تعانين من الصداع المتكرر في رمضان.. إليك الحلول الفعالة

تعانين من الصداع المتكرر في رمضان.. إليك الحلول الفعالة

جمانة الصباغ

مع عودة شهر رمضان المبارك وأيامه الفضيلة هذا العام، يعود شعورنا بالروحانية والرغبة أكثر في التقرب لله واكتساب مغفرته من خلال الصلاة والصيام والدعوات والأعمال الخيَرة.

وكلنا يعلم أن الصيام في رمضان مشقةٌ كبيرة لها أجرها؛ لكن البعض قد يعاني بشدة من هذه الفريضة، خاصةً فيما يتعلق ببعض المشاكل الصحية التي تظهر مع بدايات الشهر وقد تستمر خلاله. والمقصود هنا الصداع الذي يعاني منها الكثير من الصائمين بسبب الانقطاع عن الأكل والشرب لساعات طويلة، ما يُسبَب الجفاف وآلام الرأس التي تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة.

الصداع في بداية الصيام أمرٌ طبيعي بسبب عدم الأكل ، وكذلك التوقف عن تناول المشروبات المختلفة مثل الماء والقهوة وغيرها؛ لكن تكراره خلال أيام الصيام قد يُشكَل مشكلةً صحية ينبغي التنبه لها وعلاجها.

في موضوعنا اليوم، نتطرق لأسباب الصداع في رمضان وحدوثه عدة مرات، وكيفية التخلص منه باتباع بعض النصائح الطبية.

شرب الماء بكميات كافية للتخلص من الصداع في رمضان
شرب الماء بكميات كافية للتخلص من الصداع في رمضان

أسباب الصداع في رمضان

من بين أكثر الشكاوى التي يسجلها الصائمون خلال شهر رمضان، يأتي الصداع في المقدمة بجانب العطش؛ ويتنوع الصداع بين الخفيف والمتوسط والشديد، وبين الصداع الذي يشمل جهةً واحدةً من الرأس كالصداع النصفي، أو الصداع الذي يلف الرأس كله.

وبما أن تناول الأدوية لتخفيف حدة الصداع غير ممكنة أثناء الصيام، كونها تُفطر الصائم، لا بد من البحث عن حلول أخرى لعلاج هذه المشكلة. مع الإشارة إلى أن الصداع القوي والمصحوب بالغثيان والتقيؤ والتعب الشديد، يتطلب من الصائم الإفطار فورًا كي لا تزداد حالته الصحية سوءًا.

والصداع في الأيام الأولى من رمضان أمرٌ شائعٌ للغاية، كما أفاد الدكتور فرحات فضلون في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"؛ مشيرًا إلى أن معظم الصائمين قد يعانون من الصداع قبل موعد الإفطار.

ويضيف أخصائي العلاج الطبيعي أن الانتقال من الحياة العادية إلى مرحلة الصيام؛ أي التوقف عن الأكل والشرب خاصةً المنبَهات لوقت طويل، يمكن أن يؤدي للإصابة بالصداع. لكن علاج هذه المشكلة ممكنٌ باتباع بعض الطرق البسيطة والسهلة التي يوفرها نظام غذائي دقيق.

وتفاصيل هذا النظام أفاد بها الدكتور فضلون بالتالي:

  • التركيز على الطعام الصحي والمتوازن الذي يجب أن يحتوي على البروتينات والدّهون الصّحية، بالإضافة لكميات كافية ومعتدلة من الكربوهيدرات والسّكر والنشويات.
  • الحرص على شرب الماء بمقدار 10 أكواب على الأقل بين وجبتي الإفطار والسحور، إضافة للسوائل الصحية الأخرى.
  • عدم إهمال وجبة السحور، لأهميتها الكبيرة للصائمين؛ كونها تمدَ الجسم بالطاقة التي يحتاج إليها خلال ساعات الصيام الطويلة.
  • ضرورة النوم لساعات كافية كل ليلة، على أن لا تقل عن 7 ساعات يوميًا لتفادي الأرق والإجهاد.
تناول وجبات صحية ومتوازنة يسهم في التخلص من الصداع في رمضان
تناول وجبات صحية ومتوازنة يسهم في التخلص من الصداع في رمضان

نصائح للوقاية من الصداع المتكرر خلال شهر رمضان

عرضنا آنفًا للنصائح الواجب اتباعها في حال الإصابة بالصداع خلال الصيام في رمضان عدة مرات؛ لكن ماذا عن مشكلة تكرار حدوث الصداع في رمضان.

يؤكد الدكتور عماد إستيماليك، رئيس قسم علاج الصداع وآلام الوجه في معهد الأعصاب بمستشفى كليفلاند كلينك أن الجفاف وقلة النوم وانسحاب الكافيين والنيكوتين من الجسم، من بين العوامل التي يمكن أن تُسبَب الصداع أثناء الصيام خلال شهر رمضان. ولكن هناك حلولٌ بسيطة يمكن أن تساعد في معالجة هذه المشكلات. موضحًا

وقال اختصاصي طب الصداع: "يجب على الأفراد المُعرَضين للإصابة بالصداع أو الصداع النصفي المتكرر خلال شهر رمضان، اتخاذ خطوات فعالة لتجنب العوامل المعروفة المُسبَبة للصداع، إضافة إلى اتباع مجموعة من العادات الإيجابية مثل ممارسة التمارين الرياضية وتحسين جودة النوم، للمساعدة في الوقاية من الصداع ومتابعة صيامهم على نحو صحي."

وأشار الدكتور إستيماليك إلى أن حوالي 16-20٪ من النساء و6-8٪ من الرجال يعانون من الصداع النصفي بشكل منتظم؛ وبالنسبة لهؤلاء الأفراد على وجه الخصوص، من المهم تجنَب الأطعمة التي قد تكون سبباً وراء هذا النوع من الصداع عند الإفطار.

وأضاف الدكتور إستيماليك: "تشمل الأطعمة المعروفة بإثارة الصداع النصفي، الوجبات التي تحتوي على الغلوتامات أحادية الصوديوم (MSG) – والتي غالباً ما توجد في الوجبات السريعة والمعكرونة سريعة التحضير والوجبات الخفيفة، على سبيل المثال - بالإضافة إلى أكسيد النيتريك الموجود عادة في الشوكولاتةً واللحوم المُصنَعة وبعض الخضار الورقية الخضراء، وغيرها من الأطعمة. وعادةً ما يحدد الأفراد بأنفسهم الأطعمة التي تُسبَب لهم الصداع النصفي والكميات التي يمكنهم تحملها، ولكن يُنصح بتجنب هذه الأطعمة تماماً كونهم يتعاملون مسبقاً مع المُسبَبات المحتملة الأخرى للصداع النصفي مثل عدم تناول الطعام لفترات طويلة."

الدكتور عماد إستيماليك اخصائي طب الصداع من كليفلاند كلينك
الدكتور عماد إستيماليك اخصائي طب الصداع من كليفلاند كلينك

الجفاف والكافيين أسبابٌ إضافية للصداع في رمضان

ولفت الدكتور إستيماليك إلى أن الجفاف يمكن أن يؤدي أيضاً إلى التسبب بالصداع، ويجب على الصائمين أن يحرصوا على شرب كميات كافية من السوائل في الفترة بين الإفطار والسحور، وشرب السوائل بكميات أكبر عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة. ويُعدَ الماء الخيار الأفضل دائمًا، ولكن يجب على الأفراد الانتباه أيضاً إلى الكميات التي يستهلكونها من الكافيين.

وتابع الدكتور إستيماليك: "يمكن أن يؤدي تقليل كميات الكافيين التي يستهلكها الشخص عادةً من خلال تناول القهوة أو الشاي أو مشروبات الصودا، إلى ظهور أعراض انسحاب الكافيين من الجسم والتي تشمل الصداع. ويمكن أن يساعد استهلاك الكميات الصحيحة من الكافيين في الوقاية من الصداع النصفي أيضًا. ومع ذلك، فإن الإفراط في تناول الكافيين يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالصداع والصداع النصفي؛ لذلك دائمًا ما ننصح الأشخاص عموماً بتناول 100 ملغ من الكافيين يوميًا، أي حوالي كوب واحد من القهوة، وعدم تجاوز هذه الكمية."

وبيّن الدكتور إستيماليك إلى أن أحد العوامل الأخرى التي يمكن أن تُسبَب الصداع أثناء الصيام هو انسحاب النيكوتين، لافتاً إلى أن شهر رمضان يُشكَل فرصةً مثالية للإقلاع عن التدخين تمامًا، أو البدء في تقليل عدد السجائر التي يدخنها الشخص يومياً، حتى يتمكن من الإقلاع عن التدخين تدريجيًا. وبالإضافة إلى الفوائد الصحية المعروفة للإقلاع عن التدخين، يرتبط التدخين أيضاً بما يُعرف بالصداع العنقودي؛ لذا فإن الإقلاع عن التدخين يمكن أن يساعد في تقليل احتمالية الإصابة بالصداع بشكل عام.

خطوات إيجابية للتخلص من الصداع في رمضان

يستمر الدكتور إستيماليك في تقديم النصائح للصائمين في رمضان للتخلص من الصداع المزعج، مشيرًا إلى بعض الخطوات الإيجابية التي يمكن للأفراد اتخاذها للوقاية من الصداع أثناء الصيام، والتي تشمل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتنشيط عملية التمثيل الغذائي (الأيض). ويُنصح الأفراد بالمشي أو أداء التمارين الهوائية أو أي تمرين آخر بعد حوالي ساعتين من الإفطار. بالإضافة إلى ذلك، يُنصَح بالإفطار بشكل تدريجي، بدلًا من تناول وجبة دسمة مباشرةً، وكذلك التأكد من الحصول على قسط كافٍ من النوم خلال شهر رمضان.

وحذّر الدكتور إستيماليك من التناول المفرط لمُسكنات الآلام قائلًا: "عندما يشعر الأفراد بالصداع، فغالبًا ما يلجؤون إلى تناول مُسكنات الألم بعد الإفطار؛ ولكن الاستخدام المُفرط لهذه المُسكنات قد يكون أيضاً مُحفَزاً ومُسبَباً للصداع. وإذا تناول الأشخاص مُسكنات الألم التي لا تتطلب وصفة طبية أكثر من مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، فإنهم يتعرضون لخطر الإصابة بالصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية، والمعروف أيضاً باسم الصداع الارتدادي. لذلك، إذا كان الشخص يعاني من صداع متكرر أو صداع نصفي، فمن الأفضل استشارة طبيب مختص للحصول على الاستراتيجيات الوقائية التي تتناسب مع حالته بشكل أفضل".

ختام القول، أن الصيام في رمضان يمكن أن يتخلله بعض المُنغصات مثل الصداع وتكرار حدوثه. لذا ينصحك الخبراء عزيزتي بوجوب الالتزام بنمط غذائي وحياتي صحي، واستشارة الطبيب في حال تكرار الاصابة بالصداع العادي أو الصداع النصفي.