منسّق أزياء المشاهير  سيدريك حداد يكتب لـ"هي": القوّة التحويلية في الأزياء أداة لتمكين المرأة

منسّق أزياء المشاهير سيدريك حداد يكتب لـ"هي": القوّة التحويلية في الأزياء أداة لتمكين المرأة

مجلة هي

الأزياء أكثر من مجرد قماش وصيحات ومواسم عابرة، إنها هوية وصوت ورمز للقوة. بصفتي منسق أزياء، شهدت عن كثب كيف يمكن أن تكون الموضة قوة تحويلية، وخصوصا للنساء. فهي وسيلة للتعبير عن الذات، ومصدر ثقة بالنفس، وشعار للفردية. واليوم، لا تتبنى المرأة العربية الموضة وسيلة للتمكين فحسب، بل تعيد أيضا تعريف قصص الموضة العالمية واتجاهاتها.

منسّق أزياء المشاهير  سيدريك حداد يكتب لـ"هي": القوّة التحويلية في الأزياء أداة لتمكين المرأة
المرأة العربية قوة صاعدة في عالم الموضة

لعبت النساء العربيات في السنوات الأخيرة دورا محوريا في رســـم مشهـــــد الــمــوضـــــة العالـــمي. وبدأت دور الأزياء العالمية الفـــــــاخــــــرة تعترف بتأثيرهن وتعـيّنهن سفيرات ومتــــعـــاونـــــات وتمنــــحــهــــن منــــصـــة لمــــشــاركــــة أسلـــوبـــهـــن الفــــريــد وهــويتهن الثقافية. ويدل هذا التحول على أكثر من مجرد تمثيل، فهو شهادة على قوتهن ومرونتهن وقدرتهن على إلهام الأجيال المقبلة. وكوني أعمل مباشــــرة مع هؤلاء النساء المؤثرات، كثيرا ما تتصل بي عـــــلامات تجـــاريـــة عـــالمـيـــة طـــامــحـــة إلى التواصل مع المشاهير الذين أنسّق أزياءهم. من الواضـح أن هؤلاء النساء يُحدثن تأثيرا كبيرا، وأن صدى أصواتهن يتردد بعيدا عن حدود منطقتنا.

الأسلوب الشخصي انعكاس للهوية والثقة الذاتية

دائما أقـــول: "أنت ما تـــرتــديـــنــه". الأزيــــــاء مـــــرآة تـــعـــكــــــس الشخصية والمزاج والتطلــعات. ولا تحكي خزانة المـــــلابس المنــسـقـــة جيـــدا عن جمـــاليـــــات معـيــنـــة فحـــســــب، بل تتعلق بالثقة والتمكين والنظرة إلى الذات. عندما ترتدي المرأة زيا يمثلها بالفعل، تشع بالأصالة، وهذا في حد ذاته تصريح قوي جدا. يمتد دوري كمنسق أزياء إلى أبعد من اختيار الملابس، ليقوم على توجيه المرأة نحو احتضان أسلوبها الشخصي، والاستمتاع بما تراه في خزانتها كل صباح، ولتثق بحضورها. يمكن للأزياء المناسبة أن ترفع معنويات المرأة في لحظات، راسمة ابتسامة تتحدث بوضوح عن ثقتها بنفسها وقوتها الداخلية.

مفهوم الأناقة القوية للمرأة العصرية

لا يقتصر مفهوم POWER DRESSING على البذلات الرسمية أو الألوان الجريئة، فهو يعني أن تشعري بالقوة في ما ترتدينه. يمكن أن تكون البذلة المتقنة الخياطة تعبيرا عن النفوذ والتــــأثيــــر، ولكن كـــذلك الفستـــــان الانســيـــابي الذي يجــــســــد الأناقة والرقي. ما يهم هو شعور المرأة التي ترتدي القطعة. وارتداء أزياء "القوة" الحقيقية هو أن تثقي بإطلالتك تماما وتشعّين بالثقة الذاتية، سواء كان ذلك بأسلوب مينيمالي، أو طليعي، أو كلاسيكي. الأصالة هي المفتاح، لأن ارتداء شيء لا يتماشى مع شخصيتك لا يؤدي إلا إلى إضعاف حضورك. من المفترض أن تكون الموضة ممتعة ومرحة، وعندما تحتفل المرأة بأسلوبها الشخصي، فإنها تلفت حقا الانتباه.

سيكولوجيا التأنّق
للموضة جانب نفسي جوهري. أكرر دائما أن 50 في المئة من تنســـيــــق الأزيــــاء هو فــــهــــم الشــخـــــص الذي يقف وراء الملابس. على منسق الأزياء الماهـــــر أن يكون جزئيا عالما نفسيا يدرس شخصية العميل وتفضيــــلاته والنقاط التي تقلقه، ليظهره في أبهى حلّة. والتأنّق لا يعني فقط الحصول على مظهر جميل، إذ يؤثر في شعور المرأة تجاه نفسها ونظرة العالم إليها. عندما تصل امرأة وهي ترتدي زيا يجعلها تشعر بأنها في أفضل حالاتها، تعكس بتصرفاتها قوة ورقيا وحضورا لا يمكن أن تمر مرور الكرام. وهذا الجانب النفسي هو ما يجعل الموضة أداة قوية للتمكين.

نساء يستخدمن الموضة لغة تعبير جريئة

الكثير من النساء استخدمن الأزياء وسيلة للتعبير عن الذات وتمكينها. على الصعيد العالمي "كيت بلانشيت" مثال بارز على ذلك. فمن خلال إعادة ارتداء القطع الأرشيفية، تبعث برسالة قوية حول الاستدامة وتثبت في الوقت نفسه أن الأناقة غير مرتبطة بزمن. أما "زيندايا"، فتتقن بدورها فن التعبير عن نفسها من خلال أزيائها، فتختار بعناية إطلالات تعكس في الوقت نفسه هويتها الفردية وجوهر كل مناسبة.

إحــــدى أقــــــوى الـنـــســاء اللواتي تشـــرفـــت بالعمل معهن هي "هند العتيبة"، أول سفيرة للإمارات العـــربـــيـــة المتــحـــــــدة في فرنسا. كنت منسق أزيائها الشخصي طوال وجودها في هذا المنصب، وأتذكر بوضوح عندما بدأنا تنسيق خزانة ملابسها في بداية رحلتها الدبلوماسية. إنها مثال ملهم يظهر لنا كيف يمكن لشخص في موقع قوة أن يثبت حضوره أيضا من خلال أناقته. منذ البداية، أدركت أن دخولها دائرة الضوء يتطلب خزانة لا تمثلها فحسب، بل تعكس كذلك ثقة وسلطة دون مبالغة، واستطعنا معا بناء هوية قوية، وأدخلنا بذلات رسمية وإطلالات راقية ومؤثرة في الوقت نفسه. وبمرور الوقت، أصبح أسلوبها مرجعا، وأتذكر أنني تلقيت عددا لا يحصى من صور لإطلالاتها من أشخاص معجبين بحضورها القوي والراقي. وعلى الرغم من أنها لم تكن مهتمة كثيرا بالموضة بطبيعتها، إلا أنها فتحت ذراعيها أمام القوة التحويلية للأزياء، وأثبتت أن الأناقة غير مرتبطة فقط بالصيحات بل بفرض حضورك بأصالة وثقة.

إضـــافــــــة إلى ذلك، أكـــــــنّ أعجــــابـــــا كبـــيـــــرا لأسلـــــــوب "جمانا الراشد"، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام. فهي تستخدم الأناقة كامتداد لحضورها القوي، وقد حظيت بشرف العمل معها في الكثير من المناسبات، بما في ذلك مهرجان "كان"، ومع كل إطلالة، كان هدفي هو التأكيد على قوتها وتأثيرها.

وطبعا هناك الملكة "رانيا" الأنيـــقــــة والـــذكيـــة، والتي تدعم المصممين العرب وتحافظ على أسلوبها الملوكي والعصري في آن معا، فتعرف ما يليق بها، وهذا المستوى من الوعي الذاتي في عالم الموضة قوي بالفعل.
ولا أنسى النجـــمــــة المـــوهـــوبــــة "بلقــيــس" التي تنتقل بسلاسة بين الأساليـــــب الجــــريئــــة والرومـــانسـية، وتطّل دائما بشكل لافت.
سواء كنت أنسّق أزياء شخصية معروفة أو موهبة ناشئة، تبــــقـــى الثـــقـــة هي الأساس. الــــنـــســــاء النــــافـذات قد رسّخن حــــضــــورهـــــن، وذلك يجـــعـلهن مرجعا للجــــيــــل التـــــــــــالي. أما النجـــمـــــات الصــــاعــــــدات، فيـــعــتـــمـــدن على منسّـــــقـــــي أزيائهن للمساعدة في صياغة صورتهن العامة. عندما يثقن في هذه العملية التعاونية، يكتشفن أبعادا جديدة لأسلوبهن وبالتالي لثقتهن بأنفسهن.

الموضة أداة لتعزيز الثقة بالنفس

الهدف الأكبر للأزياء هو جعل المرأة تشعر بأنها في أفضل حالاتها. حين تفتح المرأة خزانتها وتشعر بالحماس لارتداء ملابسها، تكون قد ربحت يومها منذ تلك اللحظة. الثقة بإطلالتك تتحول إلى ثقتك بحضورك أينما كنت! يجب أن تكون الموضة شيئا يمكّنك وليس شيئا يخيفك. والمفتاح هو اختيار القطع التي تتماشى مع هويتك، وعندما تحتارين، اطلبي نصيحة الخبراء. في بعض الأحيان، يمكن لتغيير بسيط في خزانتك أن يطلق العنان لمستوى من الثقة والاكتشاف الذاتيين لم تعرفي أنك تمتلكيه من قبل.

أفكار أخيرة

تمكين المرأة من خـــلال المـــوضــــــة لا يركـــــز على الصيحات والتقلـــبات، بل على فرديــتــــهــــا وثــقــتــهــــا وتعبــيـــرها عن ذاتها. لكل امرأة قصة فريدة، وتسمح لها الأزياء بأن ترويها على طريقتها الخاصة. وبصفتي منسق أزياء، تتمثل مهمتي في مساعدة النــســـــاء على اكتـــشــــاف أصواتـــهــن من خلال الأناقة، وجعلهن يشعرن بالقوة، والاحتفاء بحقيقتهن. فعندما تشعر المرأة بأنّها متمكّنة فيما ترتديه، لا شيء يستطيع إيقافها.