المصمم اللبناني سعيد قبيسي: للذكاء الاصطناعي دور فعال في الموضة المستدامة وتطويرها

المصمم اللبناني سعيد قبيسي لـ"هي": للذكاء الاصطناعي دور فعال في الموضة المستدامة وتطويرها

ليندا عيَاش
21 أغسطس 2024

اعداد: LYNDA AYYACH

مما لا شك فيه أنّ الذكاء الاصطناعي الذي دخل كافة المجالات في الحياة ووضع لمساته الخاصة عليها، طال قطاع الموضة بقوّة وكان له تأثير واضح عليها، اذ غيّر من شكل صناعة الأزياء فساهم في النمو السريع لحركة صناعة الموضة ابتداء من مرحلة التصميم الى التصنيع، وصولاً الى عمليات البيع والشراء مروراً بمرحلة تبني الاستدامة وتحديد طرق الحد من المخلفات وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة وغيرها من التفاصيل.

المصمم اللبناني سعيد قبيسي

تنوعت الأدوار التي يلعبها الذكاء الاصطناعي في صناعة الموضة وتفاصيلها، فأصبح بإمكان المصممون تنفيذ ابتكاراتهم وتصاميمهم من خلال تطبيق خاص وتقديمه لمحبي العلامة لتجربته افتراضياً وإجراء التعديلات اللازمة، وشراء الــــقــــــطــــــعــــة، في حال تمّ الاتــفــــاق على تفـــاصيــــــل التصـــــميم والسعر. هذا بالإضافة طبعاً الى تطبيقات شراء الملابس وتطبيقات تصميم الأزياء وابتكار الروبوتات والآلات المتخصصة في فن الحياكة وتفصيل الملابس وصناعتها بجودة مميزة.

وبالرغم من ان بعض العلامات التجارية الكبرى لم تخط بعد في طريق العالم الافتراضي، لأنها تؤمن ان على الزبون تجربة الأزياء ولمس نوعيتها وقماشها وتجربة إلإحـــساس الفــــعـــلي على الجسم، الا ان خبراء الموضة يعتبرون انه لا بد من هذا التحول في قطاع الموضة، فاعتمدت أكبر دور الأزياء العالمية، هذه الخطوة التي بدأت مع شركة “ذي فابريكنت” لصـــنـــــع الـــمـــلابــــس الـــرقــمـــيـــــة سنــــة 2018، ولعــبــــــت دوراً فعالاً وقوياً في تغيير نمط اعمال المصممين وعاشقي الموضة وذلك بفضل التجربة الافتراضية التي قدمتها لهم.

وتــــعـــمــــل الــشـــــركـة اليــــوم مع عــــدد من الــعــلامــــــات التجاريّة البارزة لتصميم الملابس الثلاثية الابعاد لــتــقـــليـــــص النــفــقـــــات الإنــتـــاجــيــــة، وفتـــــح الــمـــجـــــــــــال امام الزبون للتعبير عن ذوقه الخاص بعيداً عن استخدام المواد الأولية أو إصدار انبعاثات مضرة بالبيئة، وذلك ينعكس ايجاباً على مبدأ الاستدامة. وهذا ما تحرص عليه الشركات العالمية وتسعى الى تطبيقه بقوة، بالرغم من ان المشوار لا يزال طويلا في التعامل مع ما يقدمه الذكاء الاصطناعي.

المصمم اللبناني سعيد قبيسي

ويشير المصمم اللبناني سعيد قبيسي الذي خاض تجربة الذكاء الإصطناعي في عمله منذ انتشار جائحة "كورونا" في العام 2020 ، الى الدور الأساسي للذكاء الإصطناعي في تطوير الموضة المستدامة فيقول: "يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً أساسياً في صنـــــاعة الموضة المستدامة، لأنها تمهد الطريق للأقمشة الصديقة للبيئة".

ويتابع: "ان العام 2020 كان فيه الكثير من التحديات، وكجزء من هذه التحديات التي كنا نمر بها اردنا اضافة خطوة جديدة على تجربة عملائنا، فإبتكرنا ما يسمى "بالأفاتار الثلاثي الابعاد" الذي يسهل على العروس مسألة التـــأكــــد من خيــارات تـــفـــاصيـــــل فســتــانــــها، فيصبح بالامكان ان تتخيل نفسها بفستان زفاف وكيف ستظهر تفاصيله عليها اثناء حركتها قبل يوم زفافها".

وفي عام 2023، قامت دار قبيسي بتوسيع حدود الأزياء الراقية عبر التكنولوجيا، لتبدأ رحلة رقمية بالكامل مع إطلاق COUTURE 2.0. وكانت تجربة غامرة تستخدم العالم الافتراضي لتعزيز العالم الحقيقي وطريقة جديدة لاكتشاف أرقى الإبداعات بنفس المهارة.

"الأفاتار الثلاثي الابعاد" هو جزء من رحلة التصميم التي تنسقها العروس مع المصمم، فتصبح عملية اتخاذ القرار أنسب وأجمل وأسهل لإختيار فستان الزفاف لأنها ستتمكن من رؤية نفسها مسبقا بفستان الزفاف.

المصمم اللبناني سعيد قبيسي

المصمم اللبناني سعيد قبيسي

اما الدمج بين الموضة والتكنولوجيا فهو خطوة مهمة جداً بنظر المصمم قبيسي، لان التكنولوجيا تخدم بقوة رؤية الدار الخاصة، فتعيش العروس بهذه الحــالــــة نــفــس التـــجـــربـــــة إذا كــــانت حاضرة في صالة العرض او اذا كانت متواجدة في بلد آخر.

ويفتخر سعيد قبيسي بدمج فن التقـاليد والحرفية مع الابتكار والتـــكنــــولوجــيــــا، ويـــــقول: "لبّى إطلاق صالة العرض الافتراضية في عــــام 2021 متطلبات قاعدة العملاء العالمية المتنامــــية وجعل الوصول إلى العلامة التجارية أكثر ســــــهــولة، وأصبحت الدار قادرة على تقديم عملية افتراضية سلسة للعملاء وتحديداً للعرائس، بدءًا من الاستشارة الافتراضية الأولـــية وحتى التـــصــــورات المــتــــطورة طــــوال عملية إنشاء قطع الأزياء الراقية الخاصة بهن".

ويضيف: "يتيح تخــــصـــيص الـــصــــورة الرمزية تشابهًا شخصيًا مع قياسات دقيقة وإعادة إنشاء لون الشعر وأسلوبه ولون البشرة والميزات والحركة. وفي الوقت الذي يتم فيه إنشاء التصميم وتطويره في المـــشغــــل، يتم مسح الأقـــمــشـــــة رقميًا وتركيب القطعة على الصورة الرمزية لتوفير تصورات دقيقة للأسلوب والتنسيق وحركة القماش وغيرها في كل خطوة من الاستشارة.

ويكمل: "باستخدام أحدث الأدوات والبرمجيات، فإن إنشاء وتحويل الملابس ثلاثية الأبعاد الى واقع قد أتاح للدار توفير الكثير من الوقت مع تقليل إنتاج العينات والشحن ونفايات المواد من أجل عملية أكثر استدامة.

وعن كيـــفــيـــــة مــــســـاهـــمــــة الـتــكـنـــولوجيـــــا في صناعة الموضة، يشرح قبيسي: "تُحدث التكنولوجيا ثورة كبيرة وتعيد تعريف كل جانب من جوانب صناعة الأزياء، بدءًا من التصميم والتصنيع وحتى البيع بالتجزئة وإشراك المستهلكين. أرى أن ذلك يضيف الكثير من التأثير الإيجابي على الموضة، باعتبار أن عالمي التكنولوجيا والموضة يكملان بعضهما البعض بالفعل؛ بدءًا من التجارب الافتراضية التي تسمح للعملاء بتصور كيف ستبدو الملابس عليهم إلى تـــجــــارب الأزيـــــاء المــخــصــصــــة التي تستفيد من تحليلات البيانات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى عروض الأزياء والتجارب الرقمية التي تسمح للجمهور بالتفاعل بشكل أكبر. بنشاط مع الأحداث. ومع استمرار التقدم التكنولوجي، سيكون هناك المزيد من التكامل بين هاتين الصناعتين".

المصمم اللبناني سعيد قبيسي

المصمم اللبناني سعيد قبيسي

ويشير إلى أن عملية إنشاء تصميم الأزياء الراقية باستــــخــــدام تقــنــيـــة الصــــور الـــرمـــزيـــــة ثـــلاثيــــــة الأبعاد "أفاتار" كانت جزءًا من تسريعنا الرقمي والتزامنا بتحسين تجربة العملاء التي تقع في صميم مهمتنا وقيمة علامتنا التجارية.وبما أن كل عروس حريصة دائمًا على رؤية كيف ستبدو في فستان أحلامها وما إذا كان الرسم مناسبًا لها في الواقع، فقد أنشأنا "افاتار" وهو عبارة عن خدمة الصورة الرمزية والتي تتكون من تخصيص حجم الصورة الرمزية، مع القياسات الدقيـــقة والشعر ولون البشــــرة وملامح الوجه؛ وبعد الانتهاء من تخصيص الوجه والجسم، يمكن بعد ذلك وضع الملابس على الصورة الرمزية؛ بينما يتم تركيب القماش وتطويره في المشغل، ثم يتم مسح الأقمشة رقميًا ويتم تركيب القطعة على الصورة الرمزية لتوفير تصورات دقيقة للأسلوب والملاءمة وحركة القماش والثني في كل خطوة من الاستشارة باستخدام أحدث الأدوات والبرمجيات، فإن إنشاء وتغيير الملابس ثلاثية الأبعاد الواقعية قد أتاح للدار توفير الكثير من الوقت مع تقليل إنتاج العينات والشحن ونفايات المواد من أجل عملية أكثر استدامة".

وبالنسبة للتقنيات الجديدة التي تلهم قبيسي شرح قائلاً: "يقدم العالم الرقمي فرصًا لا حصر لها للابـــــتـــــكار. لقد سمح لنا بتجربة الأشكال والألوان والأنـــــــمـــاط، ودفع حـــــدود التــصـــميـــــــم واستكشاف الـــــمفاهيم المبتكرة. فقمنا بتطوير أدوات وبرامج يــــمكنها إنــــشاء وتغـــــيير الــــــملابس ثلاثـــــيـــــــة الأبـــعــــــاد الواقـــعيـــــة. فأصبـــــح بإمكان صانـــــعي الأنماط لديـــــنا في المــشغل تــــعـــــــــــديل التفاصــــيل في الوقت الفعلي، وتـــــدعـــــم التكـــــنولوجــــــيا عمــــليــــــة التــصــمــيــــــم بأكمـــلها بدءًا من إنـــشـــــاء الــمــفــــهــــوم وحتى التطوير النهـــــائي. إنه أمر ثوري أن نـــتــــمكــــن من اتــــخـــــاذ شــــكل مسطح من الملابس وخياطته رقميًا وثنيه في عـــرض ثلاثي الأبعاد لعملائنا.

وأضـــــاف شارحــــــاً عـــن تــحـــديـــــــات هذه التكنولوجيا: "يظل التحدي يكمن في التصور الواقعي الذي لا يمكن أن يوجد بدون أدوات اختبار وقياس وتحليل النسيج المـــتــقــــدمـــــة لالتــــقاط الخـــصــــائص الفيزيائية والبــــصـــــريــــــة لنــــســـــــيـــج معــــــيــــــن. وهـــــــذه هي العــمــلـيــــة التي نطبقها في مــــــشغلــــــنا، مع التأكـــــد من دراســــــة الجـــــدوى المادية جيدًا قبل تطبيقها على الصورة الـــرمـــــزيــــــــــة ثلاثية الأبعاد."