من الدهون الثلاثية، وقطراتٍ دهنية أصغر، وهي عضويةٌ تُخزن دهون الخلية، مقارنة بالأنظمة الغذائية الأخرى"؛ مشيرين إلى أن النتائج "تُوضح أن الميكروبات الموجودة في شاي الكمبوتشا تؤدي إلى حالةٍ تشبه الصيام لدى من يتناوله حتى مع وجود كميةٍ كافية من العناصر الغذائية."

شاي الكمبوتشا والسكري من النوع 2

يؤكد الباحثون على أهمية هذه النتائج التي توصلوا إليها، لجهة فوائد الكمبوتشا في القضاء على الدهون؛ وقد تمَ ربط هذا الشاي مؤخرًا بتحقيق نتائج إيجابية لتحسين مستويات سكر الدم لدى المصابين بداء السكري من النوع 2. فيما أشارت دراساتٌ أخرى إلى أن هذا المشروب يُظهر إمكاناتٍ كبيرة كمضادٍ للأكسدة، يعمل على تقليل الالتهاب والبكتيريا في الجسم.

شاي الكمبوتشا: مخاطر محتملة يجب التنبه لها

يحذر موقع "مايو كلينك" من مغبة الانجرار وراء تسويق شاي الكمبوتشا على أنه قيمة غذائية عالية؛ مشيرًا إلى وجو بعض المخاطر التي يجب وضعها في الاعتبار. فقد تسبَب شاي الكمبوتشا للبعض باضطراباتٍ في المعدة والتهابات وتفاعلات تحسسية. إذ عادةً ما يُصنع (يُخمَّر) شاي الكمبوتشا في المنازل وضمن بيئةٍ غير نظيفة بشكلٍ تام؛ ما يُهيئ الفرصة لنمو البكتيريا الضارة.

بالإضافة إلى ذلك، عندما يُصنع هذا الشاي في أواني خزفية تحتوي على الرصاص، قد يحدث للبعض تسممٌ بالرصاص. فالأحماض الموجودة في الشاي تؤدي إلى تسرب الرصاص من المادة التي يُطلى بها الخزف.

بدوره، ينصح المختصون والخبراء على موقع "ويب طب" من يرغبون بتناول شاي الكمبوتشا، باستخدام الأوعية الزجاجية، أو المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، أو البلاستيك عند القيام بتحضيرها في المنزل، مع الحفاظ على نظافة وصحة المعدات والأيدي أيضًا. كما يُنصح بالحد من شربها، لأنها قد تُسبَب التلوث؛ بالإضافة إلى قلة الأدلة التي تثبت فوائدها الصحية. ومن أهم الأمراض التي يشملها تناول هذا الشراب الملوث؛ مشاكل في الكبد، وتراكم حمض اللاكتيك في الجسم، فضلًا عن المعاناة من بعض الردود التحسسية والغثيان أيضًا.

تقول إدارة الغذاء والدواء أن الكمبوتشا آمنة ولا تتسبَب بأضرارٍ في أغلب الأحيان، وذلك عند القيام بتحضيرها بشكل صحيح وجيد. لكن ومع ندرة الأدلة والأبحاث الكافية حول الفوائد الصحية لهذا المشروب، يُفضَل دومًا تجنب شاي الكمبوتشا أو الإقلال منه، وتناوله بناءً على نصيحة الخبراء ومن مصادر موثوقة؛ مع وجوب امتناع النساء الحوامل أو المُرضعات أو الأشخاص المصابين بضعف جهاز المناعة عن تناوله.