هل يدمر كورونا نفسه بنفسه؟ دراسة تجيب عن هذا السؤال

كثيرة هي التمنيات والأدعية التي خرجت من قلوب وأفواه الملايين من البشر حول العالم، في محاولة حثيثة للتخلص من كابوس فيروس كورونا وانتهائه في وقت قريب. وكثيرة هي الآمال التي عقدها هؤلاء على قرب انتهاء جائحة كوفيد-19 بعد تطبيق الإجراءات الإحترازية وبدء حملات التطعيم التي شهدت تفاوتاً كبيراً بين دول أنجزت نسبة عالية من التلقيح مثل دولة الإمارات، ودول أخرى لم تتخط بعد الحد الأدنى المطلوب من حملات التطعيم الضرورية لحماية المجتمع من عدوى كورونا.

حملات التلقيح ما زالت مستمرة حول العالم للحد من انتشار فيروس كورونا

ويبدو أن التمنيات وجهود الطب الحديث، ما زالت تقف عاجزة أمام تحورات وطفرات فيروس كورونا التي تحصل منذ ظهور الفيروس التاجي أول مرة أواخر العام 2019 في ووهان الصينية. وآخرها متحور "لامبدا" الذي تحدثنا بإسهاب عنه بالأمس، والذي يعد أكثر خطورة من متحور "دلتا" لجهة مقاومته للأجسام المضادة الناتجة عن تلقي اللقاح أو جراء الشفاء من فيروس كورونا، إضافة لخاصية التصاقه بخلايا الجسم بشكل غريب.

إلا أن بارقة الأمل ما زالت تلوح في الأفق، من خلال دراسة قام بها باحثون أمريكيون تتحدث عن إمكانية استخدام فيروس كورونا ضد نفسه والقضاء عليه.

فما هي تفاصيل هذه الدراسة الواعدة، وهل يمكن فعلاً التخلص من فيروس كورونا عما قريب؟ هذا ما نكتشفه سوياً في موضوعنا اليوم.

تدمير فيروس كورونا نفسه بنفسه

دراسة جديدة تحدثت عن امكانية تدمير فيروس كورونا نفسه بنفسه

على مبدأ "وداوني بالتي كانت هي الداء"، أثبتت نتائج دراسة قام بها باحثون من جامعة ستانفورد الأمريكية أنه بالإمكان استخدام فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض كوفيد-19 ضد نفسه والقضاء عليه.

وأفاد موقع "العربية.نت" نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، تفاصيل عن الدراسة التي نشرت نتائجها في دورية "بيرج"، أجريت مطلع الشهر الحالي من خلال إنشاء نسخة اصطناعية معيبة من الفيروس. وقام الباحثون بتجميع أجزاء من الجينوم الفيروسي التي لا ترمز لأي بروتين وظيفي، لكنها تساعد الجينوم على التكاثر.

ويعمد هذا الجينوم الاصطناعي المعيب للتكاثر ثلاث مرات أسرع من الفيروس الأصلي في الخلايا المصابة بالعدوى ويتداخل معها، ما يقلل من الحمل الفيروسي للخلايا المصابة بمقدار النصف في 24 ساعة.

وينتقل الجينوم الاصطناعي بكفاءة عالية مثل الجينوم الخاص بالفيروس الأصلي، ما يعني إمكانية استخدام نسخة من هذا التركيب كعلاج مضاد للفيروسات.

والمعروف أن الفيروسات تزدهر من خلال استغلال الخلايا التي تصيبها، لكن من أجل التكاثر وإصابة الخلايا الأخرى، يتحتم عليها إنتاج بروتينات فيروسية. ونتيجة لذلك، تكون الفيروسات عرضة كذلك الأمر للإستغلال من خلال نسخ معيبة من نفسها لا تنتج مثل هذه البروتينات.

ولا يزال بإمكان جينوم فيروسي معيب، التكاثر في الخلايا المصابة بالفيروسات، كما يستطيع هذا الجينوم المعيب أن يتكاثر بشكل أسرع نظراً لحجمه الأقصر، مما يتداخل مع تكاثر الفيروس.

تفاصيل الدراسة

هل يدمر كورونا نفسه بنفسه

خلال تجارب الدراسة، عمد الباحثون لإدخال جينو إصطناعي معيب في خلايا القرد الأخضر الإفريقي المصابة بالفيروس الأصلي، ثم قاموا بتحديد الكميات النسبية للجينومات الاصطناعية بالمقارنة مع جينوم الفيروس الأصلي في الخلايا على مدار نقاط زمنية، وهو ما أعطى مؤشراً على الوقت الذي استغرق لتداخل الجينوم الاصطناعي مع جينوم الفيروس الأصلي.

وفي نهاية التجربة، خلص الباحثون إلى أن مدة 24 ساعة كانت كافية لتقليل الجينوم الاصطناعي من كمية الفيروس الأصلي بمقدار النصف تقريباً، مقارنة بكمية الفيروس في تجارب التحكم. كما وجدوا أن الجينوم الاصطناعي يزداد بمقدار 3.3 مرة أسرع من الفيروس الأصلي.

وبحسب ماركو أرتشيتي، أستاذ مشارك في علم الأحياء بجامعة بنسلفانيا، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ستانفورد في 6 يوليو الجاري: "في حين أن الانخفاض بنسبة 50% في حمل الفيروس الذي لاحظناه على مدار 24 ساعة لا يكفي للأغراض العلاجية، فمن الأرجح أنه مع زيادة الجينومات الاصطناعية في الخلية، فإن الانخفاض في كمية الفيروس الأصلي سيؤدي لزوال كل من الفيروس الأصلي والجينوم الاصطناعي، إذ لا يمكن استمرار الجينوم الاصطناعي بمجرد دفع الفيروس من النوع البري إلى الانقراض".

مضيفاً: "هناك حاجة للمزيد من التجارب للتحقق من إمكانات الجينوم الاصطناعي لفيروس كورونا المستجد كعلاج مضاد للفيروسات، ما يعين أنه بالإمكان تكرار التجارب في خطوط خلايا الرئة البشرية، وضد بعض المتغيرات الأحدث من كورونا المستجد".

كما أشار أرشيتي إلى ضرورة ابتكار طريقة توصيل فعالة، حيت عمد الباحثون لاستخدام الجسيمات النانوية كناقل توصيل في تجاربهم، معتبراً أنه "مع بعض الأبحاث الإضافية والضبط الدقيق، يمكن استخدام نسخة من الجينوم الاصطناعي كعلاج دائم ذاتياً لكوفيد-19".