الأميرة نوف بنت عبدالعزيز مع الفنانة العالمية آنا بوشيتسا

الأميرة نوف بنت عبدالعزيز آل سعود تكتب لـ"هي": إلهام من الأرض.. رسالتي الفنية مـن قلب السعودية

منذ صــــغـــري أســـرتــــني عوالم الإبداع والطرق الكثيرة التي يمكن أن يعبر بها عن المشاعر، وتُسرد بها القصص، وتُبنى بها الجسور بين الثقافات. نشأت في المملكة العربــــية السعوديـــــة، وشهدت عن كثب التغييرات العميقة التي طرأت على مجتمعنا، خصوصا فيما يتـعـلـــق بتــقــديـــرنــــا للـــفـــــن وفهمه. ألهمني ذلك تأسيس مساحة يزدهر فيها الفن والثقافة، بحيث لا تكون لتسليط الضوء على المواهب المحلية فقط، بل أيضا لربــــط النـــــاس من خــلال التجارب المشتركة.

في عام 2019 اتـخــــذت خـــطـــوة جريئة، وأطلقت "ليــــفت" Lift، وهــــو نـــــادٍ اجــتـمــــاعي حــــــصـــــري للفنون ومـــعرض فــــني يهـــــدف إلى منح الفنانين الشبـــــاب منصة للتـــــألق. جــاءت فكرة "ليفت" من رغبة في خلق بيئة يزدهر فيــــها الإبـــــداع، ويشارك فيها الفنانون، سواء أكانوا في بداية طريقهم أو ذوي شهرة، أعمالهم مع جـــمــهــــور يقــــدرهــــا. تخيــــلــــت مكـــانـــــا يكون بمنزلة منارة للتعبير الفني، حيث يجتمع الأفراد للاحــتــفـــال بالإبداع، والتعلم من بعضهم البعض، وتطوير روح المجتمع.

في "ليفـــــت" نــــــوفــــــــــر الـــفــــرص للفــنــانـــين الشباب لإطلاق العنان لإبداعاتهم، وكسب التقدير لأعمالهم إلى جانـــب قـــطـــع لفــنـــانــــين عالميين مثل Zhuang Hong Yi ،Antonio Murgia ،Bradley Theodore. من خلال تنــظـيـــم معارض تبرز أنماطا فنية متنوعة ومواضيع مختلفة، نسعى للتفاعل مع المجتمع المحلي وإشعال حوارات حول أهمية الفن في حياتنا. يُصمم كل معرض بــدقـــــة ليحكي قصة فريدة، وهو ما يدعو الزوار إلى استكشاف العالم من خلال عيون الفنان. هدفي النهائي هو تنويع وثراء المشهد الفني في المملكة العربية السعودية البلد الذي يزداد فيه تسليط الضوء على الفن يوما بعد آخر. أصبح الناس أكثر اهتماما بمعرفة الفنانين السعوديين، ومساهماتهم في المشهد الفني العالمي. أنا متحمسة لاكتشاف العالم للمجتمع الفني المزدهر الذي نعمل على تطويره هنا، والذي يعكس تراثنا الثقافي الغني مع تبنيه للتأثيرات العصرية.

الأميرة نوف بنت عبدالعزيز مع الفنانة العالمية آنا بوشيتسا
الأميرة نوف بنت عبدالعزيز مع الفنانة العالمية آنا بوشيتسا


يحفزني أيضا رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومبادرته رؤية 2030، والتي تشجعنا نحن السعوديين على تبني نمط حياة سريع وتطوير الابتكار والإبــــداع في مخــــــتـلف القطاعات، بما في ذلك الفن والثقافة. يعزز التركيز على التبادل الثقافي والتنمية الفنية التزامي بخلق مشهد فني مزدهر. أؤمن بأننا من خلال الاستثمار في هويتنا الثقافية، يمكننا أن نمهد الطريق لمســـتـقــبـــل يجـــري الاعـتــــراف فــيــــه بمساهمات المملكة العربية السعودية في الفن على الــمــســــرح العالمي.

الجـــديــــر بالـــذكــــر أنـــني بــــدأت "ليفت" في الأصل ليكون ملاذا شخصيا، ومساحــــة شعرت بأنها مفقودة في السعودية. كمن يبحث دائمــــا عن ملاذ في الإبداع، غالبا ما أشير إلى "ليفت" على أنــــه "ملاذي الخاص" My sweet escape. كان مكانـــا يمكنني من خلاله الانغماس في الفن، والتأمل في تجاربي، والتواصل مع آخرين يشاركونني شغفي. لدهشتي تحول "ليفت" إلى ملاذ للجميع، وهو مكان حيوي حيث يجتمع الفنانون وعشاق الفن لتبادل الأفكار والتعاون والإلهام. الطاقة داخل هذه الجدران ملموسة، ومليئة بالضحك، والحــوار، وروح المجتمع التي لا تتزعزع. مع خلفية في تـصــمــيـــم الأزيــــاء، إذ تــخـــرجــــت من معهد "رافلز للـــتــصـمــيـــم"، وامتــلكــــت سابقا عـــــلامة تجارية تدعى era.ksa أرى أن الفـــن والأزيــــاء مرتبطان بطبيعتهما. فالأزياء تعد شكلا من أشـكـــــال التـعــبـيــــر عن الــــــذات، وتتيح للأفراد التعبير عن هوياتهم وقناعاتهم، تماما مثل الفن البصري. هذه الرؤية قادتني أنا وفريقي إلى إطلاق ninebylift، وهي مجتمع يمزج بين الفن والأزياء، ويخلق تجارب فريدة تحتفي بالانسجام بين هذين العالمين.

من خلال "ناين باي ليفت"، نكوّن شراكات مع مصممين سعوديين موهوبين، مثل نورة آل الشيخ، قرمز، ونورة سليمان، إضافة إلى مصممي مجوهرات سعــــوديين مثل "شارمالينا" و"جوهرة جيويلــــري". كما نتواصل مع مصممين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل مصممة المجوهرات المقيمة في دبي "هيبة جابر" والمصمم الإيطالي "صامويل تشـــــيبريـــــاني"، الذين يتـــطــلـــعــــون إلى عرض مجموعاتهم القادمة، وتحقيق مبيعات. مـهــمـتــنــــا هي تأسيس مساحة يـــتــجــــاوز فيها الإبداع الحدود، وتــشـجــيـــــع التعاون بين الفنانــــين والمصممين لإعادة تعريف الإمكانيات في كلا المجاليـن. من خــــلال دمج جوهر الفن مع حيوية الأزياء، نصنع تجارب غامرة تتواصل بعمق مع الجماهير، وترفع من مكانة الفن السعودي.

وأنا أواصل هذه الرحلة، أظل ملتزمة باستخدام صوتي وفني لإلقاء الضوء على القصص والتجارب من حولي. أؤمن بأن الفن يمتلك قوة تجاوز الحدود، وبناء جسور بين الثقافات والمجتمعات. من خلال عملي، آمل أن أشعل نقاشات، وأثير التفكير، وألهم الآخرين لاحتضان إبداعهم الخاص.