الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو يكتب لـ"هي": يوم التأسيس من الدرعية مشاعر أمريكية وروح سعودية لرؤية المستقبل

في ذكرى يوم التأسيس، نُجدّد صادق التهاني لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وللشعب السعودي العظيم، ونستذكر في هذه المناسبة الغالية الأمجاد والبطولات التي انطلقت من الدرعية، وامتد أثرها في نواحي الجزيرة العربية؛ لتشكّل نواة الدولة السعودية، ومركز حكمها، وتاريخها، وإرثها، وثقافتها، على مدى 300 عام؛ لتكون الدرعية للسعوديين رمزا لوحدتهم، وعنوانا لهُويتهم، وتجسيدا خالدا لتضحياتهم، ومنبعا لفخرهم وانتمائهم، ومصدر إلهام لمستقبلهم.

في لقاءات دولية ومحلية عديدة، كنت أردّد دائما عبارة "هناك درعية واحدة فقط" There is only one Diriyah، واليوم ونحن نحتفل بذكرى التأسيس أكررها مجددا. وأُضيف أن "القصة بدأت من هُنا".. نعم بدأت من أرض الدرعية التي أصبحتُ مغرما بها منذ أول زيارة لي في عام 1998م، عندما أتيتها مهتما بتراثها وتاريخها، وواقفا على أطلالها، ومتأملا بمشاعر مواطن أمريكي قادم من أقصى قارات العالم، ليتمعّن عظمة المكان، ورمزيته، وحضارته، واعتزاز السعوديين بتفاصيله، وتاريخه.

وبعد عقدين من تلك الزيارة؛ وجدت رؤية سعودية ملهمة يقودها أمير شاب طموح، شغوف بتحويل تلك القصة إلى مشروع حضاري عالمي، فالدرعية في رؤية الأمير محمد بن سلمان لا تنحصر في الحفاظ على التراث، أو أن تكون مدينة سياحية فحسب، بل تتخطّى ذلك، لتستهدف خلق تجربة ثقافية متكاملة تُعزّز من فهم العالم للإرث السعودي الغني، وتجعل منها وجهة تروي قصة وطن عظيم، وتحتفي بقيمه وتاريخه العريق، وأن تكون نموذجا عالميا في مجال التنمية الثقافية المستدامة، تمزج بين الأصالة والتطور، وتقدم تجربة فريدة لكل زائر.

من هذه الرؤية، انطلق مشروع الدرعية ليضم أكثر من 10 معالم أيقونية، وأحد أبرز المواقع التراثية على وجه الأرض، حي الطريف التاريخي، المسجل في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، حيث تستعد الدرعية لاستقبال 50 مليون زيارة سنويا بحلول 2030، والمساهمة بأكثر من 70 مليار ريال في الناتج المحلي، وتوفير أكثر من 178 ألف وظيفة، وما يزيد على 18 ألف وحدة سكنية، وأكثر من 40 فندقا فاخرا، و31 مسجدا، و60 ألف موقف سيارات، وأكثر من 1.3 مليون متر من المساحات المكتبية، إضافة إلى 9 متاحف، وجامعة، و16 مدرسة، و4 منشآت صحية.

وحفاظا على الإرث الحضاري لمهد الدولة السعودية، يركز المشروع على مبادئ الاستدامة في بنيته التحتية، مع مساحات خضراء واسعة، وأنظمة ذكية لتحسين جودة الحياة، من خلال أكثر من 8 حدائق عامة، وما يزيد على 6.5 مليون شجرة ونبتة، ومسطحات خضراء، وأكثر من 17 كم من مسارات الخيل والدراجات الهوائية والمشي، وثلاث محطات معالجة للمياه ثابتة ومتنقلة.

لا شك أن ما تم إنجازه في الدرعية، من تأهيل الكثير من المواقع التاريخية، وتطوير البنية التحتية، وإنشاء الكثير من المرافق السياحية والثقافية؛ لم يكن سهلا، وأن القادم على قدر حماسنا له، إلا أنه يحمل الكثير من التحديات، لكن ما يدفعنا بحماسة كبيرة لإكمال الإنجاز هو أن هذه البلاد تستحق هذا التطور، وقادتها يستحقون هذا الولاء، وشعبها يستحق أن يفخر ويفاخر بإرثه وتاريخه وثقافته التي تشكّلت عبر مئات السنين، ودائما ما نستمد قوتنا من القائد المُلهم سمو ولي العهد، الذي لا يكل ولا يمل من متابعة كل صغيرة وكبيرة، والذي لا يرضيه غير إنجاز المهام بشكل مُتقن وعلى وجهها الأكمل، فإذا كان قائدك في العمل يرفع دائما معايير الإنجاز والنجاح، فإما أن تواكبها أو تنسحب، وقد اخترت أن أكون جزءا من هذه الرحلة المثيرة والمثرية، وواحدا من السعوديين الذين يعملون لتكون الدرعية أحد أهم العناصر الفاعلة في تحقيق رؤية السعودية 2030.

نحن نعمل بتوجيهات من سمو ولي العهد على تطوير الدرعية، وفقا لأعلى المعايير العالمية، وبما يحافظ على طابعها التاريخي والثقافي، ويضمن استدامتها، ونؤمن بأن الدرعية، بما تملكه من مقومات سياحية وثقافية، قادرة على أن تصبح مركزا عالميا للثقافة والفنون، ووجهة مفضلة للمستثمرين وروّاد الأعمال، فهي إرث وطني، وكنز تاريخي، يجب علينا أن نحافظ عليه، ونعمل على تطويره، كي تستفيد منه الأجيال المقبلة.

واليوم، ونحن نحتفل بيوم التأسيس، نؤكد عزمنا على مواصلة العمل، وبذل المزيد من الجهود لجعل الدرعية وجهة عالمية فريدة، تجذب السيّاح من كافة أنحاء العالم، وتعكس الوجه المشرق للمملكة العربية السعودية.

ختاما، أؤكد أن ما نقوم به في الدرعية ليس فقط للحفاظ على التاريخ، بل لنضمن أن تبقى قصص الأجداد مصدر إلهام للأجيال المقبلة، فالدرعية ليست مجرد ماضٍ نعتز به، بل هي حاضر نعيشه ومستقبل نبنيه معا.